التفسير:
سورة أنـزلناها أي: هذه سورة أنزلناها. قوله:
ومعنى {وفرضناها} : فرضنا العمل بما فيها، ومن شدد; فمعناه: بيناها، وقيل: فصلناها.
ومعنى قوله فاجلدوهم ثمانين جلدة أي: اجلدوا كل واحد منهم.
وقوله: ويدرأ عنها العذاب أي: يدفع.
وقوله: ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم أي: لنال الكاذب منكم عذاب عظيم; فحذف; لدلالة المعنى عليه، وتقدم ذكر كل ما لم أذكره ههنا في الأحكام.
[ ص: 522 ] وقوله: إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم نزلت هذه الآية في رضي الله عليها، حين تكلم فيها أهل الإفك، وهو خبر مشهور أغنى اشتهاره عن ذكره. عائشة
و إن الذين جاءوا بالإفك : قيل: هم عبد الله بن أبي، وحسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش، و والذي تولى كبره منهم : عبد الله بن أبي، قاله وغيره. ابن عباس،
وعن رضي الله عنها: أنه عائشة وأنها قالت حين ذهب بصره: لعل العذاب العظيم الذي أوعده الله به ذهاب بصره، وروي عنها أيضا: أنه حسان بن ثابت، عبد الله بن أبي.
وقوله: لا تحسبوه شرا لكم : الخطاب وأهلها، لعائشة، وصفوان.
وقوله: لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا الآية: هذا عتاب من الله ـ تعالى ـ للمؤمنين في ظنهم حين قال أصحاب الإفك ما قالوه.
[ ص: 523 ] قال المعنى: هلا ظن المؤمنون أن المؤمن لا يفجر بأمه. ابن زيد:
وقوله: إذ تلقونه بألسنتكم : قال وغيره: أي: يرويه بعضكم عن بعض. مجاهد،
ومن قرأ: {تلقونه} ; فهو من (ولق الكذب) ، يقال: (ولق يلق) ; إذا أسرع في الكذب.
ومن قرأ: {تلقونه} ; فالمعنى: تلقونه من أفواهكم.
وقوله: يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا : قال أي: ينهاكم. مجاهد:
وقوله: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة يعني: الزنا.
وقوله: ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا : قال لمعنى: ما اهتدى أحد من الخلق لشيء ينتفع به، ولا لشيء من الشر يدفعه عن نفسه. ابن عباس:
المعنى: ما أسلم منكم أحد أبدا، قال: وكل شيء في القرآن {زكا} و {تزكى} [طه:76]; فهو الإسلام. ابن زيد:
وقوله: ولا يأتل أولو الفضل منكم الآية، {يأتل} : (يفتعل) ، من (الألية) ، روي ذلك عن وغيره، وقال [ ص: 524 ] ابن عباس المعنى: لا تقسموا ألا تنفعوا أحدا. ابن عباس:
قالت رضي الله عنها: كان عائشة أبو بكر ينفق على مسطح; لقرابته، وفقره، فقال: والله لا أنفق عليه بعد ما قال في فنزلت الآية; فقال عائشة; أبو بكر رضي الله عنه حين نزلت: والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فالتقدير على هذا: ولا يحلف أولو الفضل منكم; كراهة أن يؤتوا أولي القربى.
وقيل: المعنى: ولا يقصر أولو الفضل [منكم ، من قولهم: (ما ألوت في كذا) ; أي ما قصرت ; والمعنى: ولا يقصر أولو الفضل منكم عن أن يؤتوا أولي القربى.
وقوله: إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة : هذا وعيد عام في قول وغيره; إن الذين يرمون الأنفس المحصنات، وقد روي عن ابن عباس أيضا أنه قال: هو مخصوص في أمهات المؤمنين، وقاله ابن عباس الضحاك.
هو في ابن جبير: خاصة. عائشة
وقوله: يوم تشهد عليهم ألسنتهم : قيل: معناه: ألسنة أنفسهم، وقيل: ألسنة بعضهم على بعض.
[ ص: 525 ] وقوله: يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق أي: حسابهم وجزاءهم.
وقوله: الخبيثات للخبيثين الآية: قال المعنى: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، وكذلك: ابن زيد: والخبيثون للخبيثات ، وكذلك والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات .
[مجاهد، وابن جبير، وعطاء: المعنى: الكلمات الخبيثات للخبيثين، وكذلك: والخبيثون للخبيثات ، والكلمات الطيبات للطيبين من الناس، وكذلك والطيبون للطيبات ].
وقيل: إن هذه الآية مبنية على قوله: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة الآية; فـ{الخبيثات} : الزاوني، و {الطيبات} : العفائف، وكذلك: {والخبيثون} و {الطيبون} .
وقوله: أولئك مبرءون مما يقولون : قيل: يعني به: الجنس، وقيل: عائشة وصفوان; فجمع; كما قال: فإن كان له إخوة [النساء:11].