وقعة حارم
كان حارم في رمضان من هذه السنة ، وذلك أن فتح نور الدين استغاث بعساكر المسلمين - فجاءوا من كل فج عميق - ليأخذ ثأره من الفرنج ، فالتقى معهم بتل حارم فكسرهم كسرة عظيمة ، وأسر البرنس صاحب أنطاكية والقومص صاحب طرابلس والدوك مقدم الروم ، وابن جوسلين ، وقتل منهم عشرة آلاف ، وقيل : عشرين ألفا .
[ ص: 411 ] وفي ذي الحجة منها فتح نور الدين مدينة بانياس وقيل : إنما كان فتحه لها في سنة ستين . فالله أعلم . وكان معه أخوه نصر الدين أمير أميران ، فأصابه سهم في إحدى عينيه فأذهبها ، فقال له الملك نور الدين : لو نظرت إلى ما أعد الله لك من الأجر في الآخرة لأحببت أن تذهب الأخرى . وقال لابن معين الدين أنر : إنه اليوم قد بردت جلدة والدك من نار جهنم ; لأنه كان سلمها إلى الفرنج ، صلحا عن دمشق .
وفي شهر ذي الحجة من هذه السنة احترق قصر جيرون حريقا عظيما ، فحضر في تلك الليلة الأمراء ; منهم أسد الدين شيركوه بعد رجوعه من الديار المصرية ، وسعى سعيا عظيما في إطفاء هذه النار وصون حوزة الجامع منها ، جزاه الله خيرا ، وأثابه دار القرار .