[ ص: 7 ] ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وأربعمائة . 
في يوم عاشوراء أغلق أهل الكرخ  دكاكينهم وأحضروا نساء فنحن على الحسين  كما جرت به سالف عادات بدعهم المتقدمة  ، فحين وقع ذلك أنكرته العامة ، وطلب الخليفة أبا الغنائم  نقيب الطالبيين ،  وأنكر ذلك عليه ، فاعتذر بأنه لم يعلم بذلك ، وأنه حين علم به أزاله وتردد أهل الكرخ إلى الديوان يعتذرون من ذلك ، ويتنصلون منه وخرج التوقيع بكفر من يسب الصحابة ويظهر البدع . 
قال  ابن الجوزي    : في ربيع الأول ولد بباب الأزج صبية لها رأسان ووجهان ورقبتان وأربع أيدي على بدن كامل ثم ماتت . قال : وفي جمادى الآخرة كانت زلزلة بخراسان لبثت أياما تصدعت منها الجبال  وأهلكت جماعة وخسفت بعدة قرى وخرج الناس إلى الصحراء وأقاموا هنالك ، ووقع حريق بنهر معلى من بغداد فأحرق مائة دكان وثلاثة دور وذهب للناس شيء كثير ونهب الناس بعضهم بعضا . 
قال  ابن الجوزي    : وفي شعبان وقع قتال بدمشق  فضربوا دارا كانت مجاورة من الجامع بالنار فاحترق جامع دمشق  كذا قال  ابن الجوزي ;  والمشهور أن حريق جامع دمشق  إنما كان سنة إحدى وستين   [ ص: 8 ] وأربعمائة بعد ثلاث سنين . وأن غلمان الفاطميين  اقتتلوا مع غلمان العباسيين   فألقيت نار بدار الإمارة - وهي الخضراء - فاحترقت وتعدى حريقها إلى أن وصل إلى الجامع فسقطت سقوفه وزخرفته ورخامه وبقي كأنه خرابة وبادت الخضراء فصارت كوما من تراب ، بعدما كانت في غاية الإحكام والإتقان وطيب الغناء وحسن البناء فهي إلى يومنا هذا لا يسكنها - لرداءة مكانها - إلا سفلة الناس وسقاطهم بعدما كانت دار الملك والإمارة منذ أسسها  معاوية بن أبي سفيان  رضي الله تعالى عنه . وأما الجامع فإنه لم يكن على وجه الأرض بناء أحسن منه ، إلى أن احترق فبقي خرابا مدة طويلة ثم شرع الملوك في تجديده وترميمه حتى بلط في زمن العادل أبي بكر بن أيوب ،  ولم يزل في تحسين معالمه إلى زماننا هذا فتماثل حاله بعض التماثل ، وهو بالنسبة إلى حاله الأول كلا شيء ، ولا زال التحسين فيه إلى أيام الأمير سيف الدين تنكز بن عبد الله الناصري  في حدود سنة ثلاثين وسبعمائة وما قبلها وما بعدها بيسير . 
وفيها رخصت الأسعار ببغداد  رخصا بينا . ونقصت دجلة  نقصا ظاهرا . وفيها أخذ الملك ألب أرسلان  العهد بالملك من بعده لولده ملكشاه  ومشى بين يديه بالغاشية ، والأمراء بين يديه يتماشون بالخلع ، وكان يوما مشهودا . 
وحج بالناس في هذه السنة نور الهدى أبو طالب الحسين بن نظام الحضرتين   [ ص: 9 ] الزينبي  وجاور بمكة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					