وممن توفي فيها من الأعيان : 
قال ابن جرير :  فيها كان مهلك 
الأمير عبد الوهاب بن بخت  
 وهو مع البطال عبد الله  بأرض الروم    . قتل شهيدا ، وهذه ترجمته : 
 [ ص: 66 ] 
هو عبد الوهاب بن بخت أبو عبيدة  ويقال : أبو بكر . مولى آل مروان ، مكي  سكن الشام  ثم تحول إلى المدينة  روى عن ابن عمر  ، وأنس  وأبي هريرة  وجماعة من التابعين . وعنه خلق منهم أيوب  ،  ومالك بن أنس  ، ويحيى بن سعيد الأنصاري  ،  وعبيد الله العمري    . 
حديثه عن أنس  مرفوعا :   " نضر الله امرأ سمع مقالتي هذه فوعاها ، ثم بلغها غيره ، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغل عليهن صدر مؤمن ; إخلاص العمل لله ، ومناصحة أولي الأمر ، ولزوم جماعة المسلمين ، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم " . 
وروى عن  أبي الزناد  عن  الأعرج  ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة ثم لقيه ، فليسلم عليه   . وقد وثق عبد الوهاب  هذا جماعات من أئمة العلم . 
وقال مالك    : كان كثير الحج والعمرة والغزو حتى استشهد ، ولم يكن أحق بما في رحله من رفقائه . وكان سمحا جوادا ، استشهد ببلاد الروم  مع الأمير   [ ص: 67 ] أبي محمد عبد الله البطال  ودفن هناك ، رحمه الله تعالى . وكانت وفاته في هذه السنة . قاله خليفة وغيره . وذلك أنه لقي العدو ، ففر بعض المسلمين ، فجعل ينادي ويركض فرسه نحو العدو ; أن هلموا إلى الجنة ، ويحكم ! أتفرون من الجنة؟ ! ثم قاتل حتى قتل ، رحمه الله . 
 مكحول الشامي   ، 
تابعي جليل ، كبير القدر ، إمام أهل الشام  في زمانه ، وكان مولى لامرأة من هذيل  وقيل : مولى امرأة من آل سعيد بن العاص    . وكان نوبيا . وقيل : من سبي كابل    . وقيل : كان من الأبناء ، من سلالة الأكاسرة . وقد ذكرنا نسبه في كتابنا " التكميل " . 
وقال محمد بن إسحاق    : سمعته يقول : طفت الأرض كلها في طلب العلم . 
وقال الزهري    : العلماء أربعة  سعيد بن المسيب  بالحجاز  والحسن البصري  بالبصرة   والشعبي  بالكوفة  ومكحول  بالشام    . 
وقال بعضهم : كان لا يستطيع أن يقول : قل . وإنما يقول : كل . وكان له وجاهة عند الناس ، مهما أمر به من شيء يفعل . 
وقال سعيد بن عبد العزيز    : كان أفقه أهل الشام  وكان أفقه من الزهري    . 
 [ ص: 68 ] وقال غير واحد : توفي في هذه السنة . وقيل : بعدها . فالله أعلم . 
 [ ص: 69 ] 
				
						
						
