الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إن الذين يكتمون ما أنـزل الله من الكتاب الآية؛ يعني بذلك: أهل الكتاب، عن ابن عباس، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الهاء) في (به) تعود على الكتمان.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى ما يأكلون في بطونهم إلا النار : سمى ما أكلوه من الرشا نارا؛ لأنه يؤديهم إلى النار، هكذا قال أكثر المفسرين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: أنهم يأكلون النار في جهنم، وذكر البطون تأكيدا؛ إذ قد يخبر بالأكل مجازا.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يكلمهم الله : لا يسمعهم كلامه كما يسمعه الأبرار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: لا يكلمهم بما يحبون، ولكن بما يكرهون، كما قال تعالى: اخسئوا فيها ولا تكلمون [المؤمنون: 108].

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو عبارة عن الغضب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 396 ] ولا يزكيهم : لا يتقبل عملهم تقبل أعمال الأزكياء، ولا يثني عليهم بأنهم أزكياء.

                                                                                                                                                                                                                                      فما أصبرهم على النار : قال الحسن وقتادة : أي: ما أجرأهم على النار ؟! وهي لغة تميمية معروفة.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : ما أعملهم بعمل أهل النار؟!

                                                                                                                                                                                                                                      وحكى الزجاج : أن المعنى: ما أبقاهم على النار؟! كقولك: (ما أصبره على الحبس) ؟!.

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : ما أحبسهم على النار؟ !.

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب ابن عباس، وابن جريج، وغيرهما: أن (ما) استفهام بمعنى التوبيخ.

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب الحسن، ومجاهد، وغيرهما: أنها للتعجب، وهو مردود إلى المخلوقين، كأنه قال: اعجبوا من صبرهم على النار.

                                                                                                                                                                                                                                      وكل ما أخبر به عن الباري جل وعز من العجب والضحك وما أشبه ذلك؛ [فإنما يحمل على ما يليق به من أن العجب وأشباهه مردود إلى المخلوقين وإن أخبر به عن نفسه تعالى، أو دليل على ظهور رحمته أو نقمته، والضحك دليل [ ص: 397 ] على رضاه ومغفرته، وما أشبه ذلك] مما يجوز أن يوصف به، لا على حد ما يوصف به المخلوقون.

                                                                                                                                                                                                                                      ذلك بأن الله نـزل الكتاب بالحق : قوله: (ذلك) إشارة إلى الحكم، [كأنه قال: ذلكم الحكم] بالنار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: ذلك العذاب لهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج : تقديره: الأمر ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      [وقيل: التقدير: ذلك معلوم بأن الله نزل الكتاب].

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: التقدير: فعلنا ذلك بهم؛ لأن الله تعالى نزل الكتاب بالحق فكفروا به.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد يعني: اختلاف اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل، عن ابن عباس، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: يعني: اختلاف مشركي قريش في القرآن؛ فقال بعضهم: سحر، وقال بعضهم: أساطير الأولين، وشبهه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية