[ ص: 134 ] التفسير:
إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا أي: فرقا. قوله تعالى:
ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض يعني: بني إسرائيل.
ونجعلهم أئمة أي: ولاة.
ونجعلهم الوارثين أي: يرثون فرعون وقومه.
ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون يعني: ما حذروه من أمر موسى.
وقوله: وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه قيل: كانت رؤيا رأتها، وقال قذف في قلبها. قتادة:
قال أرضعته أربعة أشهر، فلما اشتد وصاح، قذفته في اليم. ابن جريج:
وقوله: فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا : قال ذلك لما كان التقاطهم إياه يؤدي إلى كونه لهم عدوا وحزنا.
وقوله: وقالت امرأت فرعون قرت عين لي ولك : قيل: قالت ذلك يوم التقط، وقيل: يوم نتف موسى لحية فرعون، وأراد فرعون قتله.
و قرت عين : مأخوذ من (القر ); والمعنى: لم تسخن بالبكاء .
وقوله: وهم لا يشعرون أي: لا يشعرون أن هلاكهم يكون على يديه، وقيل: المعنى: وبنو إسرائيل لا يشعرون.
وقوله: وأصبح فؤاد أم موسى فارغا : قال ابن مسعود، وابن عباس،
[ ص: 135 ] وغيرهما: أي: فارغا من كل شيء في الدنيا إلا من ذكر موسى.
الحسن، فارغا من وحينا، بنسيانها إياه. وابن زيد:
فارغا من الحزن. أبو عبيدة:
ناسيا ذاهلا. الكسائي:
عن ابن القاسم هو ذهاب العقل. مالك:
إن كادت لتبدي به : قال وغيره: كادت تقول: وابناه. ابن عباس
المعنى: إن كادت لتبدي بالوحي. ابن زيد:
لولا أن ربطنا على قلبها أي: شددنا وقوينا.
وقوله: وقالت لأخته قصيه أي: اتبعي أثره، عن ابن عباس ومجاهد.
وقوله: فبصرت به عن جنب أي: رأته عن بعد، عن وأصله: عن مكان جنب، وقيل معنى مجاهد، عن جنب : عن شوق، لغة لجذام، يقولون: (جنبت إلى لقائك ) ; أي: اشتقت إليك.
وقوله: وهم لا يشعرون أي: لا يشعرون أنها أخته.
وقوله: وحرمنا عليه المراضع من قبل : قيل: {المراضع} : جمع (مرضعة ) ; والتقدير: حرمنا عليه ارتضاع المراضع، أي: المرضعات، وقيل: هو جمع (مرضع )
[ ص: 136 ] الذي هو المصدر، جمع لاختلافه.
و (التحريم ) ههنا: المنع، روي: أنه لم يكن يقبل ثديا، وقيل: هو مقلوب، والمعنى: وحرمنا على المراضع رضاعه.
ومعنى قوله: من قبل : من قبل رده إلى أمه.
وقوله: فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون : قال استرابوها حين قالت ذلك، فقالت: إنما أردت: وهم للملك ناصحون، وتقدم ذكر خبره، وذكر (الأشد ) . ابن جبير:
وقوله آتيناه حكما وعلما أي: فهما، وعقلا، عن وقيل: يعني: النبوة. مجاهد،
وقوله: ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها : قال وغيره: وقت الظهيرة والناس نيام، وعن ابن عباس أيضا: بين العشاءين. ابن عباس
وقيل: كان يوم عيد لهم، اشتغلوا فيه باللهو.
و {المدينة} : مدينة مصر، وكان موسى عليه السلام أخرجه من المدينة. فرعون حين خاف
وقوله: فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه أي: أحدهما
[ ص: 137 ] قبطي، والآخر إسرائيلي; والمعنى: يقول من نظر إليهما: هذا إسرائيلي، وهذا قبطي.
وقوله: فوكزه موسى أي: وكز القبطي، قال بالعصا، وقال قتادة: بجمع كفه في صدره. مجاهد:
وكان قتالهما - فيما روي - في أمر الدين; فلذلك غضب موسى عليه السلام.
فقضى عليه أي: قتله.
وقوله: قال هذا من عمل الشيطان : هذا دليل على أن قتله كان خطأ.
وقوله: قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين أي: بما أنعمت علي بالمغفرة فلن أعين بعدها مجرما.
هو بمعنى الدعاء، المعنى: لا تجعلني ظهيرا للمجرمين. الكسائي:
وقوله: فأصبح في المدينة خائفا يترقب أي: يترقب الطلب، عن وقيل: خرج يستخبر الخبر، ولم يكن أحد علم بقتله القبطي غير الإسرائيلي. قتادة،
وقوله: فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه أي: يستغيث به.
قال له موسى إنك لغوي مبين : قال له ذلك لأنه كان سبب قتله القبطي.
وقوله: فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما الآية: قال أراد ابن جبير: موسى عليه السلام أن يبطش بالقبطي، فتوهم الإسرائيلي أنه يريده، لأنه أغلظ له في القول، فقال: أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ؟! فسمع القبطي الكلام، فأفشاه.
وقيل: أراد الإسرائيلي أن يبطش بالقبطي، فنهاه موسى، فخاف منه، فقال: أتريد أن تقتلني ؟
[ ص: 138 ] وقوله: وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى : قال هو قتادة: سمعون وقيل: مؤمن آل فرعون، سمعان.
وروي: أن موسى، فسبق إليه ذلك الرجل بالخبر. فرعون أمر بقتل
وقوله: إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك أي: يأمر بعضهم بعضا بقتلك، وقيل: يهمون بقتلك، يتشاورون. أبو عبيدة:
وقوله: ولما توجه تلقاء مدين أي: نحو مدين، وخرج إلى مدين للنسب الذي كان بينه وبينهم، لأن مدين من ولد إبراهيم، وموسى من ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل يعني: طريق مدين، وقيل: الطريق المؤدي إلى النجاة.
وقوله: ولما ورد ماء مدين : قال بين ابن عباس: مصر ومدين ثماني ليال.
وجد عليه أمة من الناس يسقون أي: يسقون غنمهم وإبلهم.
[ ص: 139 ] ووجد من دونهم امرأتين تذودان أي: تذودان غنمهما عن الماء، أي: تحبسانها، عن السدي.
تذودان الناس عن شأنهما. قتادة:
وقوله: قال ما خطبكما أي: ما شأنكما لا تسقيان؟
قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء أي: لا طاقة لنا على الاستقاء مع الرعاء، عن وغيره. ابن عباس
وأبونا شيخ كبير أي: لا يستطيع السقي.
وقوله: فسقى لهما : قال رضي الله عنه: رفع حجرا عن بئر لا يرفعه إلا عشرة رجال. ابن عمر
وقوله: فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير : قال أدركه جوع شديد، فسأل الطعام. ابن عباس:
فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قيل: جاءته ساترة وجهها بكم درعها.
وقوله: فلما جاءه وقص عليه القصص أي: أخبره قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين أي: ليس سلطان فرعون بأرضنا، عن ابن عباس.
قال والد المرأتين هو الحسن: شعيب، وعنه أيضا رجل أخذ الدين عن شعيب، وهو ابن عباس: يثرى، هو أبو عبيدة: يثرون ابن أخي شعيب.