[ ص: 55 ] شبيهة بهذه القصة في الصدق والأمانة قصة أخرى
قال : حدثنا البخاري إسحاق بن نصر أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن عن همام بن منبه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة اشترى رجل من رجل عقارا له فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب فقال له الذي اشترى العقار : خذ ذهبك مني إنما اشتريت منك الأرض ، ولم أبتع منك الذهب ، وقال الذي له الأرض : إنما بعتك الأرض وما فيها فتحاكما إلى رجل فقال الذي تحاكما إليه : ألكما ولد ؟ قال أحدهما : لي غلام ، وقال الآخر : لي جارية قال : أنكحوا الغلام الجارية ، وأنفقوا على أنفسهما منه ، وتصدقا هكذا روى هذا الحديث في أخبار البخاري بني إسرائيل ، وأخرجه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق به .
وقد روي أن هذه القصة وقعت في زمن وقد كان قبل ذي القرنين بني إسرائيل بدهور متطاولة ، فالله أعلم .
[ ص: 56 ] قال في كتابه " المبتدأ " عن إسحاق بن بشر عن سعيد بن أبي عروبة قتادة عن الحسن : إن ذا القرنين كان يتفقد أمور ملوكه ، وعماله بنفسه وكان لا يطلع على أحد منهم خيانة إلا أنكر ذلك عليه وكان لا يقبل ذلك حتى يطلع هو بنفسه . قال : فبينما هو يسير متنكرا في بعض المدائن فجلس إلى قاض من قضاتهم أياما لا يختلف إليه أحد في خصومة فلما أن طال ذلك بذي القرنين ، ولم يطلع على شيء من أمر ذلك القاضي ، وهم بالانصراف إذا هو برجلين قد اختصما إليه فادعى أحدهما فقال : أيها القاضي إني اشتريت من هذا دارا عمرتها ، ووجدت فيها كنزا ، وإني دعوته إلى أخذه فأبى علي فقال له القاضي : ما تقول قال : ما دفنت وما علمت به فليس هو لي ولا أقبضه منه قال المدعي : أيها القاضي مر من يقبضه فتضعه حيث أحببت فقال القاضي : تفر من الشر وتدخلني فيه ما أنصفتني وما أظن هذا في قضاء الملك ، فقال القاضي : هل لكما في أمر أنصف مما دعوتماني إليه ؟ قالا : نعم قال للمدعي : ألك ابن ؟ قال : نعم . وقال للآخر : ألك ابنة ؟ قال : نعم . قال : اذهبا فزوج ابنتك من ابن هذا وجهزوهما من هذا المال ، وادفعوا فضل ما بقي إليهما يعيشان به فتكونا قد صليتما بخيره وشره فعجب ذو القرنين حين سمع ذلك ، ثم قال [ ص: 57 ] للقاضي : ما ظننت أن في الأرض أحدا يفعل مثل هذا أوقاض يقضي بمثل هذا ؟ ! فقال القاضي : وهو لا يعرفه ، وهل أحد يفعل غير هذا ؟ قال ذو القرنين : نعم . قال القاضي : فهل يمطرون في بلادهم ؟ فعجب ذو القرنين من ذلك ، وقال : بمثل هذا قامت السماوات والأرض .
[ ص: 58 ] قصة أخرى
قال : حدثنا البخاري حدثنا محمد بن بشار محمد بن أبي عدي عن شعبة عن قتادة عن أبي الصديق الناجي عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي سعيد الخدري كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا ، ثم خرج يسأل فأتى راهبا فسأله فقال : هل من توبة ؟ قال : لا . فقتله فجعل يسأل فقال له رجل : ائت قرية كذا وكذا فأدركه الموت فناء بصدره نحوها فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فأوحى الله إلى هذه أن تقربي ، وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي ، وقال : قيسوا ما بينهما فوجد إلى هذه أقرب بشبر فغفر له هكذا رواه هاهنا مختصرا وقد رواه مسلم عن بندار به ومن حديث شعبة من وجه آخر عن قتادة به مطولا .
حديث آخر
قال حدثنا البخاري علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا أبو الزناد عن عن الأعرج أبي سلمة عن قال أبي هريرة صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ، ثم أقبل على الناس فقال : بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت : إنا لم نخلق لهذا ، إنما [ ص: 59 ] خلقنا للحرث فقال الناس : سبحان الله بقرة تكلم ! فقال : فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر - وما هما ثم - . وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة فطلب حتى كأنه استنقذها منه فقال له الذئب : هذا استنقذتها مني ! فمن لها يوم السبع ، يوم لا راعي لها غيري ؟ فقال الناس : سبحان الله ذئب يتكلم ! قال فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر - وما هما .
ثم قال : وحدثنا علي قال : حدثنا سفيان عن مسعر عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله ، وقد أسنده أبي هريرة في المزارعة عن البخاري محمد بن بشار ، ومسلم عن عن محمد بن عباد سفيان بن عيينة ، وأخرجاه من طريق شعبة كلاهما عن سعد به . وقال الترمذي : حسن صحيح . وأخرج مسلم الطريق الأول من حديث سفيان بن [ ص: 60 ] عيينة كلاهما عن وسفيان الثوري به . أبي الزناد
حديث آخر : قال : حدثنا البخاري عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم عن سعد عن أبيه عن أبي سلمة عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة إنه كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون ، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب " . لم يخرجه مسلم من هذا الوجه . وقد روي عن إبراهيم بن سعد عن أبيه سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها .
