الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      تقدم القول في {طسم} .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين : أي: لعلك قاتل نفسك; لتركهم الإيمان.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين : قيل: المعنى: لو شئنا لاضطررناهم

                                                                                                                                                                                                                                      بإهلاك كل من عصى.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: المعنى: لو شاء الله; لأنزل آية يذلون بها، فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 48 ] مجاهد: {أعناقهم} : كبراؤهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنما أراد أصحاب الأعناق; فحذف المضاف.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو زيد، والأخفش سعيد: {أعناقهم} : جماعاتهم; يقال: (جاء في عنق من الناس) ; أي: في جماعة.

                                                                                                                                                                                                                                      عيسى بن عمر: {خاضعين} و (خاضعة ) ههنا: سواء، وهو اختيار المبرد; والمعنى: أنهم إذا ذلت رقابهم ذلوا، فالإخبار عن الرقاب

                                                                                                                                                                                                                                      إخبار عن أصحابها.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في معنى فأنبتنا فيها من كل زوج كريم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وما كان أكثرهم مؤمنين يعني: من سبق في علم الله أنه لا يؤمن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإذ نادى ربك موسى أي: واذكر إذ نادى ربك موسى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قوم فرعون ألا يتقون : هذا من الإيماء إلى الشيء; لأنه أمره أن يأتي القوم الظالمين، ودل قوله: ألا يتقون على أنهم لا يتقون، وعلى أنه أمره أن يأمرهم بالتقوى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: قل لهم: ألا يتقون، وجاء بالياء; لأنهم غيب وقت الخطاب.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 49 ] وقوله: ويضيق صدري ولا ينطلق لساني يعني: العجمة التي كانت في فيه من جمرة النار.

                                                                                                                                                                                                                                      فأرسل إلى هارون أي: ليعينني.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولهم علي ذنب يعني: النفس التي قتل، عن مجاهد، وقتادة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قال كلا : ردع وزجر; والمعنى: ثق بالله، وانزجر عن خوفك منهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنا معكم مستمعون : قيل معناه: سامعون; لأن الاستماع إنما يكون بالإصغاء، ولا يوصف الباري عز وجل بذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: {معكم} : يجوز أن يكون لموسى وهارون; لأن الاثنين جماعة، ويجوز أن يكون لهما ولمن أرسلا إليه، ويجوز أن يكون لجميع بني إسرائيل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنا رسول رب العالمين : قال أبو عبيدة: {رسول} بمعنى: رسالة; والتقدير على هذا: إنا ذوا رسالة رب العالمين، قال الهذلي: (من المتقارب)


                                                                                                                                                                                                                                      ألكني إليها وخير الرسو ل أعلمهم بنواحي الخبر

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل المعنى: أن كل واحد منا رسول رب العالمين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أن أرسل معنا بني إسرائيل أي: أطلقهم، وخل سبيلهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين يعني بـ (الفعلة) : قتل

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 50 ] النفس، عن مجاهد وغيره. ومعنى من الكافرين : من الكافرين لنعمتي، قاله ابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن: أي: من الكافرين بي أني إلهك.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي: من الكافرين بالله; لأنك كنت على ديني هذا الذي تعيبه.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك: من الكافرين بقتلك النفس.

                                                                                                                                                                                                                                      فنفى عن نفسه الكفر، وأخبر أنه فعل ذلك على الجهل; يعني: قوله: وأنا من الضالين ، وكذا قال مجاهد: من الضالين : من الجاهلين.

                                                                                                                                                                                                                                      (الفراء: من الكافرين الساعة) .

                                                                                                                                                                                                                                      (ابن زيد: من الجاهلين) بأن الوكزة تبلغ القتل.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة: من الناسين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية