[ ص: 126 ] فصل
وقد اختلف الناس في على أقوال : فأكثر ما توجد هذه المسألة في كتب المتكلمين ، والخلاف فيها مع المعتزلة ، ومن وافقهم . وأقدم كلام رأيته في هذه المسألة ما ذكره الحافظ تفضيل الملائكة على البشر في تاريخه في ترجمة ابن عساكر أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص : أنه حضر مجلسا وعنده جماعة . فقال لعمر بن عبد العزيز عمر : ما أحد أكرم على الله من كريم بني آدم . واستدل بقوله تعالى : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية [ البينة : 7 ] . ووافقه على ذلك أمية بن عمرو بن سعيد . فقال عراك بن مالك : ما أحد أكرم على الله من ملائكته هم خدمة داريه ورسله إلى أنبيائه . واستدل بقوله تعالى : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين [ الأعراف : 20 ] . فقال عمر بن عبد العزيز لمحمد بن كعب القرظي : ما تقول أنت يا أبا حمزة ؟ فقال : قد أكرم الله آدم فخلقه بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له الملائكة ، وجعل من ذريته الأنبياء والرسل ، ومن يزوره الملائكة . فوافق عمر بن عبد العزيز في الحكم ، واستدل بغير دليله ، وأضعف دلالة ما صرح به من الآية ، وهو قوله : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات . [ ص: 127 ] مضمونه أنها ليست بخاصة بالبشر فإن الله قد في قوله : وصف الملائكة بالإيمان ويؤمنون به [ غافر : 7 ] . وكذلك الجان وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به [ الجن : 13 ] . وأنا منا المسلمون [ الجن : 14 ] . قلت : وأحسن ما يستدل به في هذه المسألة ما رواه عثمان بن سعيد الدارمي ، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا ، وهو أصح قال : . لما خلق الله الجنة قالت الملائكة : يا ربنا اجعل لنا هذه نأكل منها ونشرب فإنك خلقت الدنيا لبني آدم . فقال الله : لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له : كن . فكان