التفسير:
إذا الشمس كورت : كورت في قول معنى أدخلت في العرش، الضحاك: أذهبت، ابن عباس: أذهب ضوءها، وروي ذلك أيضا عن ابن عباس، [ ص: 39 ] قتادة: وغيرهما. ومجاهد،
رمي بها. الربيع بن خثيم:
وإذا النجوم انكدرت : قال مجاهد، وغيرهما: تناثرت، قيل: تتناثر من أيدي الملائكة; لأنهم يموتون، وفي الخبر: وقتادة، "أنها معلقة بين السماء والأرض بسلاسل بأيدي الملائكة".
{انكدرت}: تغيرت، وأصل (الانكدار): الانصباب. ابن عباس:
وقوله: وإذا العشار عطلت : {العشار}: النوق التي أتى عليها عشرة أشهر من حملها، عن وغيره، وواحدها: (عشراء)، وقد تسمى بذلك إلى أن تلد، وبعيد ذلك، و مجاهد، العشار : أعز ما يكون عند العرب، واهتمامهم بها أشد، فأخبر أنها تعطل يوم القيامة.
وقوله: وإذا الوحوش حشرت أي: جمعت، عن الحسن، وقتادة.
(حشرها): موتها. ابن عباس:
وقوله: وإذا البحار سجرت أي: أوقدت، فصارت نارا، عن ابن عباس، وأبي.
يبست، الحسن: فاضت، الضحاك: غار ماؤها، فذهب، وقيل: هي بحار في جهنم تسجر يوم القيامة; أي: تملأ بأنواع العذاب. قتادة:
[ ص: 40 ] وقوله: وإذا النفوس زوجت : قيل: المعنى: قرن كل إنسان بشكله من أهل الجنة، أو أهل النار، قاله عمر رضي الله عنه. وابن عباس
الضحاك، المعنى: أن النفوس تقرن بأجسادها; أي: ترد إليها، وقيل: يقرن الغاوي بمن أغواه من شيطان أو إنسان، وقيل: يقرن المؤمنون بالحور، والكافرون بالشياطين. وعكرمة:
وقوله: وإذا الموءودة سئلت يعني: البنت تدفن وهي حية، سميت موءودة; لأنها تثقل بالتراب، وسؤال الموءودة على وجه التوبيخ لقاتلها، فسئلت وهي لا تعقل; كما يقال للطفل الذي لا يعقل إذا ضرب: (لم ضربت؟ وما ذنبك؟)، وقيل: إنها تكون يومئذ كاملة في العقل وغيره.
وقيل: معنى {سئلت}: سئل عنها; كما قال: إن العهد كان مسئولا [الإسراء: 34]; أي: مسؤولا عنه.
وقوله: وإذا الصحف نشرت أي: نشر ما فيها من أعمال بني آدم.
وقوله: وإذا السماء كشطت أي: كشطت عما فيها; كما يكشط الجلد عن الكبش وغيره، و (الكشط) و (القشط) سواء; وهو القلع.
وقوله: وإذا الجحيم سعرت أي: هيج نارها حتى تتأجج.
وقوله: وإذا الجنة أزلفت أي: قربت لأهلها.
وقوله: علمت نفس ما أحضرت أي: من خير أو شر.
[ ص: 41 ] وقوله: فلا أقسم بالخنس : (لا): زائدة، و (الخنس) مختلف فيها; قال رضي الله عنه: علي
هي الدراري السبعة، وفي رواية أخرى: الخمسة، ذكر المشتري، وعطارد، والزهرة، والمريخ، وزحل، ولم يذكر الشمس والقمر.
الحسن: هي النجوم تخنس بالنهار; أي: ترجع في مجراها، يقال: (خنست عن الرجل); إذا تأخرت عنه، ويقال أيضا: (خنست عنه); إذا استترت عنه، فالنجوم أيضا تستتر بالنهار.
قال الحسن: و الكنس : النجوم أيضا; والمعنى: أنها تستقر في مغيبها، وروي نحوه عن مجاهد وغيرهما في (الخنس) و {الكنس}; يقال: (كنست الوحشية في الكناس); إذا غابت فيه بعد طلوع الشمس، فكذلك النجوم، و (الكناس): بيت تتخذه الوحشية من الشجر تختفي فيه. وقتادة
وعن ابن عباس، وغيرهما: أنها الظباء. وسعيد بن جبير،
وعن ابن مسعود، وغيرهما: أنها بقر الوحش، والواحدة [على هذا: (خنساء)، قيل لها ذلك; لقصر أنوفها، وقيل]: هو جمع (خانس)، و (كانس). والنخعي،
وقوله: والليل إذا عسعس أي: أدبر بظلامه، عن ابن عباس وغيرهما، [ ص: 42 ] وروي عنهما أيضا وعن ومجاهد وغيره: أقبل بظلامه. الحسن
زيد بن أسلم: عسعس : ذهب.
العرب تقول: (عسعس الليل)، و (سعسع); إذا لم يبق منه إلا يسير. الفراء:
الخليل، وغيره: (عسعس الليل); إذا أقبل، أو أدبر.
المبرد: هو من الأضداد; ومعناه: لم يستكمل ظلمته، وذلك يصلح لأوله وآخره.
وقوله: والصبح إذا تنفس أي: أسفر، وامتد ضوءه، وقيل: أقبل وتبين.
إذا ارتفع النهار. الفراء:
وتقدم القول في: إنه لقول رسول كريم ، وهو جواب القسم.
وقوله: ذي قوة عند ذي العرش مكين : من جعله جبريل عليه السلام; فقوته ظاهرة، ومن جعله محمدا صلى الله عليه وسلم; فالمعنى: ذي قوة على تبليغ الوحي.
وقوله: {مطاع} أي: تطيعه الملائكة في السماء، على أنه جبريل، أو يطيعه من أطاع الله عز وجل، إذا كان محمدا صلى الله عليه وسلم.
وقوله: وما صاحبكم بمجنون يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم.
وقوله: ولقد رآه بالأفق المبين أي: الناحية التي تتبين فيها الأشياء; فيرى ما قبلها.
[ ص: 43 ] وقوله: وما هو على الغيب بضنين} أي: ببخيل، في من قرأه بالضاد، ومن قرأه بالظاء; فمعناه: بمتهم.
وما هو بقول شيطان رجيم أي: ليس بكهانة.
وقوله: {فأين تذهبون : [أي: فأين تذهبون] عن الحق؟
وقوله: إن هو إلا ذكر للعالمين يعني: القرآن.
لمن شاء منكم أن يستقيم} أي: يتبع الحق، وروي: أن أبا جهل- لعنه الله- قال حين نزلت هذه الآية: الأمر إلينا، إن شئنا أن نستقيم، وإن شئنا لم نستقم، فنزلت: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين .