[ ص: 51 ] وقوله: فوهب لي ربي حكما يعني: النبوة، عن السدي وغيره.
الزجاج: تعليمه التوراة التي فيها حكم الله.
وقوله: وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل : قيل: إنه خبر، جواب لفرعون إذ قال: ألم نربك فينا وليدا ، فقال له: وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل وتركتني; فـ (أن) : بدل من {نعمة} .
وقيل التقدير: لأن عبدت بني إسرائيل; فأنت تمن علي بما لا يجب أن تمن به.
وقيل: المعنى: أن عبدت بني إسرائيل فكلفتهم تربيتي.
وقيل: إن معناه: الاستفهام; والتقدير: أوتلك نعمة تمنها علي؟ قاله الفراء، وأنكره النحاس، وغيره.
وقوله: قال فرعون وما رب العالمين : سأل فرعون بـ {ما} عن الجنسية، فأجابه موسى (عليه السلام) بدلالة أفعاله حين كان سؤاله فاسدا; إذ كان الله عز وجل ليس بجنس من الأجناس المعلومة; لأن الأجناس محدثة، فقال فرعون لمن حوله:
[ ص: 52 ] ألا تستمعون ؟ فنبههم على جوابه إياه على غير سؤاله، فزاده موسى في البيان، فقال: ربكم ورب آبائكم الأولين ، فنسبه فرعون إلى الجنون; لجوابه إياه على غير سؤاله، فزاده موسى في البيان فقال: رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ، فقال له فرعون حينئذ: لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ، فقال موسى: أولو جئتك بشيء مبين : (أي: أتسجنني ولو جئتك بشيء مبين؟) فقال له: فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه ، وقد تقدم ذكر العصا واليد في غير هذا الموضع.
وقوله: قالوا لا ضير أي: لا ضير علينا فيما يلحقنا من عذاب الدنيا.
وقوله: إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين أي: لأن كنا أول المؤمنين عند ظهور الآية.
الفراء: أول مؤمني زماننا، وأنكره الزجاج، وقال: قد روي: أنه آمن معه ست مئة ألف، وسبعون ألفا; وهم الشرذمة القليلون الذين قال فيهم فرعون: إن هؤلاء لشرذمة قليلون ، روي ذلك عن ابن مسعود وغيره.
[ ص: 53 ] واتبع فرعون موسى- فيما روي عن ابن عباس وغيره - في ألف ألف حصان سوى الإناث، وقد تقدم خبره.
وقوله: وإنا لجميع حاذرون أي: مستعدون.
وقوله: فأخرجناهم من جنات وعيون يعني: من أرض مصر.
قال ابن عمر: كانت الجنات بحافتي النيل في الشقين جميعا، من أسوان إلى رشيد، وبين الجنات زروع، وللنيل سبعة خلجان، قد ذكرت أسماءها في "الكبير"، قال: و (المقام الكريم) : المنابر، ويروى: أنه كان بأرض مصر ألف منبر.
و (المقام) في اللغة: يكون الموضع، ويكون مصدرا.
وقال ابن لهيعة: سمعت أن (المقام الكريم) الفيوم، وقيل: هو مجالس الرؤساء والأمراء.
وقوله: كذلك وأورثناها بني إسرائيل : قال الحسن وغيره: رجع بنو إسرائيل إلى مصر بعد هلاك فرعون وقومه.
وقوله: فأتبعوهم مشرقين يعني: عند شروق الشمس.
أبو عبيدة: ناحية المشرق; ومعنى الكلام: قدرنا أن يرثها بنو إسرائيل،
[ ص: 54 ] فأتبع قوم فرعون بني إسرائيل مشرقين، فهلكوا، وورث بنو إسرائيل بلادهم.
وقوله: فكان كل فرق كالطود العظيم : (الطود ) : الجبل.
وقوله: وأزلفنا ثم الآخرين أي: قربناهم إلى البحر; فرعون وقومه، قاله ابن عباس وغيره.
أبو عبيدة: {أزلفنا} : جمعنا، ومنه قيل لليلة المزدلفة: (ليلة جمع).
وتقدم خبر غرق فرعون.
وقوله: قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين أي: مقيمين على عبادتها.
وقوله: قال هل يسمعونكم إذ تدعون أي هل يسمعون دعاءكم؟
أبو عبيدة: المعنى: هل يسمعون لكم؟
أبو حاتم: هل يسمعون أصواتكم؟
وقوله: قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون : حادوا بهذا الجواب عن السؤال، ورجعوا إلى التقليد.
وقوله: فإنهم عدو لي إلا رب العالمين : قيل: الاستثناء متصل; لأنهم كانوا يعبدون الله تعالى مع الأصنام.
[ ص: 55 ] وقيل: هو منقطع، و {عدو} بمعنى: أعداء; والمعنى: فإنهم عدو لي يوم القيامة لو عبدتهم في الدنيا.
وقيل: هو مقلوب; والمعنى: فإني عدو لهم.
وقوله: والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين (الطمع) بمعنى: اليقين، وقيل: هو على بابه، والمراد به: المؤمنون سواه.
مجاهد: يعني بـ(خطيئته) : قوله: بل فعله كبيرهم هذا ، وقوله: إني سقيم ، وقوله: إن سارة أخته.
وقوله: رب هب لي حكما : قيل: المعنى: أرسلني إلى خلقك.
وقوله: واجعل لي لسان صدق في الآخرين : قال ابن عباس: هو اجتماع الأمم عليه، مجاهد: الثناء الحسن.
وقوله: إلا من أتى الله بقلب سليم أي: سليم من الشك، عن قتادة وابن زيد.
الضحاك: (السليم ) : الخالص.


