إن الجماعة حبل الله فاعتصموا منه بعروته الوثقى لمن دانا [ ص: 176 ] كم يدفع الله بالسلطان معضلة
في ديننا رحمة منه ودنيانا لولا الخلافة لم تؤمن لنا سبل
وكان أضعفنا نهبا لأقوانا
قال ابن الجوزي من التعريف والوعظ ، فأما تخشين القول نحو يا ظالم يا من لا يخاف الله ، فإن كان ذلك يحرك فتنة يتعدى شرها إلى الغير لم يجز ، وإن لم يخف إلا على نفسه فهو جائز عند جمهور العلماء قال : والذي أراد المنع من ذلك لأن المقصود إزالة المنكر وحمل السلطان بالانبساط عليه على فعل المنكر أكثر من فعل المنكر الذي قصد إزالته قال الإمام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع السلاطين رضي الله عنه : لا يتعرض للسلطان فإن سيفه مسلول وعصاه . أحمد
فأما ما جرى للسلف من التعرض لأمرائهم فإنهم كانوا يهابون العلماء فإذا انبسطوا عليهم احتملوهم في الأغلب ، من حديث ولأحمد عطية السعدي : { } . إذا استشاط السلطان ، تسلط عليه الشيطان
ووعظ ابن الجوزي في سنة أربع وسبعين وخمسمائة حضر الخليفة المستضيء بأمر الله وقال لو أني مثلت بين يدي السدة الشريفة لقلت يا أمير المؤمنين كن لله سبحانه مع حاجتك إليه ، كما كان لك مع غناه عنك ، إنه لم يجعل أحدا فوقك ، فلا ترض أن يكون أحد أشكر له منك ، فتصدق أمير المؤمنين بصدقات وأطلق محبوسين .
ووعظ أيضا في هذه السنة والخليفة حاضر قال : وبالغت في وعظ أمير المؤمنين فيما حكيته له أن الرشيد قال لشيبان : عظني . فقال يا أمير المؤمنين لأن تصحب من يخوفك حتى تدرك الأمن خير لك من أن تصحب من يؤمنك حتى تدرك الخوف قال فسر لي هذا قال من يقول لك [ ص: 177 ] أنت مسئول عن الرعية فاتق الله ، أنصح لك ممن يقول أنتم أهل بيت مغفور لكم وأنتم قرابة نبيكم ، فبكى الرشيد حتى رحمه من حوله ، فقلت له في كلامي يا أمير المؤمنين إن تكلمت خفت منك ، وإن سكت خفت عليك ، وأنا أقدم خوفي عليك على خوفي منك . انتهى كلامه .
ووعظ شبيب بن شيبة المنصور فقال : إن الله عز وجل لم يجعل فوقك أحدا ، فلا تجعل فوق شكرك شكرا .
ودخل على ابن السماك الرشيد فقال له تكلم وأوجز ، فقال : إن أخوف ما أخاف على نفسي الدخول إليك فغضب الرشيد وقال : لتخرجن مما قلت أو لأفعلن بك وأصنعن قال : أنت ولي الله في عباده فإن أنا لم أنصح لك فيهم وأصدقك عنهم خفت الله عز وجل في ذلك اتق الله في رعيتك ، وخف المرجع إلى الله عز وجل ، لم أر أحسن من وجهك فلا تجمله لجهنم حطبا .
وقال بعضهم : رب هالك بالثناء عليه ومغرور بالستر عليه ، ومستدرج بالإحسان إليه وقال إذا قيل لك أتخاف الله عز وجل فاسكت ، فإنك إن جئت بلا جئت بأمر عظيم وهول ، وإن قلت نعم فالخائف لا يكون على ما أنت عليه . الفضيل
وقال أبو حاتم : كل ما يكره الموت من أجله فاتركه لا يضرك متى مت وقال سفيان : ينبغي لمن وعظ أن لا يعنف ، ولمن وعظ أن لا يأنف ، ويذكر من يعظه ويخوفه ما يناسب الحال وما يحصل به المقصود ، ولا يطيل ، ولكل مقام مقال ، ولكل فن رجال .
والآيات والأخبار المتعلقة بالظلم والأمر بالعدل والتقوى والكف عن المحرمات مع اختلافها كثيرة مشهورة .
وفي الصحيحين أو صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { البخاري } . [ ص: 178 ] كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام الذي على الناس راع عليهم وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت زوجها ومسئولة عنه ، والعبد راع في مال سيده ومسئول عنه
قال الإمام رضي الله عنه : حدثني أحمد حدثني أبو اليمان عن إسماعيل بن عياش عن يزيد بن أبي مالك لقمان بن عامر عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } إسناد حسن إن شاء الله تعالى . ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله عز وجل يوم القيامة يده مغلولة إلى عنقه فكه بره ، أو أوثقه إثمه ، أولها ملامة ، وأوسطها ندامة ، وآخرها خزي يوم القيامة
وعن مرفوعا { عبادة } وعن ما من أمير عشرة إلا جيء به يوم القيامة ويده مغلولة إلى عنقه حتى يطلقه الحق أو يوبقه مرفوعا معناه رواهما سعد بن عبادة وإسنادهما ضعيف لكن لهذا المعنى طرق يعضد بعضها بعضا . أحمد
وفي من حديث البخاري عن الإمارة { أبي هريرة } . نعمت المرضعة وبئست الفاطمة
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أظنه عن { أبي هريرة } . سبعة يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله فذكر منهم الإمام العادل
وفي عن مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عبد الله بن عمرو } . المقسطون يوم القيامة عند الله عز وجل على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا
وقد ذكرت ما في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { } . وعن ثلاثة لا ترد لهم دعوة فذكر منهم الإمام العادل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } ، وعن من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { جرير بن عبد الله } رواهما من سن سنة خير فاتبع عليها فله أجره ومثل أجور من اتبعه غير منقوص من أجورهم شيئا ، ومن سن سنة شر فاتبع عليها كان عليه وزره ومثل أوزار من اتبعه غير منقوص من أوزارهم شيئا وغيره مسلم
ويأتي بعد نحو كراسين ما للمسلم على المسلم من النصح وغيره .
وذكر في كتاب بهجة المجالس قال ابن عبد البر [ ص: 179 ] لا يصلح هذا الأمر إلا شدة في غير عنف ، ولين في غير ضعف . أبو بكر الصديق
وقال لم يقم أمر الناس إلا امرؤ حصيف العقدة ، بعيد الغور ، لا يطلع الناس منه على عورة . ولا يخاف في الله لومة لائم . وعنه أيضا لا يقيم أمر الله في الناس إلا رجل يتكلم بلسانه كلمة يخاف الله في الناس ولا يخاف الناس في الله . عمر بن الخطاب
في أول كتاب كتبه : أما بعد فإنه أهلك من كان قبلكم أنهم منعوا الحق حتى اشتري ، وبسطوا الجور حتى افتدي . ولعلي بن أبي طالب
وقال مجاعة بن مرارة الحنفي : إذا كان الرأي عند من لا يقبل منه والسلاح عند من لا يستعمله والمال عند من لا ينفقه ضاعت الأمور . لأبي بكر الصديق
وقال الملك والدين أخوان لا غنى لأحدهما عن الآخر فالدين أس والملك حارس فما لم يكن له أس فمهدوم وما لم يكن له حارس فضائع . علي
وقال من الملوك من إذا ملك زهده الله عز وجل فيما في يديه ، ورغبه فيما في يد غيره ، وأشرب قلبه الإشفاق على من عنده ، فهو يحسد على القليل ويتسخط الكثير ومن كلام أبو بكر الصديق الفرس : لا ملك إلا برجال ، ولا رجال إلا بمال ، ولا مال إلا بعمارة ، ولا عمارة إلا بعدل . ومن كلامهم أيضا الملك الذي يأخذ أموال رعيته ويجحف بهم مثل من يأخذ الطين من أصول حيطانه فيطين به سطوحه فيوشك أن تقع عليه السطوح .
