: وممن توفي فيها من الأعيان
أحمد بن حازم بن أبي غرزة ، الحافظ صاحب " المسند " المشهور ، له حديث كثير ورواية عالية .
وبقي بن مخلد .
أبو عبد الرحمن الأندلسي الحافظ الكبير ، صاحب " المسند " المبوب على الفقه ، روى فيه عن ألف وستمائة صحابي ، وقد فضله على " مسند " ابن حزم وعندي في ذلك نظر ، والظاهر أن " مسند الإمام أحمد ، أحمد " أجود منه ; فإنه ليس هو ببلادهم ، ولا وقع لهم روايته ، ولو اطلع عليه ووقف على ما فيه لما فضل عليه مسندا من المسندات ، اللهم إلا أن يكون بقي قد سمع من أحمد جميع " المسند " ، وزاد عليه ، كما قد يسر الله من الزيادات التي ألحقناها ب " مسند " الإمام أحمد . ولله الحمد والمنة . وقد رحل بقي إلى العراق ، فسمع من الإمام أحمد وغيره من أئمة الحديث بالعراق [ ص: 622 ] وغيرها ، يزيدون على المائتين بأربعة وثمانين شيخا ، وله تصانيف أخر ، وكان مع ذلك رجلا صالحا عابدا ، زاهدا ، مجاب الدعوة ; ذكر القشيري أن امرأة جاءته ، فقالت : إن ابني قد أسرته الإفرنج ، وإني لا أنام الليل من شوقي إليه ، ولي دويرة أريد أن أبيعها لأستفكه ، فإن رأيت أن تسير إلى أحد يأخذها لأسعى في فكاكه ، فليس لي ليل ولا نهار ، ولا صبر ولا قرار . فقال : نعم ، انصرفي حتى ننظر في ذلك إن شاء الله . وأطرق الشيخ وحرك شفتيه يدعو الله عز وجل لولدها بالخلاص ، فذهبت المرأة ، فما كان إلا عن قليل حتى جاءت وابنها معها ، فقالت : اسمع خبره يرحمك الله . فقال : كيف كان أمرك ؟ فقال : إني كنت فيمن يخدم الملك ، ونحن في القيود ، فبينما أنا ذات يوم أمشي إذ سقط القيد من رجلي ، فأقبل الموكل بنا فشتمني ، وقال : فككت القيد من رجليك ؟ فقلت : لا والله ولكنه سقط ولم أشعر . فجاءوا بالحداد فأعاده وشد مسماره وأيده ، ثم قمت فسقط أيضا ، فأعادوه وأكدوه ، فسقط أيضا ، فسألوا رهبانهم فقالوا : له والدة ؟ فقلت : نعم . فقالوا : إنه قد استجيب دعاؤها ، أطلقوه . فأطلقوني وخفروني حتى وصلت إلى بلاد الإسلام . فسأله عن الساعة التي سقط فيها القيد من رجليه ، فإذا هي الساعة التي دعا فيها الله له . بقي بن مخلد
صاعد بن مخلد الكاتب ، كان كثير الصدقة والصلاة ، وقد أثنى عليه [ ص: 623 ] في " منتظمه " ، وتكلم فيه ابن الأثير في " كامله " ، وذكر أنه كان فيه تيه وحمق ، وقد يمكن الجمع بين القولين وهاتين الصفتين . أبو الفرج بن الجوزي
ابن قتيبة ، أبو محمد الدينوري ، ثم البغدادي ، عبد الله بن مسلم بن قتيبة أحد العلماء والأدباء والحفاظ الأذكياء روى عن إسحاق بن راهويه وغير واحد ، وله التصانيف المفيدة المشهورة الأنيقة ; ك : " غريب القرآن " و " مشكله " و " المعارف " ، و " أدب الكاتب " ، و " عيون الأخبار " وغير ذلك ، وكان ثقة نبيلا جليلا من الأئمة ، وكان أهل العلم يتهمون من لم يكن في منزله شيء من تصانيفه ، وكان سبب وفاته أنه أكل لقمة من هريسة فإذا هي حارة ، فصاح صيحة شديدة ، ثم أغمي عليه إلى وقت الظهر ، ثم أفاق ثم لم يزل يتشهد إلى أن مات وقت السحر ، أول ليلة من رجب ، من هذه السنة ، وقيل : إنه توفي في سنة سبعين ومائتين . والصحيح في هذه السنة .
، عبد الملك بن محمد بن عبد الله ، أبو قلابة الرقاشي أحد الحفاظ ، وكان يكنى بأبي محمد ، ولكن غلب عليه لقب : أبو قلابة . سمع يزيد بن هارون وروح بن عبادة ، وغيرهم ، وعنه وأبا داود الطيالسي ابن صاعد والمحاملي والبخاري وأبو بكر الشافعي وغيرهم ، وكان صدوقا عابدا ، يصلي في [ ص: 624 ] كل يوم أربعمائة ركعة ، وروى من حفظه ستين ألف حديث ، غلط في بعضها لا على سبيل العمد ، وكانت وفاته في شوال من هذه السنة عن ست وثمانين سنة .
ومحمد بن أحمد بن أبي العوام ، ومحمد بن إسماعيل الصائغ ، ويزيد بن عبد الصمد ، وأبو الرداد المؤذن ، وهو عبد الله بن عبد السلام بن عبد الله بن الرداد ، المؤذن صاحب المقياس بمصر ، الذي هو مسلم إليه وإلى ذريته إلى يومنا هذا . قاله القاضي ابن خلكان في " الوفيات " .