الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 51 ] وقوله: فوهب لي ربي حكما يعني: النبوة، عن السدي وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج: تعليمه التوراة التي فيها حكم الله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل : قيل: إنه خبر، جواب لفرعون إذ قال: ألم نربك فينا وليدا ، فقال له: وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل وتركتني; فـ (أن) : بدل من {نعمة} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل التقدير: لأن عبدت بني إسرائيل; فأنت تمن علي بما لا يجب أن تمن به.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: أن عبدت بني إسرائيل فكلفتهم تربيتي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن معناه: الاستفهام; والتقدير: أوتلك نعمة تمنها علي؟ قاله الفراء، وأنكره النحاس، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قال فرعون وما رب العالمين : سأل فرعون بـ {ما} عن الجنسية، فأجابه موسى (عليه السلام) بدلالة أفعاله حين كان سؤاله فاسدا; إذ كان الله عز وجل ليس بجنس من الأجناس المعلومة; لأن الأجناس محدثة، فقال فرعون لمن حوله:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 52 ] ألا تستمعون ؟ فنبههم على جوابه إياه على غير سؤاله، فزاده موسى في البيان، فقال: ربكم ورب آبائكم الأولين ، فنسبه فرعون إلى الجنون; لجوابه إياه على غير سؤاله، فزاده موسى في البيان فقال: رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ، فقال له فرعون حينئذ: لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ، فقال موسى: أولو جئتك بشيء مبين : (أي: أتسجنني ولو جئتك بشيء مبين؟) فقال له: فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه ، وقد تقدم ذكر العصا واليد في غير هذا الموضع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قالوا لا ضير أي: لا ضير علينا فيما يلحقنا من عذاب الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين أي: لأن كنا أول المؤمنين عند ظهور الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء: أول مؤمني زماننا، وأنكره الزجاج، وقال: قد روي: أنه آمن معه ست مئة ألف، وسبعون ألفا; وهم الشرذمة القليلون الذين قال فيهم فرعون: إن هؤلاء لشرذمة قليلون ، روي ذلك عن ابن مسعود وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 53 ] واتبع فرعون موسى- فيما روي عن ابن عباس وغيره - في ألف ألف حصان سوى الإناث، وقد تقدم خبره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإنا لجميع حاذرون أي: مستعدون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فأخرجناهم من جنات وعيون يعني: من أرض مصر.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عمر: كانت الجنات بحافتي النيل في الشقين جميعا، من أسوان إلى رشيد، وبين الجنات زروع، وللنيل سبعة خلجان، قد ذكرت أسماءها في "الكبير"، قال: و (المقام الكريم) : المنابر، ويروى: أنه كان بأرض مصر ألف منبر.

                                                                                                                                                                                                                                      و (المقام) في اللغة: يكون الموضع، ويكون مصدرا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن لهيعة: سمعت أن (المقام الكريم) الفيوم، وقيل: هو مجالس الرؤساء والأمراء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كذلك وأورثناها بني إسرائيل : قال الحسن وغيره: رجع بنو إسرائيل إلى مصر بعد هلاك فرعون وقومه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فأتبعوهم مشرقين يعني: عند شروق الشمس.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة: ناحية المشرق; ومعنى الكلام: قدرنا أن يرثها بنو إسرائيل،

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 54 ] فأتبع قوم فرعون بني إسرائيل مشرقين، فهلكوا، وورث بنو إسرائيل بلادهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فكان كل فرق كالطود العظيم : (الطود ) : الجبل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأزلفنا ثم الآخرين أي: قربناهم إلى البحر; فرعون وقومه، قاله ابن عباس وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة: {أزلفنا} : جمعنا، ومنه قيل لليلة المزدلفة: (ليلة جمع).

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم خبر غرق فرعون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين أي: مقيمين على عبادتها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قال هل يسمعونكم إذ تدعون أي هل يسمعون دعاءكم؟

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة: المعنى: هل يسمعون لكم؟

                                                                                                                                                                                                                                      أبو حاتم: هل يسمعون أصواتكم؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون : حادوا بهذا الجواب عن السؤال، ورجعوا إلى التقليد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإنهم عدو لي إلا رب العالمين : قيل: الاستثناء متصل; لأنهم كانوا يعبدون الله تعالى مع الأصنام.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 55 ] وقيل: هو منقطع، و {عدو} بمعنى: أعداء; والمعنى: فإنهم عدو لي يوم القيامة لو عبدتهم في الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو مقلوب; والمعنى: فإني عدو لهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين (الطمع) بمعنى: اليقين، وقيل: هو على بابه، والمراد به: المؤمنون سواه.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: يعني بـ(خطيئته) : قوله: بل فعله كبيرهم هذا ، وقوله: إني سقيم ، وقوله: إن سارة أخته.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: رب هب لي حكما : قيل: المعنى: أرسلني إلى خلقك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: واجعل لي لسان صدق في الآخرين : قال ابن عباس: هو اجتماع الأمم عليه، مجاهد: الثناء الحسن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إلا من أتى الله بقلب سليم أي: سليم من الشك، عن قتادة وابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك: (السليم ) : الخالص.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية