[ ص: 118 ] ثم دخلت سنة إحدى ومائتين
فيها راود أهل بغداد منصور بن المهدي على الخلافة فامتنع من ذلك ، فراودوه على أن يكون نائبا للمأمون ، يدعو له في الخطبة ، فأجابهم إلى ذلك ، وذلك بعد بغداد علي بن هشام نائب الحسن بن سهل من بين أظهرهم بعد أن جرت حروب كثيرة بسبب ذلك . إخراج أهل
وفيها عم البلاء بالعيارين والشطار والفساق ببغداد وما حولها من القرى ، كانوا يأتون الرجل يسألونه مالا يقرضهم أو يصلهم به فيمتنع عليهم فيأخذون جميع ما في منزله ، وربما تعرضوا للغلمان والنسوان ، ويأتون أهل القرية فيستاقون ما فيها من الأنعام ، ويأخذون ما شاءوا من الغلمان والنسوان ونهبوا أهل قطربل ولم يدعوا لهم شيئا أصلا ، فانتدب رجل يقال له : خالد الدريوش . وآخر يقال له : سهل بن سلامة أبو حاتم الأنصاري من أهل [ ص: 119 ] خراسان والتف عليهما جماعة من العامة ، فردوا شرهم وقاتلوهم ، وقووا عليهم ، ومنعوهم من العيث في الأرض فسادا ، واستقرت الأمور كما كانت ، وذلك في شعبان ورمضان . ولله الحمد والمنة .
وفي هذه السنة في شوال منها رجع الحسن بن سهل إلى بغداد وصالح الجند ، وانفصل منصور بن المهدي ومن التف معه من الأمراء .
وفيها بايع المأمون ، أن يكون ولي العهد من بعده ، وسماه الرضا من آل لعلي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب محمد صلى الله عليه وسلم ، وطرح لبس السواد ولبس الخضرة ، وألزم جنده بذلك ، وكتب بذلك إلى الآفاق والأقاليم . وكانت مبايعته له يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين ، وذلك أن المأمون رأى أن عليا الرضا خير أهل البيت ، وليس في بني العباس مثله في علمه ودينه ، فجعله ولي عهده من بعده .