[ ص: 537 ] ثم دخلت سنة ثمان وستين ومائة
فيها ، في رمضان منها ، الروم ما كان بينهم وبين المسلمين من الصلح الذي عقده لهم هارون الرشيد عن أمر أبيه نقضت المهدي ، ولم يستمروا على الصلح إلا ثنتين وثلاثين شهرا ، فبعث نائب الجزيرة خيلا إلى الروم ، فقتلوا وأسروا وغنموا وسلموا .
وفيها المهدي دواوين الأزمة ، ولم يكن اتخذ بنو أمية يعرفون ذلك . وفيها حج بالناس علي بن محمد المهدي الذي يقال له : ابن ريطة .
وممن توفي فيها من الأعيان : الحسن بن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب ، ولاه المنصور المدينة خمس سنين ، ثم غضب عليه ، فعزله وحبسه ، وأخذ جميع ماله . كان ظريفا ماجنا شاعرا ، وكان ممن يعاشر وحماد عجرد ، الوليد بن يزيد ، ويهاجي بشار بن برد ، وقدم على المهدي ، ونزل الكوفة ، واتهم بالزندقة .
[ ص: 538 ] قال في " طبقات الشعراء " : ثلاثة حمادون ابن قتيبة بالكوفة يرمون بالزندقة; حماد الراوية ، وحماد عجرد ، وحماد بن الزبرقان النحوي ، وكانوا يتعاشرون ويتماجنون .
وخارجة بن مصعب ، وعبيد الله بن الحسن بن الحصين بن أبي الحر العنبري ، قاضي البصرة بعد سوار ، سمع خالدا الحذاء ، وداود بن أبي هند ، وسعيدا الجريري ، وروى عنه ابن مهدي . وكان ثقة فقيها ، له اختيارات تعزى إليه غريبة في الأصول والفروع ، وقد سئل مرة عن مسألة ، فأخطأ في الجواب ، فقال له قائل : الحكم فيها كذا وكذا . فأطرق ساعة ، ثم قال : إذا أرجع ، وأنا صاغر ، لأن أكون ذنبا في الحق أحب إلي من أن أكون رأسا في الباطل . توفي في ذي القعدة من هذه السنة ، وقيل : بعد ذلك بعشر سنين . فالله أعلم .
غوث بن سليمان بن زياد بن ربيعة بن نعيم أبو يحيى الحضرمي ، [ ص: 539 ] قاضي مصر ، كان من خيار الحكام ، ولي الديار المصرية ثلاث مرات في أيام المنصور والمهدي . ، وفليح بن سليمان ، في قول . وقيس بن الربيع
ومحمد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة بن مالك أبو اليسير العقيلي ، قاضي الجانب الشرقي من بغداد للمهدي ، هو . وكان يقال وعافية بن يزيد : قاضي الجن ؛ لأنه كانت بئر يصاب من أخذ منها شيئا فقال : أيها الجن إنا حكمنا أن لكم الليل ولنا النهار . فكان من أخذ منها شيئا في النهار لم يصبه شيء . قال لابن علاثة ابن معين : كان ثقة . وقال : في حفظه شيء . البخاري