حديث آخر : قال حدثنا البخاري عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان عام حج على المنبر فتناول قصة من شعر كانت في يدي حرسي فقال : يا أهل المدينة أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ، ويقول : إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم . وهكذا رواه مسلم ، وأبو داود من حديث مالك ، وكذا رواه معمر [ ص: 61 ] ويونس عن وسفيان بن عيينة الزهري بنحوه ، وقال الترمذي : حديث صحيح .
وقال : حدثنا البخاري آدم حدثنا شعبة حدثنا عمرو بن مرة قال : سمعت قال سعيد بن المسيب قدم معاوية بن أبي سفيان المدينة آخر قدمة قدمها فخطبنا فأخرج كبة شعر فقال : ما كنت أرى أن أحدا يفعل هذا غير اليهود إن النبي صلى الله عليه وسلم سماه الزور يعني : الوصال في الشعر . تابعه غندر عن شعبة والعجب أن مسلما رواه من غير وجه عن غندر عن شعبة به ، ومن حديث قتادة عن سعيد بن المسيب
حديث آخر : قال حدثنا البخاري سعيد بن تليد حدثنا ابن وهب قال أخبرني جرير بن حازم عن أيوب عن عن محمد بن سيرين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته [ ص: 62 ] فغفر لها به . ورواه مسلم عن أبي الطاهر بن السرح عن ابن وهب به .
حديث آخر قال حدثنا البخاري عبد الله بن محمد بن أسماء حدثنا جويرية عن نافع عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار فلا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض . وكذا رواه مسلم عن عبد الله بن محمد بن أسماء به .
حديث آخر قال الإمام أحمد : حدثنا عثمان بن عمر حدثنا المستمر بن الريان حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كان في بني إسرائيل امرأة قصيرة فصنعت رجلين من خشب فكانت تمشي بين امرأتين قصيرتين ، واتخذت خاتما من ذهب ، وحشت تحت فصه أطيب الطيب المسك فكانت إذا مرت بالمجلس حركته فنفح ريحه . رواه مسلم من حديث المستمر ، وخليد بن جعفر كلاهما عن عن أبي نضرة أبي سعيد مرفوعا قريبا منه ، وقال الترمذي حديث صحيح .
[ ص: 63 ] حديث آخر قال حدثنا البخاري آدم حدثنا شعبة عن منصور سمعت يحدث عن ربعي بن حراش ابن مسعود قال رسول صلى الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس من كلام النبوة : إذا لم تستح فاصنع ما شئت تفرد به دون البخاري مسلم وقد رواه بعضهم عن عن ربعي بن حراش حذيفة مرفوعا وموقوفا أيضا . والله أعلم .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا عبد الحميد يعني ابن بهرام قال : قال شهر بن حوشب : أبو هريرة فوالذي نفس أبي القاسم بيده - عن قول أبو هريرة محمد صلى الله عليه وسلم - لو أخذت ما في رحييها ولم تنفضها ، لطحنتها إلى يوم القيامة . بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي ، لا يقدران على شيء فجاء الرجل من سفره فدخل على امرأته جائعا قد أصابته مسغبة شديدة فقال لامرأته : أعندك شيء ؟ قالت : نعم أبشر أتاك رزق الله . فاستحثها فقال : ويحك ابتغي إن كان عندك شيء قالت : نعم هنية نرجو رحمة الله حتى إذا طال عليه الطوى قال : ويحك قومي فابتغي إن كان عندك خبز فأتيني به فإني قد بلغت وجهدت فقالت : نعم الآن ينضج التنور فلا تعجل ، فلما أن سكت عنها ساعة ، وتحينت أيضا أن يقول لها قالت هي من [ ص: 64 ] عند نفسها : لو قمت فنظرت إلى تنوري فقامت فوجدت تنورها ملآن من جنوب الغنم ، ورحييها تطحنان فقامت إلى الرحى فنفضتها وأخرجت ما في تنورها من جنوب الغنم . قال
وقال أحمد : حدثنا ابن عامر حدثنا أبو بكر عن هشام عن محمد ، عن قال : دخل رجل على أهله فلما رأى ما بهم من الحاجة خرج إلى البرية فلما رأت امرأته قامت إلى الرحى فوضعتها ، وإلى التنور فسجرته ، ثم قالت : اللهم ارزقنا فنظرت فإذا الجفنة قد امتلأت . قال : وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئا قال : فرجع الزوج قال : أصبتم بعدي شيئا قالت امرأته : نعم من ربنا . قام إلى الرحى فرفعها فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أما إنه لو لم يرفعها ، لم تزل تدور إلى يوم القيامة [ ص: 65 ] أبي هريرة شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول والله لأن يأتي أحدكم صبيرا ، ثم يحمله فيبيعه فيستعف منه ، خير له من أن يأتي رجلا فيسأله .