الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1600 (باب الدعاء للميت)

                                                                                                                              وهو في النووي في: (كتاب الجنائز) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 30 - 31 ج 7 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن جبير بن نفير، سمعه يقول: سمعت عوف بن مالك يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة. فحفظت من دعائه وهو يقول: "اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه. وأكرم نزله. ووسع مدخله. واغسله [ ص: 345 ] بالماء والثلج والبرد. ونقه من الخطايا، كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه. وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر" (أو من عذاب النار) . قال: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عوف بن مالك ) رضي الله عنه: (قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة؛ فحفظت من دعائه) .

                                                                                                                              فيه: دليل على الجهر بالدعاء، في صلاة الجنازة.

                                                                                                                              قال النووي : وقد اتفق أصحابنا على أنه إن صلى عليها بالنهار، أسر بالقراءة.

                                                                                                                              وإن صلى بالليل؛ ففيه وجهان: الصحيح الذي عليه الجمهور: يسر. والثاني: يجهر.

                                                                                                                              وأما الدعاء، فيسر به بلا خلاف.

                                                                                                                              وحينئذ؛ يتأول هذا الحديث، على أن قوله: "حفظت من دعائه"، أي: علمنيه بعد الصلاة، فحفظته. انتهى.

                                                                                                                              [ ص: 346 ] قلت: هذا التأويل بعيد جدا، يأباه ظاهر الحديث. وكذلك التفصيل الذي ذكره، لا يدل عليه دليل.

                                                                                                                              بل الحديث فيه دلالة واضحة على الجهر بالدعاء في صلاة الجنازة.

                                                                                                                              ولا مانع منه شرعا وعقلا.

                                                                                                                              ولا داعي إليه، فيكون الجهر والإسرار فيها سواء، كباقي الصلوات.

                                                                                                                              (وهو يقول: " اللهم اغفر له وارحمه. وعافه واعف عنه. وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج، والبرد ونقه من الخطايا، كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه. وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر - أو من عذاب النار - ".) .

                                                                                                                              قال النووي : فيه إثبات الدعاء في صلاة الجنازة. وهو مقصودها، ومعظمها.

                                                                                                                              وفيه: استحباب الدعاء. انتهى.

                                                                                                                              قلت: وهذا الدعاء، يشتمل على إثبات المعاد بما فيه، وإثبات عذاب القبر، ونعيم الآخرة، ويا له من دعاء جامع لم يغادر شيئا من عيش الآخرة.

                                                                                                                              ولهذا قال الراوي له (وهو عوف. كما جاء مصرحا في الرواية الأخرى) : (حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت) .

                                                                                                                              [ ص: 347 ] وفي رواية: "فتمنيت أن لو كنت أنا الميت، لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الميت".

                                                                                                                              وكم قد وقفت على هذا الدعاء! وتمنيت ما تمناه الراوي، ورجوت من الله سبحانه وتعالى، أن يعاملني بعد موتي بمقتضاه، وييسر لي ذلك كله بلطفه، ومنه، وكرمه، وعطائه.

                                                                                                                              فإنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير. وما ذلك على الله بعزيز.




                                                                                                                              الخدمات العلمية