من قرأ: {قل بلى وربي ليأتينكم} ؛ بالياء؛ حمل على المعنى؛ كأنه قال ليأتينكم البعث.
[ ص: 333 ] و {علام}، {عالم}، والرفع والجر فيهما، وفي عذاب من رجز أليم : ظاهر.
وقوله: وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد : العامل في {إذا} فعل دل عليه الكلام؛ كأنه قال: ينبئكم بأنكم تبعثون إذا مزقتم كل ممزق، ولا يعمل فيه {ينبئكم} ؛ لأنه لا ينبئهم في ذلك الوقت، ولا يعمل فيه {مزقتم} ؛ لأنه مضاف إليه، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف، وقد أجازه بعضهم على أن تجعل {إذا} للمجازاة، فيعمل حينئذ فيها ما بعدها؛ لأنها غير مضافة إليه، وأكثر ما تقع {إذا} للمجازاة في الشعر، ولا يعمل في (إذا) ما بعد (إن) ؛ لأن (إن) لا يتقدم عليها ما بعدها، ولا معمولها.
ومن قرأ: {أوبي} ؛ فمعناه: ارجعي، من (آب يؤوب) ؛ إذا رجع.
والمعنى: ارجعي وعودي معه في التسبيح، وقد تقدم ذكر {أوبي} في التفسير.
[ ص: 334 ] ومن قرأ: {والطير} ؛ بالنصب؛ عطفه على موضع يا جبال ، ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار فعل؛ على معنى: وسخرنا له الطير، وهو قول وقدره أبي عمرو بن العلاء، وآتيناه الطير؛ على الحمل على: الكسائي: ولقد آتينا داود منا فضلا .
وقيل: هو مفعول معه؛ كأنه قال: أوبي معه ومع الطير.
والرفع على العطف على اللفظ، أو على المضمر في {أوبي}، وحسنه الفصل بـ (مع).
أن اعمل سابغات : {أن}: نصب، على معنى: لأن اعمل؛ أي: وألنا له الحديد لذلك.
التقدير: وعهدنا إليه أن اعمل سابغات. الطبري:
وقيل: هي مفسرة بمعنى: (أي).
ومن قرأ: {ولسليمان الريح} ؛ فعلى الابتداء؛ [والمعنى: له تسخير الريح، والنصب على معنى: وسخرنا له الريح.
[ ص: 335 ] ومن الجن من يعمل بين يديه : يجوز أن يكون موضع {من} رفعا بالابتداء]، ويجوز أن يكون نصبا؛ على تقدير: وسخرنا له من الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه.
اعملوا آل داود شكرا : [يجوز أن يكون قوله: {شكرا}: مفعولا به؛ كما قال: واعملوا صالحا [سبأ: 11]، ويجوز أن يكون مفعولا لأجله، وحذف المفعول به؛ كأنه قال: اعملوا آل داود خيرا؛ للشكر، فهو كقوله: وافعلوا الخير لعلكم تفلحون [الحج: 77].
وأجاز أبو حاتم الوقف على: اعملوا آل داود ؛ على أن يكون {شكرا} منصوبا؛ على تقدير: اشكروا شكرا، ولم يجزه غيره، لأنه إذا قدر مصدرا، كان {اعملوا} يقوم مقام (اشكروا).
وقوله: ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته من قرأ بهمزة مفتوحة؛ فهو الأصل، ومن أبدل الهمزة ألفا؛ فهو البدل على غير قياس؛ كما قال: [من البسيط]
[ ص: 336 ]
إذا دببت على المنساة من كبر فقد تباعد عنك اللهو والغزل
ومن قرأ بهمزة ساكنة؛ فهو شاذ بعيد؛ لأن هاء التأنيث لا يكون ما قبلها إلا متحركا أو ألفا، لكنه يجوز أن يكون ممن أسكن من المفتوح استخفافا؛ كما قال: [من الطويل]
وما كل مبتاع ولو سلف صفقة
ويجوز أن يكون لما أبدل الهمزة ألفا على غير قياس؛ قلب الألف همزة؛ كما قلبوها في قولهم: (العألم)، و (الخأتم).
