وقوله " أبردوها بالماء " الأفصح أنه ثلاثي همزة وصل من برد الشيء بضم الراء ويقال بردته أنا فهو مبرود وبردته تبريدا يقال بردت الحمى أبردها بردا كقتلتها قتلا أي أسكنت حرارتها ، وقيل هو رباعي بقطع الهمزة مفتوحة وكسر الراء من أبرد الشيء إذا صيره باردا قال هي لغة رديئة . ثم قيل المراد بماء زمزم ، والأصح كل ماء وأن المراد استعماله . ولهذا في الصحيحين أن الجوهري كانت تفعله بالنساء وتحتج بالخبر . أسماء
وعن سعيد الشامي هو أبو زرعة عن مرفوعا { ثوبان فإن الحمى قطعة من النار فليطفئها عنه بالماء البارد وليستقبل نهرا جاريا يستقبل جرية الماء فيقول بسم الله اللهم اشف عبدك وصدق رسولك ، بعد [ ص: 122 ] صلاة الفجر قبل طلوع الشمس ، فينغمس فيه ثلاث غمسات ثلاثة أيام فإن لم يبرأ في ثلاث فخمس فإن لم يبرأ في خمس فسبع ، فإن لم يبرأ في سبع فتسع ، فإنه لا يكاد يجاوز التسع بإذن الله إذا أصاب أحدكم الحمى } سعيد رواه عنه اثنان ووثقه وقيل مجهول وقال ابن حبان ابن الجوزي ضعيف رواه ، أحمد والترمذي وقال غريب .
وقيل الصدقة بالماء ، ويحتمل أن المراد بالخبر أهل الحجاز وما ، والاهم فإن أكثر الحمى العارضة لهم عن شدة الحر فينفعها الماء البارد غسلا وشربا ، لأنها بمجرد كيفية حارة فتزول بكيفية باردة تسكنها بلا حاجة إلى استفراغ مادة أو انتظار نضج ، فإن الحمى على ما ذكره الأطباء حرارة غريبة تشتعل في القلب وتبث منه بتوسط الروح ، والدم في الشرايين ، والعروق إلى جميع البدن فتشتعل فيه اشتعالا يضر بالأفعال الطبيعية .
ثم ، فالعرضية حادثة عن حرارة الشمس أو شدة غيظ أو ورم أو حركة ونحو ذلك ، والمرضية لا تكون إلا في مادة أولى منها تسخن جميع البدن فإن كان مبدأ تعلقها بالروح سميت حمى يوم لزوالها غالبا في يوم وغايتها ثلاثة أيام . وإن كان مبدأ تعلقها بالأخلاط سميت عفنة وهي صفراوية وسوداوية وبلغمية ودموية ، وإن كان تعلقها بالأعضاء الصلبة الأصلية سميت حمى دق ، ويحتمل أن يراد بالخبر الحمى عرضية ومرضية . أنواع الحمى
وقد ذكر جالينوس أن الشاب الحسن اللحم الخصب البدن ولا ورم في أحشائه إن استحم بماء بارد أو سبح فيه انتفع به وقال ونحن نأمر بذلك وقال غيره إذا كانت القوى قوية ، والحمى حارة جدا ، والنضج بين ولا ورم في الجوف ولا فتق ينفع الماء البارد شربا ، وإن كان خصب البدن ، والزمان حار وكان معتادا لاستعمال البارد من خارج فليؤذن فيه قال بعضهم قد ينتفع البدن بالحمى انتفاعا لا يبلغه الدواء فتكون حمى يوم وحمى العفنة سببا لإنضاج مواد غليظة لا تنضج بدونها ، وسببا لتفتح سدد لا تصل إليها [ ص: 123 ] الأدوية وتبرئ أكثر أنواع الرمد وتنفع من الفالج ، واللقوة ، والشنج الامتلائي والله أعلم .
ولا يعارض هذا ما ذكره الحافظ عبد القادر الرهاوي في تاريخه المادح ، والممدوح فيما ذكره من حديث محمد بن إسحاق الصغاني عن معاوية يعني بن عمر عن عن أبي إسحاق يعني الفزاري عن الأعمش جعفر بن عبد الرحمن عن أم طارق مولاة سعد قالت : { ائتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقرئي عليه السلام وأخبريه إنما سكتنا عنك رجاء أن تزيدنا فأتيته ، فبينا أنا قاعدة عنده إذ جاء شيء فاستأذن على الباب فقالت أنا أم ملدم قال لا مرحبا ولا أهلا أتنهدين إلى أهل سعد قباء ؟ قالت نعم قال فاذهبي إليهم } رواه أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن مرارا فلم يرد عليه فرجع فقال عن أحمد عن يعلى بن عبيد وفيه أن الأعمش أم طارق قالت سمعت صوتا على الباب يستأذن فقال من أنت ؟ وليس فيه فاقرئي عليه السلام . وذكر في تاريخه البخاري جعفر بن عبد الرحمن هذا وذكر معنى أول الخبر { فقال السلام عليكم فسلم ثلاثا سعد بن عبادة } فهذا الخبر إن صح فلا يعارض الخبر السابق ، لأن السابق أصح ولا تعارض بينهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى
وأم ملدم كنية الحمى ، والميم الأولى مكسورة زائدة وألدمت عليه الحمى دامت .
أيضا عن ولأحمد { جابر قباء فلقوا منها ما يعلم الله فأتوه فشكوا ذلك إليه فقال ما شئتم إن شئتم أن أدعو الله عز وجل فيكشفها عنكم ، وإن شئتم أن تكون لكم طهورا قالوا يا رسول الله أوتفعل قال نعم قالوا فدعها } . أن الحمى استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أمر بها إلى أهل