وقال تعالى: قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أي: إنزال ما يضركم من ضياع الأموال، وهلاك الأهل، والقتل، والهزيمة، والعقوبة على التخلف. أو أراد بكم نفعا [الفتح: 11] أي نصرا وغنيمة، وهذا رد عليهم حين ظنوا أن التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - يدفع عنهم الضر، ويجلب لهم النفع.
وفي الآية دليل على نفي التصرف عن الغير في خلق الله.
وقال تعالى: أفرأيتم ما تمنون [الواقعة: 58] أي: ما تقذفون وتصبون في أرحام النساء من النطف أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون نحن قدرنا [الواقعة: 59] أي: المقدرون المصورون له؟
[ ص: 39 ] والآية دليل على شرك فإن خلق المني، وخلق الولد منه في رحم المرأة مما استأثر الله به، لا يشاركه فيه أحد من مخلوقاته، فمن طلبه من غير الله، فقد وقع في شرك الشرك. من يطلب الولد من الأولياء وغيرهم؛
ومثله قوله تعالى: أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون لو نشاء [الواقعة: 63 - 64] أي: المنبتون له والجاعلون له زرعا.
وقوله سبحانه: أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء [الواقعة: 68 -69] دون غيرنا.
فإذا عرفتم ذلك، فكيف لا تقرون بالتوحيد؟ وتصدقون بالبعث، ولا تتركون الشرك به في التصرف في العالم؟
وقوله تعالى: أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون نحن جعلناها [الواقعة: 71، 72] لها بقدرتنا دونكم.
وإذا ثبت أن الخالق للكل والجاعل له، والمتصرف في الخلق، هو الله سبحانه، وهو مستأثر به، فالمثبت للتصرف لغيره مشرك بالله تعالى.
وقال تعالى: أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن [الملك: 19]. أي: ما يمسكهن في الهواء عن الوقوع عند الطيران إلا الله القادر على كل شيء، وإلا فالثقيل يتسفل طبعا، ولا يعلو، وكذا لو أمسك حفظه وتدبيره عن العالم لتهافتت الأفلاك.
وبالجملة: الآية الشريفة دليل على وعلى أنه هو المتصرف في الكائنات جميعها، لا قدرة لأحد ولا اختيار في أن يتصرف في شيء من الأشياء. كمال قدرته سبحانه،
وقال تعالى: قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا [الملك: 30] أي: غائرا في الأرض؛ بحيث لا يبقى له وجود فيها، أو صار ذاهبا في الأرض إلى مكان بعيد، بحيث ما تناله الدلاء.
[ ص: 40 ] فمن يأتيكم بماء معين أي: ظاهر تراه العيون، وتناله الدلاء.