وقوله: إن الذين يكتمون ما أنـزل الله من الكتاب الآية؛ يعني بذلك: أهل الكتاب، عن وغيره. ابن عباس،
و (الهاء) في (به) تعود على الكتمان.
ما يأكلون في بطونهم إلا النار : سمى ما أكلوه من الرشا نارا؛ لأنه يؤديهم إلى النار، هكذا قال أكثر المفسرين. ومعنى
وقيل: المعنى: أنهم يأكلون النار في جهنم، وذكر البطون تأكيدا؛ إذ قد يخبر بالأكل مجازا.
ولا يكلمهم الله : لا يسمعهم كلامه كما يسمعه الأبرار.
وقيل: لا يكلمهم بما يحبون، ولكن بما يكرهون، كما قال تعالى: اخسئوا فيها ولا تكلمون [المؤمنون: 108].
وقيل: هو عبارة عن الغضب.
وقيل: لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية.
[ ص: 396 ] ولا يزكيهم : لا يتقبل عملهم تقبل أعمال الأزكياء، ولا يثني عليهم بأنهم أزكياء.
فما أصبرهم على النار : قال الحسن : أي: ما أجرأهم على النار ؟! وهي لغة تميمية معروفة. وقتادة
: ما أعملهم بعمل أهل النار؟! مجاهد
وحكى : أن المعنى: ما أبقاهم على النار؟! كقولك: (ما أصبره على الحبس) ؟!. الزجاج
: ما أحبسهم على النار؟ !. الفراء
ومذهب ابن عباس، وغيرهما: أن (ما) استفهام بمعنى التوبيخ. وابن جريج،
ومذهب الحسن، وغيرهما: أنها للتعجب، وهو مردود إلى المخلوقين، كأنه قال: اعجبوا من صبرهم على النار. ومجاهد،
وكل ما أخبر به عن الباري جل وعز من العجب والضحك وما أشبه ذلك؛ [فإنما يحمل على ما يليق به من أن العجب وأشباهه مردود إلى المخلوقين وإن أخبر به عن نفسه تعالى، أو دليل على ظهور رحمته أو نقمته، والضحك دليل [ ص: 397 ] على رضاه ومغفرته، وما أشبه ذلك] مما يجوز أن يوصف به، لا على حد ما يوصف به المخلوقون.
ذلك بأن الله نـزل الكتاب بالحق : قوله: (ذلك) إشارة إلى الحكم، [كأنه قال: ذلكم الحكم] بالنار.
وقيل: ذلك العذاب لهم.
وقال : تقديره: الأمر ذلك. الزجاج
[وقيل: التقدير: ذلك معلوم بأن الله نزل الكتاب].
وقيل: التقدير: فعلنا ذلك بهم؛ لأن الله تعالى نزل الكتاب بالحق فكفروا به.
وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد يعني: عن اختلاف اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل، وغيره. ابن عباس،
وقيل: يعني: اختلاف مشركي قريش في القرآن؛ فقال بعضهم: سحر، وقال بعضهم: أساطير الأولين، وشبهه.