ذكر بني أمية وابتداء دولة بني العباس من الأخبار النبوية وغيرها ما ورد في انقضاء دولة
قال العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة إذا بلغ بنو أبي العاص أربعين رجلا اتخذوا دين الله دغلا ، وعباد الله خولا ، ومال الله دولا . ورواه الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد مرفوعا بنحوه .
[ ص: 267 ] وروى ابن لهيعة ، عن عن أبي قبيل ابن موهب أنه كان عند معاوية فدخل عليه ، فكلمه في حاجة ، فقال : اقض حاجتي فإني لأبو عشرة ، وعم عشرة وأخو عشرة . فلما أدبر مروان بن الحكم مروان قال معاوية ، وهو معه على السرير : أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لابن عباس إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله بينهم دولا ، وعباد الله خولا ، وكتاب الله دغلا ، فإذا بلغوا سبعة وتسعين وأربعمائة ، كان هلاكهم أسرع من لوك تمرة ؟ فقال ابن عباس : اللهم نعم . قال : وذكر مروان حاجة له فرد مروان عبد الملك إلى معاوية فكلمه فيها ، فلما أدبر عبد الملك قال معاوية : أنشدك بالله يا ابن عباس ، أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر هذا فقال : " أبو الجبابرة الأربعة " ؟ فقال ابن عباس : اللهم نعم .
وقال أبو داود الطيالسى : حدثنا القاسم بن الفضل ، ثنا يوسف بن مازن الراسبي قال : الحسن بن علي بعدما معاوية فقال : يا مسود وجوه المؤمنين . فقال بايع الحسن : لا تؤنبني رحمك الله ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بني أمية يخطبون على منبره رجلا رجلا ، فساءه ذلك ، فنزلت : إنا أعطيناك الكوثر [ الكوثر : 1 ] . وهو نهر في الجنة ، ونزلت : إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر [ ص: 268 ] [ القدر : 1 - 3 ] يملكه بنو أمية . قال : فحسبنا ذلك ، فإذا هو كما قال ، لا يزيد يوما ولا ينقص . وقد رواه قام رجل إلى الترمذي ، عن محمود بن غيلان ، عن ، ثم قال : غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي داود الطيالسي القاسم بن الفضل وهو ثقة ، وثقه يحيى القطان وابن مهدي . قال : وشيخه يوسف بن سعد ويقال : يوسف بن مازن . رجل مجهول ، ولا يعرف هذا بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه . وأخرجه في " مستدركه " من حديث الحاكم ، وقد تكلمت على نكارة هذا الحديث في " التفسير " بكلام مبسوط ، ولله الحمد والمنة ، وإنما يتجه أن يكون دولة القاسم بن الفضل الحداني بني أمية ألف شهر ، إذا أسقط منها أيام عبد الله بن الزبير ، وذلك أن معاوية بويع له مستقلا بالملك في سنة أربعين ، وهي عام الجماعة حين سلم إليه الحسن بن علي الأمر بعد ستة أشهر من قتل علي ثم زالت الخلافة عن بني أمية في هذه السنة ، أعني سنة ثنتين وثلاثين ومائة ، وذلك ثنتان وتسعون سنة ، وإذا أسقط منها تسع سنين بقي ثلاث وثمانون سنة ، وهي مقاربة لما ورد في هذا الحديث ، ولكن ليس هذا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر هذه الآية بهذا ، وإنما هذا من بعض الرواة ، وقد تكلمنا على ذلك مطولا في " التفسير " ، وتقدم في الدلائل أيضا تقريره . والله أعلم .
[ ص: 269 ] وقال ، عن علي بن المديني يحيى بن سعيد ، عن ، عن سفيان الثوري علي بن زيد ، عن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سعيد بن المسيب رأيت بني أمية يصعدون منبري ، فشق ذلك علي ، فأنزلت : " إنا أنزلناه في ليلة القدر " . فيه ضعف وإرسال .
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة : ثنا ، ثنا يحيى بن معين ، عن عبد الله بن نمير ، عن سفيان الثوري علي بن زيد ، عن في قوله : سعيد بن المسيب وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس [ الإسراء : 60 ] قال : رأى ناسا من بني أمية على المنابر ، فساءه ذلك ، فقيل له : إنما هي دنيا يعطونها . فسري عنه .
وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم رأى فلانا ، وهو بعض بني أمية على المنبر يخطب الناس ، فشق ذلك عليه ، فأنزل الله تعالى : وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين [ الأنبياء : 111 ] يقول : هذا الملك فتنة لكم ومتاع إلى حين .
وقال مالك بن دينار سمعت أبا الجوزاء يقول : والله ليغيرن الله ملك [ ص: 270 ] بني أمية كما غير ملك من كان قبلهم ، ثم قرأ قوله تعالى : وتلك الأيام نداولها بين الناس [ آل عمران : 140 ] فيه ضعف وإرسال .
وقال ابن أبي الدنيا : حدثني إبراهيم بن سعيد ، ثنا أبو أسامة ، ثنا عمر بن حمزة أخبرني عمر بن سيف ، مولى لعثمان بن عفان قال : سمعت وهو يقول سعيد بن المسيب لأبي بكر بن عبد الرحمن ، ولأبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة - وذكروا بني أمية - فقال : لا يكون هلاكهم إلا بينهم . قالوا : كيف ؟ قال : يهلك خلفاؤهم ، ويبقى شرارهم ، فيتنافسونها ، ثم يكثر الناس عليهم فيهلكونهم .
وقال يعقوب بن سفيان : أنبأ أحمد بن محمد الأزرقي ، ثنا الزنجي ، عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه ، عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة بني الحكم - أو بني أبي العاص - ينزون على منبري كما تنزو القردة . قال : فما رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا حتى توفي . رأيت في النوم
قال أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، ثنا سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد ، عن علي بن الحكم البناني ، عن [ ص: 271 ] أبي الحسن ، هو الحمصي ، عن عمرو بن مرة ، وكانت له صحبة ، قال : يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعرف كلامه ، فقال : ائذنوا له ، حية أو ولد حية ، عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمنين ، وقليل ما هم ، يشرفون في الدنيا ويوضعون في الآخرة ، ذوو مكر وخديعة ، يعظمون في الدنيا ، وما لهم في الآخرة من خلاق الحكم بن أبي العاص . جاء
وقال أبو بكر الخطيب البغدادي : أنبأ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن محمد ، أنبأ محمد بن المظفر الحافظ ، أنبأ أبو القاسم عامر بن خريم بن محمد بن مروان الدمشقي ، أنبأ أحمد بن إبراهيم بن هشام بن ملاس ، ثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم بن يزيد مولى أم الحكم بنت عبد العزيز ، أخت عمر بن عبد العزيز ، حدثنا يزيد بن ربيعة ، حدثنا أبو الأشعث الصنعاني ، عن ثوبان قال : أم حبيبة بنت أبي سفيان فنحب ثم تبسم ، فقالوا : يا رسول الله ، رأيناك نحبت ثم تبسمت . فقال : رأيت بني مروان يتعاورون على منبري ، فساءني ذلك ، ثم رأيت بني العباس يتعاورون على منبري ، فسرني ذلك . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نائما واضعا رأسه على فخذ
وقال يعقوب بن سفيان : حدثني محمد بن خالد بن العباس ، ثنا الوليد بن [ ص: 272 ] مسلم ، حدثني أبو عبد الله ، عن الوليد بن هشام المعيطي ، عن أبان بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط قال : قدم ابن عباس على معاوية وأنا حاضر ، فأجازه فأحسن جائزته ، ثم قال : يا أبا العباس ، هل تكون لكم دولة ؟ فقال : أعفني يا أمير المؤمنين . فقال : لتخبرني . قال : نعم . قال : فمن أنصاركم ؟ قال : أهل خراسان ولبني أمية من بني هاشم نطحات .
وقال ، عن المنهال بن عمرو سعيد بن جبير ، سمعت ابن عباس يقول : يكون منا ثلاثة أهل البيت : السفاح ، والمنصور ، والمهدي . رواه من غير وجه . ورواه البيهقي الأعمش ، عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا .
وروى عن ابن أبي خيثمة ابن معين ، عن سفيان بن عيينة ، عن ، عن عمرو بن دينار أبي معبد ، عن ابن عباس قال : كما افتتح الله بأولنا فأرجو أن يختمه بنا . وهذا إسناد صحيح إليه ، وكذا وقع ويقع إن شاء الله .
