وممن توفي فيها من الأعيان :
أحمد بن سليمان الرهاوي .
وأحمد بن عبد الله العجلي .
والحسن بن أبي الشوارب بمكة .
وداود بن القاسم الجعفري .
وشعيب بن أيوب .
، وعبد الله بن الواثق أخو المهتدي بالله .
وأبو شعيب السوسي .
، وأبو يزيد البسطامي أحد أئمة الصوفية .
وعلي بن إشكاب . محمد . وأخوه [ ص: 551 ]
ومسلم بن الحجاج .
صاحب " الصحيح " ، رحمهم الله تعالى .
وهذا ذكر شيء من أخبار مسلم بن الحجاج على سبيل الاختصار ، رحمه الله ، وأكرم مثواه
هو أحد الأئمة من حفاظ الحديث ، صاحب " الصحيح " الذي هو تلو " الصحيح " مسلم بن الحجاج بن مسلم ، أبو الحسين القشيري النيسابوري ، عند أكثر العلماء ، وذهب للبخاري المغاربة ، شيخ وأبو علي النيسابوري الحاكم النيسابوري من المشارقة إلى تفضيل " صحيح " مسلم على " صحيح " فإن أرادوا تقديمه عليه في كونه ليس فيه شيء من التعليقات إلا القليل ، وأنه يسوق الأحاديث بتمامها في موضع واحد ، ولا يقطعها كتقطيع البخاري ، لها في الأبواب ، فهذا القدر لا يوازي قوة أسانيد البخاري واختياره في تصحيح ما أورده في " جامعه " معاصرة الراوي لشيخه وسماعه منه في الجملة ، فإن البخاري ، مسلما لا يشترط في كتابه الشرط الثاني ، كما هو مقرر في علوم الحديث ، وقد بسطنا ذلك في أول شرح " " ، ولله الحمد والمنة ، في ترجمة الإمام البخاري رحمه الله . البخاري ،
[ ص: 552 ] والمقصود الآن أن مسلما دخل إلى العراق والحجاز والشام ومصر ، وسمع من جماعة كثيرين قد أوردهم شيخنا الحافظ المزي في " تهذيبه " مرتبين على حروف المعجم .
وروى عنه جماعة كثيرون ; منهم الترمذي في " جامعه " حديثا واحدا ; وهو حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة ، أحصوا هلال شعبان لرمضان وصالح بن محمد جزرة ، وعبد الرحمن بن أبي حاتم ، وابن خزيمة ، وابن صاعد ، . وأبو عوانة الإسفراييني
وقال : أخبرني الخطيب البغدادي محمد بن أحمد بن يعقوب ، أخبرنا محمد بن نعيم الضبي ، أخبرنا سمعت أبو الفضل محمد بن إبراهيم ، أحمد بن سلمة يقول : رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما .
وأخبرني ابن يعقوب ، أخبرنا محمد بن نعيم ، سمعت يقول : سمعت أبي يقول : سمعت الحسين بن محمد الماسرجسي مسلم بن الحجاج يقول : صنفت هذا " المسند الصحيح " من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة .
[ ص: 553 ] وروى الخطيب قائلا : حدثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني بأصبهان ، سمعت محمد بن إسحاق بن منده ، سمعت أبا علي الحسين بن علي النيسابوري يقول : ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم بن الحجاج في علم الحديث .
وقد ذكر مسلم عند إسحاق بن راهويه ، فقال بالعجمية ما معناه : أي رجل كان هذا ؟
وقال إسحاق بن منصور لمسلم : لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين . وقد أثنى عليه جماعة من علماء أهل الحديث وغيرهم .
وقال : قل ما يفوت أبو عبد الله محمد بن يعقوب الأخرم البخاري ومسلما مما يثبت في الحديث .
وروى الخطيب ، عن أبي عمرو محمد بن أحمد بن حمدان الحيري قال : سألت أبا العباس أحمد بن سعيد بن عقدة الحافظ عن البخاري ومسلم ، أيهما أعلم ؟ فقال : كان عالما البخاري ومسلم عالما . فكررت ذلك [ ص: 554 ] عليه مرارا ، وهو يرد علي هذا الجواب ، ثم قال لي : يا أبا عمرو ، قد يقع الغلط في للبخاري أهل الشام ; وذلك أنه أخذ كتبهم فنظر فيها ، فربما ذكر الواحد منهم بكنيته ، ويذكره في موضع آخر باسمه ، ويتوهم أنهما اثنان ، فأما مسلم فقل ما يقع له الغلط لأنه كتب المسانيد ولم يكتب المقاطيع والمراسيل .
