معنى «التمائم»، وحكم تعليقها
والتمائم: شيء يعلق على الأولاد من العين.
وقال الخلخالي: «التمائم»: جمع تميمة، وهي ما يعلق بأعناق الصبيان من خرزات وعظام؛ لدفع العين.
وهذا منهي عنه؛ لأنه لا رافع إلا الله، ولا يطلب دفع المؤذيات إلا بالله وبأسمائه.
قال بعض العلماء: لكن إذا كان المعلق من القرآن، فرخص فيه بعض السلف، وبعضهم لم يرخص فيه، ويجعله من المنهي عنه. منهم - رضي الله عنه -. انتهى. ابن مسعود
أقول: إن العلماء - من الصحابة والتابعين فمن بعدهم - اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن، وأسماء الله تعالى وصفاته.
فقالت طائفة: يجوز ذلك، وهو قول وهو ظاهر ما روي عن ابن عمرو بن العاص، وبه قال عائشة، أبو جعفر الباقر، في رواية، وحملوا الحديث على التمائم التي فيها شرك. وأحمد
وقالت طائفة: لا يجوز ذلك، وبه قال ابن مسعود، وهو ظاهر [ ص: 227 ] قول وابن عباس. حذيفة، وعقبة بن عامر، وابن حكيم. وبه قال جماعة من التابعين.
منهم: أصحاب ابن مسعود، في رواية اختارها كثير من أصحابه. وجزم به المتأخرون، واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه. قال بعض العلماء: وهذا هو الصحيح لوجوه ثلاثة تظهر للمتأمل: وأحمد
الأول: عموم النهي، ولا مخصص للعموم.
الثاني: سد الذريعة، فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك.
الثالث: أنه إذا علق، فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك.
قال: وتأمل هذه الأحاديث، وما كان عليه السلف، يتبين لك بذلك غربة الإسلام، خصوصا إن عرفت عظيم ما وقع فيه الكثير بعد القرون المفضلة؛ من تعظيم القبور، واتخاذها المساجد، والإقبال إليها بالقلب والوجه، وصرف الدعوات والرغبات والرهبات وأنواع العبادات التي هي حق الله تعالى إليها من دونه ؛ كما قال تعالى: ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ، [يونس: 107] ونظائرها في القرآن أكثر من أن يحصر. انتهى.
قلت: غربة الإسلام شيء، وحكم المسألة شيء آخر.
والوجه الثالث المتقدم لمنع التعليق، ضعيف جدا؛ لأنه لا مانع من نزع التمائم عند قضاء الحاجة ونحوها لساعة، ثم يعلقها.
والراجح في الباب: أن ترك التعليق أفضل في كل حال بالنسبة إلى التعليق الذي جوزه بعض أهل العلم، بناء على أن يكون بما ثبت، لا بما لم يثبت ؛ لأن التقوى له مراتب، وكذا الإخلاص، وفوق كل رتبة في الدين رتبة أخرى، والمحصلون لها أقل.
ولهذا ورد في الحديث في حق السبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب: [ ص: 228 ] أنهم مع أن الرقى جائزة، وردت بها الأخبار والآثار. والله أعلم بالصواب، والمتقي من يترك ما ليس به بأس خوفا مما فيه بأس. «هم الذين لا يرقون، ولا يسترقون»،