وروى عن البيهقي عن الحاكم الأصم ، عن أحمد بن عبد الجبار ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : السفاح . يعطي المال حثيا . يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن ، يقال له :
وقال عبد الرزاق : حدثنا الثوري ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة عن [ ص: 273 ] أبي أسماء ، عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خراسان ، فيقتلونكم مقتلة لم ير مثلها - ثم ذكر شيئا - فإذا كان ذلك فأتوه ولو حبوا على الثلج ، فإنه خليفة الله المهدي . ورواه بعضهم عن يقتتل عند كنزكم هذه ثلاثة ، كلهم ولد خليفة ، لا تصير إلى واحد منهم ، ثم تقبل الرايات السود من ثوبان فوقفه ، وهو أشبه . والله أعلم .
وقال : حدثني الإمام أحمد يحيى بن غيلان ، قالا : ثنا وقتيبة بن سعيد ، حدثني رشدين بن سعد ، عن يونس بن يزيد ابن شهاب ، عن قبيصة هو ابن ذؤيب ، عن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : أبي هريرة خراسان رايات سود ، لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء . وقد رواه يخرج من في الدلائل من حديث البيهقي رشدين بن سعد المصري وهو ضعيف . ثم قال : وقد روي قريب من هذا عن كعب الأحبار ، وهو أشبه .
ثم قال من طريق يعقوب بن سفيان : حدثنا محدث ، عن عن أبي المغيرة عبد القدوس عمن حدثه عن ابن عياش كعب الأحبار قال : تظهر رايات سود لبني العباس حتى ينزلوا الشام ، ويقتل الله على أيديهم كل جبار [ ص: 274 ] وعدو لهم .
وقال إبراهيم بن الحسين بن ديزيل عن عن ابن أبي أويس ابن أبي فديك ، عن محمد بن عبد الرحمن العامري ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبي هريرة للعباس : فيكم النبوة وفيكم المملكة .
وقال عبد الله بن أحمد : عن ابن معين ، عن عبيد بن أبي قرة ، عن الليث ، عن ، عن أبي قبيل أبي ميسرة مولى العباس ، قال : سمعت العباس يقول . قال كنت : عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال : انظر هل ترى في السماء من شيء ؟ قلت : نعم . قال : ما ترى ؟ قلت : الثريا . قال : أما إنه سيملك هذه الأمة بعددها من صلبك : البخاري عبيد بن أبي قرة لا يتابع على حديثه .
وروى من طريق ابن عدي ، عن سويد بن سعيد حجاج بن تميم ، عن ، عن ميمون بن مهران ابن عباس قال : مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل وأنا أظنه فقال دحية الكلبي جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لوسخ الثياب ، وسيلبس ولده من بعده السواد . وهذا منكر من هذا الوجه ، ولا شك أن شعار بني العباس كان السواد ، وأخذوا ذلك من دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى رأسه [ ص: 275 ] عمامة سوداء ، فتيمنوا بذلك ، وجعلوه شعارهم في الجمع والخطب والأعياد والمحافل ، وكذلك كان جندهم لا بد أن يكون على أحدهم شيء من السواد ، ومن ذلك ما يلبسه الملوك للأمراء حين يخلع عليهم بالإمرة ، لا بد وأن يلبس شيئا من السواد وهو الشربوش ، وكذلك دخل عبد الله بن علي يوم دخل دمشق وهو لابس السواد ، فجعل النساء والصبيان يعجبون من لباسه ، وكان دخوله من باب كيسان ، وقد خطب بالناس يوم الجمعة وصلى بهم وعليه السواد .
وقد روى عن بعض الخراسانيين قال : لما خطب بالناس الحافظ ابن عساكر عبد الله بن علي بدمشق وتقدم بالناس فصلى ; صلى رجل إلى جانبي ، فقال : الله أكبر ، سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك . ثم قال ، ونظر إلى عبد الله بن علي : ما أقبح وجهك وأشنع سوادك ! وما زال السواد شعارهم إلى يومك هذا ، كما يلبسه الخطباء يوم الجمعة .