[ ص: 179 ] بوران عرس
وفي رمضان منها بنى المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل ، وقيل : إنه خرج من بغداد في رمضان إلى معسكر الحسن بن سهل بفم الصلح ، وكان الحسن قد عوفي من مرضه فنزل المأمون عنده بمن معه من وجوه الأمراء والرؤساء وأكابر بني هاشم ، فدخل ببوران في شوال من هذه السنة في ليلة عظيمة ، وقد أشعلت بين يديه شموع العنبر ، ونثر على رأسه الدر والجوهر ، فوق حصر منسوجة بالذهب الأحمر . وكان عدد الجوهر منه ألف درة ، فأمر به فجمع في صينية من ذهب كان الجوهر فيها ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إنا نثرناه لتتلقطه الجواري . فقال : لا ، أنا أعوضهن خيرا من ذلك . فجمع ذلك كله ، فلما جاءت العروس ومعها جدتها وزبيدة أم أخيه الأمين من جملة من جاء معها فأجلست إلى جانبه فصب في حجرها ذلك [ ص: 180 ] الجوهر ، وقال لها : هذا نحلة مني لك ، وسلي حاجتك . فأطرقت حياء ، فقالت جدتها : كلمي سيدك وسليه حاجتك فقد أمرك . فقالت : يا أمير المؤمنين ، أسألك أن ترضى عن عمك إبراهيم بن المهدي وأن ترده إلى منزلته التي كان فيها قبل ذلك . فقال : نعم . قالت : وأم جعفر تعني زبيدة تأذن لها في الحج . قال : نعم . فخلعت عليها زبيدة بذلتها الأموية ، وأطلقت لها قرية مقورة . وأما والد العروس الحسن بن سهل فإنه كتب أسماء قراه وضياعه وأملاكه في رقاع ونثرها على الأمراء ووجوه الناس ، فمن وقعت في يده منها رقعة ، بعث إلى القرية التي فيها نوابه فسلمها إليه ملكا خالصا . وأنفق على المأمون ومن كان معه من الجيش في مدة مقامه عنده سبعة عشر يوما ما يعادل خمسين ألف ألف درهم . ولما أراد المأمون الانصراف من عنده ، أطلق له عشرة آلاف ألف درهم ، وأقطعه البلدة التي هو نازل بها ، وهو إقليم فم الصلح مضافا إلى ما بيده من الإقطاعات . ورجع المأمون إلى بغداد في أواخر شوال من هذه السنة .
وفي هذه السنة ركب عبد الله بن طاهر إلى مصر فاستنقذها بأمر المأمون من يد عبيد الله بن السري بن الحكم ، المتغلب عليها ، واستعادها منه بعد [ ص: 181 ] حروب يطول ذكرها .