ومن قرأ: {من سأته} ؛ فقيل: أنه من (سئة القوس) في لغة من همزها، وقد روي همز (سية القوس) عن رؤبة، وحكى (سئة القوس، وسأتها) ؛ ك (القحة، والقحة)، و (الضعة والضعة). الفراء،
وقوله: تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب : موضع {أن} رفع على [ ص: 337 ] البدل من {الجن}، والتقدير: تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب؛ ما لبثوا في العذاب المهين، وقيل: التقدير: تبين أمر الجن، فحذف المضاف، و {أن} في موضع رفع أيضا، ويجوز أن يكون موضعها نصبا؛ على تقدير حذف اللام.
ومن قرأ: {تبينت الجن} ؛ فهو راجع إلى معنى قراءة الجماعة؛ لأن المعنى تبين الإنس الجن.
لقد كان لسبإ في مسكنهم آية : من قرأ {مسكنهم} بفتح الكاف أو كسرها؛ فهو مصدر؛ حذف المضاف إليه؛ والتقدير: في مواضع مسكنهم، والفتح والكسر فيه لغتان، والفتح أكثر، وتقديره على أنه مصدر أولى من أن يتأول أنه واحد في معنى الجمع؛ لأن ذلك أكثر ما يجيء في الشعر؛ نحو قول الشاعر: [من الوافر].
كلوا في بعض بطنكم تعيشوا
وشبهه، وقراءة الجماعة ظاهرة؛ لأن كل ساكن له مسكن.
[ ص: 338 ] و {آية}: اسم {كان}، و {جنتان}: يجوز أن يكون بدلا من {آية}، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف؛ فيوقف على هذا الوجه على {آية}، وليس بتمام.
ومن قرأ: {ذواتي أكل خمط} ؛ بالإضافة؛ فإنه أضاف {الأكل} إلى (الخمط) ؛ لأنه ثمره، ومن نون؛ فهو على تقدير عطف البيان، كأنه بين أنه الجني لهذا الشجر.
قال والإضافة أحسن في كلام العرب؛ نحو قولهم: ثوب (خز)، وشبهه. الأخفش:
وقوله: ذلك جزيناهم بما كفروا : يجوز أن يكون {ذلك} نصبا بـ (جزينا)، ويجوز أن يكون رفعا؛ على تقدير: ذلك الذي فعلنا بهم جزاء لهم منا على كفرهم.
والقول في: وهل نجازي إلا الكفور : ظاهر، وكذلك فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا ، وقد تقدم ذكره.
ومن قرأ: ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ؛ بالتشديد؛ فظاهر، ومن خفف ورفع {إبليس} بفعله؛ فانتصاب {ظنه} يجوز أن يكون انتصاب المفعول به [ ص: 339 ] على الاتساع، ويجوز أن ينتصب انتصاب الظروف؛ والتقدير: صدق عليهم إبليس في ظنه فيهم.
[ومن خفف، ونصب (إبليس)، ورفع (ظنه) ؛ جعل الظن فاعل (صدق)، و (إبليس): مفعول به؛ والمعنى: أن إبليس سول له ظنه فيهم شيئا فصدقه ظنه]؛ فكأنه قال: ولقد صدق عليهم ظن إبليس، و (على) متعلقة بـ (صدق) ؛ كما تقول: (صدقت عليك فيما ظننته بك)، ولا تتعلق بـ (الظن) ؛ لاستحالة تقدم شيء من الصلة على الموصول.
ويجوز رفع (إبليس) و (الظن) مع التخفيف، على أن يكون (ظنه) بدلا من (إبليس)، وهو بدل الاشتمال.
* * *