[ ص: 241 ] ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومائة 
في المحرم منها وجه قحطبة بن شبيب  ولده الحسن  إلى قومس  لقتال نصر بن سيار  ، وأردفه بالأمداد ، فخامر بعضهم إلى نصر  ، وارتحل نصر  فنزل الري  ، فأقام بها يومين ، ثم مرض ، فسار منها إلى همذان  ، فلما كان بساوة  قريبا من همذان  توفي لمضي ثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من هذه السنة ، عن خمس وثمانين سنة ، فلما مات نصر  تمكن أبو مسلم الخراساني  وأصحابه من بلاد خراسان   وقويت شوكتهم جدا ، فسار قحطبة  من جرجان  ، وقدم أمامه زياد بن زرارة القشيري  وكان قد ندم على اتباع أبي مسلم  فترك الجيش ، وأخذ جماعة معه ، وسلك طريق أصبهان  ليأتي ابن ضبارة  فبعث قحطبة  وراءه جيشا ، فقتلوا عامة أصحابه ، وأقبل قحطبة  وراءه ، فقدم قومس  ، وقد افتتحها ابنه الحسن  فأقام بها ، وبعث ابنه بين يديه إلى الري ، ثم ساق وراءه ، فوجده قد افتتحها ، فأقام بها وكتب إلى أبي مسلم  بذلك ، وارتحل أبو مسلم  من مرو  فنزل نيسابور  واستفحل أمره جدا ، وبعث قحطبة    - بعد دخوله الري  بثلاث - ابنه الحسن  بين يديه إلى همذان  ، فلما اقترب منها خرج منها مالك بن أدهم  وجماعة من أجناد الشام  وخراسان  فنزلوا نهاوند  فافتتح الحسن  همذان  ، ثم سار وراءهم إلى نهاوند  ، وبعث إليه أبوه بالأمداد وراءه ، فجاء فحاصرهم بها حتى افتتحها . 
 [ ص: 243 ] وفي هذه السنة مات عامر بن ضبارة  وكان سبب ذلك أن ابن هبيرة  كان قد كتب إليه أن يسير إلى قحطبة  وأمده بالعساكر ، فسار ابن ضبارة  حتى التقى مع قحطبة  ، وابن ضبارة  في مائة وخمسين ألفا ، وكان يقال له : عسكر العساكر ، وقحطبة  في عشرين ألفا ، فلما تواجه الفريقان رفع قحطبة  وأصحابه المصاحف ، ونادى المنادي : يا أهل الشام  ، إنا ندعوكم إلى ما في هذا المصحف . فشتموا المنادي ، وشتموا قحطبة  ، فأمر قحطبة  أصحابه أن يحملوا عليهم ، فلم يكن بينهم كثير قتال حتى انهزم أصحاب ابن ضبارة  واتبعهم أصحاب قحطبة  ، فقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وقتلوا ابن ضبارة  في العسكر وأخذوا من عسكرهم ما لا يحد ولا يوصف . 
وفيها حاصر قحطبة  نهاوند  حصارا شديدا ، حتى سأله أهل الشام  الذين بها أن يشغل أهلها حتى يفتحوا له الباب ، ففتحوا له الباب ، وأخذوا لهم منه أمانا ، فقال لهم من بها من أهل خراسان    : ما فعلتم ؟ فقالوا : أخذنا لنا ولكم أمانا . فخرجوا ظانين أنهم في أمان ، فقال قحطبة  للأمراء الذين معه : كل من حصل عنده أسير من الخراسانيين  فليضرب عنقه وليأتنا برأسه . ففعلوا ذلك ، ولم يبق ممن كان هرب من أبي مسلم  منهم أحد ، وأطلق الشاميين  وأوفى لهم عهدهم ، وأخذ عليهم الميثاق أن لا يمالئوا عليه عدوا ، ثم بعث قحطبة    - عن أمر أبي مسلم    - أبا عون  إلى شهرزور  في ثلاثين ألفا ، فحاصرها حتى افتتحها ، وقتل نائبها عثمان بن سفيان    . وقيل : لم يقتل بل تحول إلى الموصل  والجزيرة  وبعث   [ ص: 244 ] إلى قحطبة  بذلك . ولما بلغ مروان  خبر قحطبة  ، وأبي مسلم  وما وقع من أمرهما تحول من حران  ، فنزل بمكان يقال له : الزاب الأكبر    . 
وفيها قصد قحطبة  في جيش كثيف نائب العراق  يزيد بن عمر بن هبيرة  ، فلما اقترب منه تقهقر ابن هبيرة  إلى ورائه ، وما زال يتقهقر إلى أن جاوز الفرات ، وجاء قحطبة  فجازه وراءه ، وكان من أمرهما ما سنذكره في السنة الآتية ، إن شاء الله تعالى . 
				
						
						
