وعن جابر مرفوعا { تربوا صحفكم أنجح لها فإن التراب مبارك } وعن زيد بن ثابت مرفوعا { ضع القلم على أذنك فإنه أذكر للمملي } رواهما الترمذي وضعفهما ، وروى ابن ماجه الأول .
قال ابن عبد البر : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { تربوا الكتب وسحوها من أسفلها فإنه أنجح للحاجة } وذكر أيضا الخبر المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب } .
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويفيض المال ، ويكثر التجار ، ويظهر القلم } يعني الكتابة ، كذا ذكره ابن عبد البر والصحيح المشهور { يرفع العلم ويفيض المال } حسب . قال الحسن البصري : لقد أتى علينا زمان وإنما يقال : تاجر بني فلان وكاتب بني فلان ، ما يكون في الحي إلا التاجر الواحد والكاتب الواحد . وقال الحسن أيضا : لقد كان الرجل يأتي الحي العظيم فما يجد به كاتبا .
وفي الحديث المرفوع أيضا { فشو القلم وفشو التجارة من أشراط الساعة } يعني بقوله " فشو القلم " ظهور الكتابة وكثرة الكتاب .
وعن بعض المفسرين في قوله تعالى حاكيا عن يوسف عليه السلام [ ص: 160 ] { اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم } .
قال : كاتب حاسب . وقد كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة منهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت وعلي وعثمان وحنظلة الأسدي ومعاوية وعبد الله بن الأرقم ، وكان كاتبه المواظب على الرسائل والأجوبة ، وهو الذي كتب الوحي كله وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعلم كتاب السريانية ليجيب عنه من كتب إليه بها ، فتعلمها في ثمانية عشر يوما .
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكاتبه عبيد الله بن أبي رافع : إذا كتبت فألق دواتك . وأطل سن قلمك ، وفرج السطور ، وقارب بين الحروف .
وقالت العرب : القلم أحد اللسانين ، وقالوا : الخط الحسن يزيد الحق وضوحا .
وقال المأمون : الخط لسان السيد وهو أفضل أجزاء اليد ، وأمر أبو جعفر المنصور بسجن طائفة من الكتاب عتب عليهم فكتب إليه بعضهم من طريق السجن :
أطال الله عمرك في صلاح وعز يا أمير المؤمنينا بعفوك نستجير فإن تجرنا
فإنك رحمة للعالمينا ونحن الكاتبون وقد أسأنا
فهبنا للكرام الكاتبينا
قال : فعفا عنهم وأمر بتخليتهم .


