وقوله: فنبذناه بالعراء وهو سقيم : قال (العراء): وجه الأرض، وهو في اللغة: الفضاء الذي لا يواريه شجر، ولا غيره. أبو عبيدة:
قال : نبذ بالعراء وهو كالصبي المنفوس. ابن عباس
وأنبتنا عليه شجرة من يقطين : قال و ابن مسعود : قرع. ابن عباس
وقال مجاهد (اليقطين): كل شجرة لا تقوم على ساق، كـ (الدباء) و (البطيخ) وواحد (اليقطين): يقطينة، واشتقاقها من (قطن بالمكان) إذا أقام به، فهو (يفعيل). وابن جبير:
وقوله: وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون : قال : أرسل ابن عباس يونس بعد أن التقمه الحوت، قيل: أرسل إلى الأولين، وقيل: أرسل إلى قوم غيرهم.
قال : معنى ابن عباس أو يزيدون : بل يزيدون، قال: فأرسل إلى مئة ألف [ ص: 456 ] وبضع وثلاثين ألفا.
يزيدون سبعين ألفا، وفي خبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ابن جبير: «يزيدون عشرين ألفا».
ابن قتيبة: {أو} بمعنى الواو، وقيل: هي للإباحة، وقيل: هي للشك، والشك فيه مردود إلى المخاطبين.
المعنى: وأرسلناه إلى جماعة، لو رأيتموهم لقلتم: إنهم مئة ألف أو يزيدون. المبرد:
وتقدم القول في معنى فمتعناهم إلى حين .
ثم احتج الله تعالى بعد هذه الأقاصيص على كفار قريش في قولهم: إن الملائكة بنات الله -عز وجل- فقال: فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين أي: فأتوا بحجتكم.
وقوله: وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا يعني: قولهم: صاهر الله تعالى [ ص: 457 ] الجن، فولدت له الملائكة، قاله وغيره. قتادة
وغيره: هو قولهم: إبليس أخو الرحمن، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. ابن عباس
{الجنة} ههنا: الملائكة، سموا جنا؛ لأنهم خزان الجنان، وقيل: سموا جنا؛ لاستتارهم عن الأبصار. السدي:
وقوله: ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون أي: ولقد علمت الجنة إن الذين قالوا هذا لمحضرون في العذاب.
: {لمحضرون}: للحساب; يعني: الجن. مجاهد
وقوله: فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم أي: لستم تضلون إلا من سبق في علم الله أنه صالي الجحيم، روي معناه عن ، ابن عباس وغيرهما، وقيل: إن قوله: {عليه} معناه: به. والحسن،
وقوله: وما منا إلا له مقام معلوم : -رضي الله عنها-: [قال النبي -صلى الله عليه وسلم-]: «ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم». عائشة قالت
وقوله: وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون : هذا كله من قول الملائكة; [ ص: 458 ] تعظيما لله عز وجل، وإنكارا منهم عبادة من عبدهم.
وقوله: وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين : هذا قول أوائل هذه الأمة قبل أن يبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله وغيره. قتادة
والهاء في فكفروا به : قيل: للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقيل: للقرآن.
إنهم لهم المنصورون : قيل: المعنى: منصورون بالحجة والغلبة، عن وقوله: قتادة وقال والسدي، بالسعادة. الفراء:
وقوله: فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون : قال : فسوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار، وقيل: المعنى: فسوف يبصرون العذاب يوم القيامة. قتادة
وقوله: فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين : معنى {بساحتهم}: بدارهم، عن وغيره، و (الساحة) في اللغة: فناء الدار الواسع، واستعملت لنزول العذاب فيها لعظمه. السدي
وقوله: وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون : وجه التكرير: أنه يراد به [ ص: 459 ] عذابان. فالأول: عذاب الدنيا، والثاني: عذاب الآخرة، روي ذلك عن جماعة من المفسرين: أن (الحين الأول): نصر النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم، والثاني: قيام الساعة، وقد قيل: إن المعنى: أبصر حالهم بقلبك.
وقوله: سبحان ربك رب العزة عما يصفون : سئل محمد بن سحنون عن معنى رب العزة : لم جاز ذلك، و (العزة) من صفات الذات؟ ولا يقال: (رب القدرة) ونحوها من صفات ذاته عز وجل؟
فقال: {العزة} تكون صفة ذات، وصفة فعل، فصفة الذات نحو قوله: فلله العزة جميعا [فاطر: 10] وصفة الفعل نحو رب العزة والمعنى: رب العزة التي يتعاز بها الخلق فيما بينهم، فهي من خلق الله عز وجل، قال: وقد جاء في التفسير: إن {العزة} ههنا يراد بها: الملائكة، قال: وقال بعض [ ص: 460 ] علمائنا: من حلف بعزة الله; فإن أراد عزته التي هي صفته فحنث; فعليه الكفارة، وإن أراد التي جعلها الله بين العباد فلا كفارة عليه.
وقوله: وسلام على المرسلين أي: أمن من الله -عز وجل- لهم يوم الفزع الأكبر.