قال الخطيب : إنما قفا مسلم طريق ونظر في علمه ، وحذا حذوه ، ولما ورد البخاري ، البخاري نيسابور في آخر أمره لازمه مسلم ، وأدام الاختلاف إليه . وقد حدثني عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي قال : سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول : لولا لما ذهب البخاري مسلم ولا جاء .
قال الخطيب : وأخبرني أبو بكر المنكدري ، حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثني أبو نصر بن محمد الوراق ، سمعت أبا حامد أحمد بن حمدان القصار ، سمعت مسلم بن الحجاج ، وجاء إلى فقبل بين عينيه ، وقال : دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين ، وسيد المحدثين ، وطبيب الحديث في علله ، حدثك محمد بن إسماعيل البخاري محمد بن سلام ، حدثنا مخلد بن يزيد الحراني ، حدثنا عن ابن جريج ، عن موسى بن عقبة سهيل ، عن أبيه ، عن عن النبي صلى الله عليه وسلم في كفارة المجلس ، فما علته ؟ فقال أبي هريرة ، : هذا حديث مليح ، ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا [ ص: 555 ] الحديث ، إلا أنه معلول ; ثنا به البخاري موسى بن إسماعيل ، ثنا وهيب ، عن سهيل ، عن عون بن عبد الله قوله ، قال : وهذا أولى ; فإنه لا يعرف البخاري لموسى بن عقبة سماع من سهيل .
قلت : وقد أفردت لهذا الحديث جزءا على حدة ، وأوردت فيه طرقه وألفاظه ومتنه وعلله ، ولله الحمد والمنة .
قال الخطيب : وقد كان مسلم يناضل عن رحمهما الله . ثم ذكر ما كان وقع بين البخاري ، البخاري في مسألة اللفظ بالقرآن في ومحمد بن يحيى الذهلي نيسابور وكيف نودي على بسبب ذلك البخاري بنيسابور ، وأن الذهلي قال يوما لأهل مجلسه ، وفيهم مسلم بن الحجاج : ألا من كان يقول بقول في مسألة اللفظ بالقرآن فليعتزل مجلسنا . فنهض البخاري مسلم من فوره إلى منزله ، وجمع ما كان سمعه من الذهلي جميعه ، وأرسل به إليه ، وترك الرواية عن الذهلي بالكلية ، فلم يرو عنه شيئا لا في " صحيحه " ، ولا في غيره واستحكمت الوحشة بينهما . هذا ولم يترك البخاري محمد بن يحيى الذهلي ، بل روى عنه في " صحيحه " وغيره وعذره ، رحمه الله .
وقد ذكر الخطيب سبب موت مسلم - رحمه الله - أنه عقد له مجلس للمذاكرة ، فسئل يوما عن حديث لم يعرفه ، فانصرف إلى منزله ، فأوقد السراج ، وقال لأهله : لا يدخل أحد الليلة علي . وقد أهديت له سلة من تمر فهي عنده ; يأكل منها تمرة ويكشف حديثا ، ثم يأكل أخرى ، ويكشف آخر ، ولم [ ص: 556 ] يزل ذلك دأبه حتى أصبح وقد أكل تلك السلة وهو لا يشعر ، فحصل له بسبب ذلك ثقل ، ومرض من ذلك حتى كانت وفاته عشية يوم الأحد ، ودفن يوم الإثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين بنيسابور ، وكان مولده في السنة التي توفي فيها الشافعي ; وهي سنة أربع ومائتين ، وكان عمره سبعا وخمسين سنة . رحمه الله تعالى .
أبو يزيد البسطامي :
اسمه طيفور بن عيسى بن آدم بن عيسى بن علي ، أحد مشايخ الصوفية ، وكان جده مجوسيا فأسلم ، وكان لأبي يزيد أخوان صالحان عابدان وهو أجل منهما ، وقيل له : بأي شيء وصلت إلى هذه المعرفة ؟ فقال : ببطن جائع وبدن عار . وكان يقول : دعوت نفسي إلى طاعة الله فلم تجبني ، فمنعتها الماء سنة . وقال أيضا : إذا نظرتم إلى الرجل أعطي من الكرامات حتى يرتفع في الهواء ، فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة . قال القاضي ابن خلكان : وله مقامات كثيرة ومجاهدات مشهورة وكرامات ظاهرة ، وكانت وفاته سنة إحدى وستين ومائتين رحمه الله . قلت : قد حكي عنه كلمات فيها شطح ، وقد تكلم كثير من العلماء من الصوفية والفقهاء عليها ; [ ص: 557 ] فمن متأول على المحامل البعيدة ، أو قائل : إن هذا قاله في حال الاصطلام والسكر ، ومن مبدع ومخطئ ، والله أعلم .