ومن كلام أرسطوطاليس العالم بستان سياجه الدولة ، الدولة سلطان تحيا به السنة ، السنة سياسة ، السياسة يسوسها الملك ، والملك راع يعضده الجيش ، الجيش أعوان يكلفهم المال ، المال رزق تجمعه الرعية ، الرعية عبيد يتعبدهم العدل ، العدل مألوف وهو صلاح العالم .
كتب إلى عبد الملك بن مروان أن صف لي الفتنة حتى كأني أراها رأي العين فكتب له لو كنت شاعرا لوصفتها لك في شعري ولكني [ ص: 180 ] أصفها لك بمبلغ علمي ورأيي : الفتنة تلقح بالنجوى ، وتنتج بالشكوى ، فلما قرأ كتابه قال إن ذلك لكما وصفت فخذ من قبلك من الجماعة وأعطهم عطايا الفرقة ، واستعن عليهم بالفاقة . فإنها نعم العون على الطاعة ، فأخبر بذلك الحجاج أبو جعفر المنصور فلم يزل عليه حتى مضى لسبيله .
لما أراد عمرو المسير إلى مصر قال يا أمير المؤمنين إني أريد أن أوصيك قال أجل فأوصني قال انظر فاقة الأحرار فاعمل في سدها ، وطغيان السفلة فاعمل في قمعها ، واستوحش من الكريم الجائع واللئيم الشبعان ، فإنما يصول الكريم إذا جاع ، واللئيم إذا شبع . لمعاوية
قال بعض الحكماء : الرعية للملك كالروح للجسد ، فإذا ذهب الروح فني الجسد قال الإسكندر لأرسطوطاليس أوصني قال انظر من كان له عبيد فأحسن سياستهم فوله الجند ، ومن كانت له ضيعة فأحسن تدبيرها فوله الخراج وقال بعض الحكماء : لا تصغر أمر من جاءك يحاربك ، فإنك إن ظفرت لم تحمد ، وإن عجزت لم تعذر .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم { صنفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس : الأمراء والعلماء } وفي خبر آخر عن موسى عليه السلام قال علامة رضا الله تعالى عن عباده أن يستعمل عليهم خيارهم ، وأن ينزل عليهم الغيث في أوانه ، وعلامة سخطه أن يولي عليهم شرارهم وينزل عليهم الغيث في غير أوانه . كتب عامل إلى : إن مدينتنا قد احتاجت إلى مرمة فكتب إليه عمر بن عبد العزيز حصن مدينتك بالعدل ونق طرقها من المظالم . عمر :
وقال قال لي محمد بن كعب القرظي صف لي العدل يا عمر بن عبد العزيز ابن كعب قلت بخ بخ سألت عن أمر عظيم كن لصغير الناس أبا ، ولكبيرهم ابنا ، وللمثل منهم أخا ، وللنساء كذلك ، وعاقب الناس بقدر ذنوبهم على قدر احتمالهم ولا تضربن لغضبك سوطا واحدا فتكون من العادين .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { } ومن الأمثال في السلطان إذا رغب الملك عن العدل رغبت الرعية عن الطاعة : لا صلاح للخاصة مع فساد العامة . لا نظام للدهماء ، مع دولة الغوغاء الملك عقيم الملك يبقي على الكفر ولا يبقي على الظلم سكر السلطان أشد من سكر الشراب قال الشاعر : يوم من إمام عادل أفضل من مطر [ ص: 181 ] أربعين صباحا أحوج ما تكون الأرض إليه
تخاف على حاكم عادل ونرجو فكيف بمن يظلم
إذا جار حكم امرئ ملحد على مسلم هكذا المسلم
إني وهبت لظالمي ظلمي وعفوت ذاك له على علمي
ورأيته أسدى إلي يدا فأبان منه بجهله حلمي
اصبر على الظلم ولا تنتصر فالظلم مردود على الظالم
وكل إلى الله ظلوما فما ربي عن الظالم بالنائم
وما من يد إلا يد الله فوقها وما من ظالم إلا سيبلى بظالم
وقال : أبو العتاهية
أما والله إن الظلم لؤم وما زال المسيء هو الظلوم
إلى ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في الحساب إذا التقينا غدا عند الإله من الملوم
إذا جار الأمير وكاتباه وقاضي الأرض داهن في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء
وعن مرفوعا { أبي هريرة } رواه مسلم وقال ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه لأن يخطئ الإمام في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة وقال سعيد بن المسيب جعفر بن محمد لأن أندم على العفو أحب إلي من أن أندم على العقوبة ، كان يقال لي أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة ، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه .
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { } وذكرت في مكان آخر ما تكرر من قوله عليه السلام { لا تغضب } وقوله { ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب } وقد قيل : { إذا غضب أحدكم فإن كان قائما فليجلس ، وإن كان جالسا فليضطجع أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام اذكرني عند غضبك أذكرك عند غضبي فلا أمحقك فيمن أمحق ، وإذا ظلمت فارض بنصرتي لك فإنها خير من نصرتك لنفسك } .
{ وقال عيسى عليه السلام : يباعدك من غضب الله عز وجل أن لا تغضب } . وقد ذكرت معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم { وقال سليمان بن داود عليهما السلام : أعطينا ما أعطي الناس وما لم يعطوا ، وعلمنا ما علم الناس وما لم يعلموا ، فلم نر شيئا أفضل من العدل في الرضا والغضب ، والقصد في الغنى والفقر [ ص: 183 ] وخشية الله عز وجل في السر والعلانية } .
وقال رضي الله عنه : إنما يعرف الحلم ساعة الغضب وكان يقول أول الغضب جنون وآخره ندم ولا يقوم الغضب بذل الاعتذار وربما كان العطب في الغضب وقيل علي بن أبي طالب للشعبي لأي شيء يكون السريع الغضب سريع الفيئة ويكون بطيء الغضب بطيء الفيئة قال لأن الغضب كالنار فأسرعها وقودا أسرعها خمودا . أراد المنصور خراب المدينة لإطباق أهلها على حربه مع فقال له محمد بن عبد الله بن حسن جعفر بن محمد يا أمير المؤمنين إن سليمان عليه السلام أعطي فشكر ، وإن أيوب عليه السلام ابتلي فصبر ، وإن يوسف عليه السلام قدر فغفر ، وقد جعلك الله عز وجل من نسل الذين يعفون ويصفحون . فطفئ غضبه وسكت . وسيأتي ما يتعلق بهذا بالقرب من نصف الكتاب في الخلق الحسن والحلم ونحو ذلك .
وقد قال فيما رواه ابن هبيرة عن البخاري مرفوعا { أبي هريرة } قال فيه من الفقه أن المنعم عليه إذا بولغ في الإحسان إليه فإن من تمام الإحسان أن يشعر قدر أكثر الذي خلص فيه ليكون عليه من جهتين ، بأن وقاه الله عز وجل الشر وغمسه في الخير ، كما أن الكافر إذا اشتد به الانتقام أري مقام الفوز الذي فاته لتضاعف حسرته من طرفين : ما هو فيه وتوالي حسراته على ما فاته من الخير ليكون غمه من كلا جانبيه . لا يدخل الجنة أحد إلا أري مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا ، ولا يدخل النار أحد إلا أري مقعده من الجنة ليكون عليه حسرة
وقال في الفنون قال بعض أهل العلم قولا بمحضر من السلطان في الاحتداد عليه وأخذ بعض من حضر يترفق ويسكن غضبه ولم يك محله بحيث يشفع في مثل ذلك العالم ، فالتفت العالم فقال للشافع يا هذا غضب هذا الصدر وكلامه إياي بما يشق أحب إلي من شفاعتك إليه ، فإن غضبه لا يغض مني وهو سلطاني ، وشفاعتك في غضاضة علي وكان القائل حنبليا فأفحم الشافع وأرضى السلطان . [ ص: 184 ] ابن عقيل
وقال أيضا غضب بعض الصوفية على الأمير في طريق الحج فقال حنبلي بلسان القوم . قبيح بنا أن نخرج ونرجع مطاوعة للنفوس وهل خرجنا إلا وقد قتلنا النفوس ؟ فرجع معه وأطاعه فقال سبحان الله لو خوطبوا بلسان الشريعة من آية أو خبر ما استجابوا فلما خوطبوا بكلمتين من الطريقة أسرعوا الإجابة فما أحسن قول الله عز وجل { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم } .
وفي حواشي تعليق ذكر القاضي أبي يعلى المدائني في كتاب السلطان عن أن إبراهيم بن محمد بن المنتشر رضي الله عنه قال له رجل يا أمير المؤمنين عظني قال مستوص أنت قال نعم قال : لا تهلك الناس عن نفسك فإن الأمر يصل إليك دونهم ، ولا تقطع النهار بكذا وكذا فإنه محفوظ عليك ما غفلت ، وإذا أسأت فأحسن فإني لم أر شيئا أشد طلبا ولا أسرع إدراكا من حسنة حديثة لذنب قديم . عمر بن الخطاب
وبإسناده عن حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نعمت الهدية ونعمت العطية الكلمة من كلام الحكمة يسمعها الرجل فينطوي عليها حتى يهديها إلى أخيه } وفي عن البخاري في قوله تعالى : { ابن عباس ادفع بالتي هي أحسن } . قال الصبر عند الغضب والعفو عند الإساءة فإذا عصمهم الله عز وجل وخضع لهم عدوهم .
وقال أبو داود في الخراج اتخاذ الوزير حدثنا موسى بن عامر المري حدثنا الوليد حدثنا عن أبيه عن زهير بن محمد بن عبد الرحمن بن الهيثم رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { عائشة } حديث حسن رجاله ثقات وزهير تكلم فيه وحديثه حسن . [ ص: 185 ] إذا أراد الله عز وجل بالأمير خيرا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه ، وإذا أراد الله عز وجل به غير ذلك جعل له وزير سوء ، إن نسي لم يذكره ، وإن ذكر لم يعنه
ويأتي في آداب الأكل في الضيف قصة فيما تعلق بهذا ويأتي أيضا في الاستئذان وأيضا في الشفاعة بالقرب من نصف الكتاب ما يتعلق بهذا وقال أبي الهيثم بن التيهان في أبو العتاهية . ابن السماك الواعظ
يا واعظ الناس قد أصبحت متهما إذ عبت منهم أمورا أنت آتيها
كلابس الصوت من عري وعورته للناس بادية ما إن يواريها
وأعظم الإثم بعد الشرك تعلمه في كل نفس عماها عن مساويها
عرفانها بعيوب الناس تبصرها منهم ولا تبصر العيب الذي فيها
وقال بعض أصحاب الإسكندر له : قد بسط الله عز وجل ملكك وعظم سلطانك فبأي الأشياء أنت أسر ؟ بما نلت من أعدائك ، أو بما بلغت من سلطانك ؟ فقال كلاهما عندي يسير ، وأعظم ما أسر به ما استننت في الرعية من السنن الجميلة والشرائع الحسنة . ولما مات الإسكندر قال نادبه : حركنا الإسكندر بسكونه قال كان يقال من أحبك نهاك ومن أبغضك أغراك . وذكر ابن عبد البر في تاريخه أن الحاكم أحمد بن يسار كتب إلى بعض الولاة :
لا تشرهن فإن الذل في الشره والعز في الحلم لا في الطيش والسفه
وقل لمغتبط في التيه من حمق لو كنت تعلم ما في التيه لم تته
للتيه مفسدة للدين منقصة للعقل مهلكة للعرض فانتبه