[ ص: 493 ] فصل
وذكر
ابن إسحاق ما كانت
قريش ابتدعوه في تسميتهم الحمس ، وهو الشدة في الدين والصلابة; وذلك لأنهم عظموا الحرم تعظيما زائدا بحيث التزموا بسببه أن لا يخرجوا منه ليلة
عرفة كانوا يقولون :
nindex.php?page=treesubj&link=29255نحن أبناء الحرم ، وقطان بيت الله فكانوا لا يقفون بعرفات مع علمهم أنها من مشاعر
إبراهيم عليه السلام حتى لا يخرجوا عن نظام ما كانوا قرروه من البدعة الفاسدة ، وكانوا لا يدخرون من اللبن أقطا ولا سمنا ولا يسلئون شحما وهم حرم ولا يدخلون بيتا من شعر ولا يستظلون إن استظلوا إلا ببيت من
أدم ، وكانوا يمنعون الحجيج والعمار ما داموا محرمين أن يأكلوا إلا من طعام
قريش ولا يطوفوا إلا في ثياب
قريش فإن لم يجد أحد منهم ثوب أحد من الحمس - وهم
قريش وما ولدوا ومن دخل معهم من
كنانة وخزاعة - طاف عريانا ولو كانت امرأة ، ولهذا كانت المرأة إذا اتفق طوافها لذلك ، وضعت يدها على فرجها ، وتقول
اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله
فإن تكرم أحد ممن يجد ثوب أحمسي فطاف في ثياب نفسه فعليه إذا ،
[ ص: 494 ] فرغ من الطواف أن يلقيها فلا ينتفع بها بعد ذلك ، وليس له ولا لغيره أن يمسها . وكانت العرب تسمي تلك الثياب اللقى . قال بعض الشعراء
كفى حزنا كري عليه كأنه لقى بين أيدي الطائفين حريم
قال
ابن إسحاق : فكانوا كذلك حتى بعث الله
محمدا صلى الله عليه وسلم ، وأنزل عليه القرآن ردا عليهم فيما ابتدعوه فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=199ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس [ البقرة : 199 ] أي : جمهور العرب من
عرفات nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=199واستغفروا الله إن الله غفور رحيم [ البقرة : 199 ] وقد قدمنا ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقف
بعرفات قبل أن ينزل عليه توفيقا من الله له ، وأنزل الله عليه ردا عليهم فيما كانوا حرموا من اللباس والطعام على الناس
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق الآية [ الأعراف : 31 ، 32 ] وقال
زياد البكائي عن
ابن إسحاق ولا أدري أكان ابتداعهم لذلك قبل الفيل أو بعده .
[ ص: 493 ] فَصْلٌ
وَذَكَرَ
ابْنُ إِسْحَاقَ مَا كَانَتْ
قُرَيْشٌ ابْتَدَعُوهُ فِي تَسْمِيَتِهِمُ الْحُمْسَ ، وَهُوَ الشِّدَّةُ فِي الدِّينِ وَالصَّلَابَةُ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ عَظَّمُوا الْحَرَمَ تَعْظِيمًا زَائِدًا بِحَيْثُ الْتَزَمُوا بِسَبَبِهِ أَنْ لَا يَخْرُجُوا مِنْهُ لَيْلَةَ
عَرَفَةَ كَانُوا يَقُولُونَ :
nindex.php?page=treesubj&link=29255نَحْنُ أَبْنَاءُ الْحَرَمِ ، وَقُطَّانُ بَيْتِ اللَّهِ فَكَانُوا لَا يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهَا مِنْ مَشَاعِرِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى لَا يَخْرُجُوا عَنْ نِظَامِ مَا كَانُوا قَرَّرُوهُ مِنَ الْبِدْعَةِ الْفَاسِدَةِ ، وَكَانُوا لَا يَدَّخِرُونَ مِنَ اللَّبَنِ أَقِطًا وَلَا سَمْنًا وَلَا يَسْلَئُونَ شَحْمًا وَهُمْ حُرُمٌ وَلَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا مِنْ شَعَرٍ وَلَا يَسْتَظِلُّونَ إِنِ اسْتَظَلُّوا إِلَّا بِبَيْتٍ مِنْ
أَدَمٍ ، وَكَانُوا يَمْنَعُونَ الْحَجِيجَ وَالْعُمَّارَ مَا دَامُوا مُحْرِمِينَ أَنْ يَأْكُلُوا إِلَّا مِنْ طَعَامِ
قُرَيْشٍ وَلَا يَطُوفُوا إِلَّا فِي ثِيَابِ
قُرَيْشٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ ثَوْبَ أَحَدٍ مِنَ الْحُمْسِ - وَهُمْ
قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدُوا وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ مِنْ
كِنَانَةَ وَخُزَاعَةَ - طَافَ عُرْيَانًا وَلَوْ كَانَتِ امْرَأَةً ، وَلِهَذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا اتَّفَقَ طَوَافُهَا لِذَلِكَ ، وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى فَرْجِهَا ، وَتَقُولُ
الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ
فَإِنْ تَكَرَّمَ أَحَدٌ مِمَّنْ يَجِدُ ثَوْبَ أَحْمَسِيٍّ فَطَافَ فِي ثِيَابِ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ إِذَا ،
[ ص: 494 ] فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ أَنْ يُلْقِيَهَا فَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ أَنْ يَمَسَّهَا . وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي تِلْكَ الثِّيَابَ اللَّقَى . قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ
كَفَى حَزَنًا كَرِّي عَلَيْهِ كَأَنَّهُ لَقًى بَيْنَ أَيْدِي الطَّائِفِينَ حَرِيمُ
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ رَدًّا عَلَيْهِمْ فِيمَا ابْتَدَعُوهُ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=199ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ [ اَلْبَقَرَةِ : 199 ] أَيْ : جُمْهُورُ الْعَرَبِ مِنْ
عَرَفَاتٍ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=199وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ اَلْبَقَرَةِ : 199 ] وَقَدْ قَدَّمْنَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقِفُ
بِعَرَفَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ تَوْفِيقًا مِنَ اللَّهِ لَهُ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ رَدًّا عَلَيْهِمْ فِيمَا كَانُوا حَرَّمُوا مِنَ اللِّبَاسِ وَالطَّعَامِ عَلَى النَّاسِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ الْآيَةَ [ اَلْأَعْرَافِ : 31 ، 32 ] وَقَالَ
زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ وَلَا أَدْرِي أَكَانَ ابْتِدَاعُهُمْ لِذَلِكَ قَبْلَ الْفِيلِ أَوْ بَعْدَهُ .