التفسير:
عبس وتولى * أن جاءه الأعمى في ابن أم مكتوم، وكان قد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يقوده رجل، والنبي صلى الله عليه وسلم مقبل على رجل من عظماء المشركين يعرض عليه الإسلام، [ ص: 30 ] فجعل نزلت يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: استدنني يا رسول الله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنه، قاله جماعة من المفسرين. ابن أم مكتوم
وقال إنما عبس النبي صلى الله عليه وسلم ابن زيد: وأعرض عنه; لأنه أشار إلى الذي كان يقوده أن يكف; فدفعه لابن أم مكتوم، ابن أم مكتوم.
قال عطاء: كان الذي أقبل عليه النبي عليه الصلاة والسلام عتبة بن ربيعة.
وقال كان قتادة: أبي بن خلف.
كانوا ثلاثة; مجاهد: عتبة و[شيبة ابنا] ربيعة، وأبي بن خلف.
كان النبي عليه الصلاة والسلام مع عمه الثوري: وقال العباس، كان النبي صلى الله بعد ذلك إذا رأى ابن أم مكتوم; بسط له رداءه، وقال: "مرحبا بمن عاتبني فيه ربي". الثوري:
وقوله: وما يدريك لعله يزكى يعني: ابن أم مكتوم; أي: يتطهر.
وقوله: أما من استغنى * فأنت له تصدى أي: تتعرض له أن يسلم.
وما عليك ألا يزكى أي: لا يتطهر من كفره.
وقوله: وأما من جاءك يسعى وهو يخشى يعني: ابن أم مكتوم; فأنت عنه تلهى [ ص: 31 ] أي: تعرض، وتشتغل بغيره.
وقوله: كلا إنها تذكرة يعني: العظة، أو الأنباء، أو القصص، أو السورة.
فمن شاء ذكره أي: ذكر القرآن، فاتعظ به.
{في صحف مكرمة أي: معظمة.
وقوله: بأيدي سفرة يعني: الملائكة التي انتسختها من اللوح المحفوظ، عن قال: و (السفرة): الكتبة، كأنهم يكتبون أعمال العباد في الأسفار التي هي الكتب، وقيل: لأنهم يسفرون بين الله ورسله. ابن عباس،
(السفرة): القراء، وعنه أيضا كقول قتادة: ابن عباس.
هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. وهب بن منبه:
وقوله: قتل الإنسان : تقدم معنى قتل .
و {الإنسان} ههنا: هو الكافر، عن وقيل: المراد به: عتبة بن ربيعة، كان قد آمن، ثم كفر. مجاهد،
وقوله: {ما أكفره : يجوز أن يكون تعجبا مردودا إلى المخلوقين، ويجوز أن [ ص: 32 ] يكون استفهاما بمعنى التقرير والتوبيخ، وكذلك: من أي شيء خلقه ; أي: اعجبوا لخلقه! وقوله: فقدره يعني: قدره شقيا أو سعيدا، وقيل: حسنا أو قبيحا، ونحوه، وقيل: نقله من حال إلى حال; نطفة، ثم علقة، إلى أن تم خلقه.
وقوله: ثم السبيل يسره : قال ابن عباس، وغيرهما: يسره للخروج من بطن أمه. وقتادة، يسره لطريق الخير أو الشر. مجاهد: سبيل الإسلام. ابن زيد:
ثم أماته فأقبره أي: جعل له قبرا، ولم يجعله كغيره من الحيوان، و (المقبر): الذي يجعل له قبرا، و (القابر): الدافن الذي يتولى الدفن بنفسه.
ثم إذا شاء أنشره أي: أحياه. وقوله: {كلا لما يقض ما أمره أي: لم يعمل بما أمر به.
وقوله: فلينظر الإنسان إلى طعامه : قال وغيره: يعني: مدخله ومخرجه، وقيل: المعنى: إلى حدوث طعامه، وهذا أشبه بقراءة من فتح (إن). مجاهد،
وقوله: فأنبتنا فيها حبا يعني: سائر الحبوب، و (العنب): معروف، و (القضب): العلف، عن الحسن.
[ ص: 33 ] وغيره: هو الرطبة، وأهل مكة يسمون (القت): القضب، والأصل: ما يقطع رطبا; كأنه يقطع مرة بعد مرة. الضحاك،
و (الحدائق): معروفة، و (الغلب): جمع (أغلب، وغلباء); وهي الغلاظ، عن وعنه أيضا: الطوال. ابن عباس،
النخل الكرام. ابن زيد:
وقوله: وفاكهة وأبا : (الفاكهة): الثمار التي يأكلها الناس، و (الأب): ما ترعاه البهائم، قاله ابن عباس وقتادة وغيرهما، وعن ابن عباس أيضا: (الأب): الثمار الرطبة.
و {الصاخة}: القيامة، عن ابن عباس، وغيره.
قال يصيخ لها كل شيء; أي: ينصت. الحسن:
هي النفخة الأولى، و {الطامة}: الثانية. عكرمة:
أحسبه من صخ فلان فلانا; إذا أصمه. الطبري:
[ ص: 34 ] وقوله: لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه أي: يشغله عن قرابته، ومن قرأ بالعين; فالمعنى: يعنيه أمره.
وقوله: وجوه يومئذ مسفرة أي: فرحة.
وقوله: ووجوه يومئذ عليها غبرة يريد: اسودادها.
وقوله: ترهقها قترة : قال أي: تغشاها ذلة، مجاهد: سواد، وقيل: إن (القترة) ظلمة الدخان، وفي الخبر: ابن عباس: "أن البهائم إذا صارت ترابا يوم القيامة; حول ذلك التراب في وجوه الكفار".
وقوله: أولئك هم الكفرة الفجرة أي: الكذبة.