الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يعملون له ما يشاء من محاريب أي: مساجد، عن الضحاك، مجاهد: (المحاريب) دون القصور.

                                                                                                                                                                                                                                      و (التماثيل): الصور، عن الضحاك وغيره، مجاهد: كانوا يعملونها له من النحاس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وجفان كالجواب (الجواب: الحياض، عن ابن عباس، مجاهد: هي حياض الإبل، وأصله: من (جبيت) ؛ أي جمعت.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقدور راسيات أي: ثابتات، عن قتادة، مجاهد: عظام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: اعملوا آل داود شكرا : قال الزهري: المعنى: قالوا الحمد لله.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: المعنى: اشكروه على ما أنعم به عليكم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 325 ] وقوله: فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته قال قتادة: كانت الجن تدعي علم الغيب، فلما مات سليمان، وخفي موته عليهم؛ تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب؛ ما لبثوا في العذب المهين.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن مسعود: أقام حولا والجن تعمل بين يديه، حتى أكلت الأرضة منسأته، فسقط، و (المنسأة): العصا، سميت بذلك؛ لأنها يؤخر بها الشيء، ويساق، من (نسأت).

                                                                                                                                                                                                                                      ويروى: أنه لما سقط لم يعلم متى مات، فوضعت الأرضة على العصا، فأكلت منها يوما وليلة، ثم حسبوا على ذلك، فوجدوه قد مات منذ سنة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال : روي أن الجنتين كانتا بين جبلين باليمن، وأن الرجل كان يدخل الجنتين، فيمسك القفة على رأسه، فما يخرج حتى تمتلئ من أنواع الفاكهة، من غير أن يمس شيئا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم أي: أعرضوا عن طاعة الله وشكره، و {العرم} - فيما روي عن ابن عباس - السد؛ التقدير: سيل السد العرم، وعن ابن عباس أيضا قال: حاد السيل الذي كان يسقي الجنتين عن مجراه، فلم يسقهما، فهلكتا.

                                                                                                                                                                                                                                      عطاء: {العرم}: اسم الوادي.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 326 ] قتادة: {العرم}: وادي سبأ، كانت تجتمع إليه مسايل من الأودية فسدوا ما بين الجبلين بالقار، والحجارة، وجعلوا عليه أبوابا، وكانوا يأخذون من مائه ما احتاجوا إليه، ويسدون إذا استغنوا عنه، فأرسل الله عليهم جرذا، فهدم عرمهم؛ أي: سدهم، فغرق جناتهم، وخرب أرضهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي أن {العرم}: كل حاجز بين شيئين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: {العرم}: المسناة التي يحبس بها الماء، واحدته: (عرمة) ؛ من عرامة الماء وشدته.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل (الأكل): الثمر، و (الخمط): شجر الأراك، عن الضحاك.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة: (الخمط): كل شجرة ذات شوك.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 327 ] الزجاج: هو كل نبت في طعمه مرارة لا يمكن أكله.

                                                                                                                                                                                                                                      المبرد: هو كل ما تغير إلى ما لا يشتهى، ومنه: (خمط اللبن) ؛ إذا حمض.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الأثل): [الخشب، عن الحسن، وقيل: هو] الطرفاء، وقيل: هو شجر يشبهه، وقيل: هو السمر.

                                                                                                                                                                                                                                      و (السدر): النبق.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: {وهل يجازى إلا الكفور}: قيل: معناه: هل يجازى بهذا الجزاء الذي هو الإهلاك إلا من كفر؟

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: {يجازى} بمعنى: يعاقب.

                                                                                                                                                                                                                                      طاووس: هو المناقشة في الحساب، و (من نوقش الحساب عذب".

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة : قال الحسن: يعني: بين اليمن والشام، والقرى التي بورك فيها هي الشام.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: قرى ظاهرة بين المدينة والشام.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: معنى {ظاهرة}: متصلة على الطريق.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: يردون كل يوم على ماء.

                                                                                                                                                                                                                                      المبرد: {ظاهرة}: مرتفعة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 328 ] وقوله: وقدرنا فيها السير : قال قتادة: يغدون، فيقيلون في قرية، ويروحون فيبيتون في قرية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: سيروا فيها ليالي وأياما آمنين : قال قتادة: يسيرون غير خائفين، ولا جياع، ولا ظماء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا : قالوا ذلك حين بطروا النعمة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ربنا باعد بين أسفارنا}، أو {ربنا بعد بين أسفارنا} ؛ جاز أن يكونوا قالوا ذلك بعد أن سألوا أن يباعد بين أسفارهم، فأجيبوا، ثم ندموا، وجاز أن يكونوا استبعدوا القريب لما بطروا النعمة، وكذلك القول فيمن قرأ: {بعد بين أسفارنا} ، و {بين}: اسم، فهو كقولك: (بعد مدى سفره).

                                                                                                                                                                                                                                      أبو الفتح: مذهب أبي علي في (بين) أنها مصدر (بان يبين)، ثم استعملت ظرفا على الاتساع؛ ك (مقدم الحاج)، وشبهه، قال: فاستعملت واصلة بين الشيئين، وإن كانت في الأصل فاصلة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم القول في مثل ذلك في (سورة الأنعام) [94].

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 329 ] وقوله: فجعلناهم أحاديث أي: جعلنا المثل يضرب بهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ومزقناهم كل ممزق أي فرقناهم، والعرب تقول: (تفرقوا أيادي سبأ)، و (أيدي سبا) ؛ إذا تشتتوا أعظم التشتيت، ومعنى (أيدي سبا)، و (أيادي سبا): طرقها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولقد صدق عليهم إبليس ظنه : قال ابن عباس: هو قول إبليس: لأحتنكن ذريته إلا قليلا [الإسراء: 62]، وقيل: قال إبليس: قد أغويت آدم على موضعه من العلم، فأنا على ولده أقدر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إلا فريقا من المؤمنين أي: لم يصدق فيهم ظنه، قال ابن عباس: هم المؤمنون كلهم، غيره: هم بعض المؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية