[ ص: 528 ] ثم دخلت
nindex.php?page=treesubj&link=33858سنة أربع وسبعين وخمسمائة
فيها ورد كتاب من
القاضي الفاضل من
مصر إلى السلطان وهو
بالشام يهنئه بسلامة أولاده الملوك الاثني عشر ، يقول في بعضه : وهم بحمد الله بهجة الدنيا وزينتها ، وريحانة الحياة وزهرتها ، وإن فؤادا وسع فراقهم لواسع ، وإن قلبا قنع بأخبارهم لقانع ، وإن طرفا نام عن البعد عنهم لهاجع ، وإن ملكا ملك تصبره عنهم لحازم ، وإن نعمة الله بهم لنعمة بها العيش ناعم ، أما يشتاق جيد المولى أن يتطوق بدررهم ؟ أما تظمأ عينه أن تتروى بنظرهم ; أما يحن قلبه إلى قلبه ؟ أما يلتقط هذا الطائر بتقبيلهم من خرج من حبه ؟ وللمولى - أبقاه الله - أن يقول :
وما مثل هذا الشوق تحمل مضغة ولكن قلبي في الهوى يتقلب
وفيها أسقط
السلطان صلاح الدين المكوس والضرائب عن الحجاج
بمكة ، وقد كان يؤخذ من حجاج الغرب شيء كثير ، ومن عجز عن أدائه حبس فربما فاته الوقوف
بعرفة ، وعوض أميرها بمال يقطعه بديار
مصر ، وأن يحمل إليه في كل سنة ثمانية آلاف إردب غلة إلى
مكة ; ليكون عونا له ولأتباعه ، ورفقا بما تيسر على المجاورين من ابتياعه ، وقرر للمجاورين أيضا غلات تحمل إليهم ، فرحمة الله عليه في سائر الأوقات .
[ ص: 529 ] وفيها عصى الأمير
شمس الدين بن مقدم ببعلبك ، ولم يجئ إلى خدمة السلطان وهو نازل على ظاهر
حمص ; وذلك أنه بلغه أن أخا
السلطان تورانشاه طلب
بعلبك من السلطان فأطلقها له ، فامتنع
ابن المقدم من الخروج منها حتى جاء السلطان بنفسه ، فحصره فيها من غير قتال ، حتى جاءت الأمطار والبرد ، فعاد إلى
دمشق في رجب ، ووكل بالبلد من يحصره من غير قتال ، ثم عوض
ابن المقدم عنها بتعويض كثير خير مما كان بيده ، فخرج منها وتسلمها
تورانشاه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير : وكان في هذه السنة غلاء شديد بسبب قلة المطر ، عم
العراق والشام وديار
مصر ، واستمر إلى سنة خمس وسبعين ، فجاء المطر ورخصت الأسعار ، ولكن تعقب ذلك وباء شديد ، وعم البلاد مرض واحد ، وهو السرسام ، فما ارتفع إلا في سنة ست وسبعين ، فمات بسبب ذلك خلق كثير ، وأمم لا يعلم عددهم إلا الله الذي خلقهم .
وفي رمضان منها وصلت خلع الخليفة إلى
الملك صلاح الدين وهو
بدمشق ، وكانت سنية عظيمة جدا ، وزيد في ألقابه ، معز أمير المؤمنين ، وخلع على أخيه
تورانشاه ولقب بمصطفى أمير المؤمنين .
nindex.php?page=treesubj&link=33858وفيها جهز الناصر صلاح الدين ابن أخيه فروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بين يديه لقتال الفرنج الذين قد عزموا على قتال المسلمين ، وعاثوا في نواحي
دمشق وقراها ، فنهبوا مما حولها وأرجاءها ، وأمره أن يداريهم حتى يتوسطوا البلاد ، ولا يقاتلهم حتى يقدم عليه ، فلما التقوا عاجلوه بالقتال ، فكسرهم وقتل من ملوكهم
[ ص: 530 ] صاحب
الناصرة الهنفري ، وكان من أكابر ملوكهم وشجعانهم ، لا ينهنهه اللقاء ، فكبته الله في هذه الغزوة ، ثم ركب
السلطان صلاح الدين في إثر ابن أخيه فما وصل إلى الكسوة حتى تلقته الرءوس على الرماح ، والغنائم والأسارى ، والجيش في سمره وبيضه من البنادق والصفاح .
nindex.php?page=treesubj&link=33858_33856وفيها بنت الفرنج - لعنهم الله - قلعة عند بيت الأحزان للداوية ، فجعلوها مرصدا لحرب المسلمين ، وقطع طريقهم عليهم ، ونقضت ملوكهم العهود التي كانت بينهم وبين
صلاح الدين ، وأغاروا على نواحي البلدان من كل جانب ; ليشغلوا المسلمين عنهم ، وتفرقت جيوشهم فلا تجتمع في بقعة واحدة ، فرتب السلطان ابن أخيه
تقي الدين عمر بثغر
حماة ومعه
شمس الدين بن مقدم وسيف الدين علي بن أحمد المشطوب ، وبثغر
حمص ابن عمه
nindex.php?page=showalam&ids=16183ناصر الدين بن أسد الدين شيركوه ، وبعث إلى أخيه
سيف الدين أبي بكر العادل نائبه
بمصر أن يبعث إليه ألفا وخمسمائة فارس يستعين بهم على قتال الفرنج ، وكتب إلى الفرنج يأمرهم بتخريب هذا الحصن الذي بنوه للداوية ، فامتنعوا إلا أن يبذل لهم ما غرموه عليه ، فبذل لهم ستين ألف دينار فلم يقبلوا ، فوصلهم إلى مائة ألف دينار فأبوا ، فقال له ابن أخيه
تقي الدين عمر : ابذل هذه في جنود المسلمين ، وسر إلى هذا الحصن فخربه . فأخذ بقوله في ذلك وخربه في السنة الآتية ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى .
nindex.php?page=treesubj&link=33858_33800وفيها أمر الخليفة المستضيء بكتابة لوح على قبر الإمام أحمد بن حنبل ، فيه [ ص: 531 ] آية الكرسي ، وبعدها : هذا قبر تاج السنة ، وحيد الأمة ، العالي الهمة ، العالم العابد الفقيه الزاهد . وذكر تاريخ وفاته ، رحمه الله تعالى .
وفيها احتيط
ببغداد على شاعر ينشد
للروافض ، يقال له :
ابن قرايا . يقف في الأسواق ويذكر أشعارا يضمنها ذم الصحابة ، رضي الله عنهم ، وسبهم ، وتجويرهم ، وتهجين من أحبهم ، فعقد له مجلس بأمر الخليفة ، واستنطق فإذا هو رافضي جلد داهية ، فأفتى الفقهاء بقطع لسانه ويديه ، ففعل به ذلك ، ثم اختطفته العامة فما زالوا يرمونه بالآجر حتى ألقى نفسه في
دجلة ، فاستخرجوه منها وقتلوه حتى مات ، فأخذوا شريطا وربطوه في رجليه وطوفوا به في البلد يجرجرونه في أكنافها ، ثم ألقوه في بعض الأتونات مع الآجر والكلس ، وعجز الشرط عن تخليصه منهم .
[ ص: 528 ] ثُمَّ دَخَلَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=33858سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ
فِيهَا وَرَدَ كِتَابٌ مِنَ
الْقَاضِي الْفَاضِلِ مِنْ
مِصْرَ إِلَى السُّلْطَانِ وَهُوَ
بِالشَّامِ يُهَنِّئُهُ بِسَلَامَةِ أَوْلَادِهِ الْمُلُوكِ الِاثْنَيْ عَشَرَ ، يَقُولُ فِي بَعْضِهِ : وَهُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ بَهْجَةُ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ، وَرَيْحَانَةُ الْحَيَاةِ وَزَهْرَتُهَا ، وَإِنَّ فُؤَادًا وَسِعَ فِرَاقَهُمْ لَوَاسِعٌ ، وَإِنَّ قَلْبًا قَنِعَ بِأَخْبَارِهِمْ لَقَانِعٌ ، وَإِنَّ طَرَفًا نَامَ عَنِ الْبُعْدِ عَنْهُمْ لَهَاجِعٌ ، وَإِنَّ مَلِكًا مَلَكَ تَصَبُّرَهُ عَنْهُمْ لَحَازِمٌ ، وَإِنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ بِهِمْ لَنِعْمَةٌ بِهَا الْعَيْشُ نَاعِمٌ ، أَمَا يَشْتَاقُ جِيدُ الْمَوْلَى أَنْ يَتَطَوَّقَ بِدُرَرِهِمْ ؟ أَمَا تَظْمَأُ عَيْنُهُ أَنْ تَتَرَوَّى بِنَظَرِهِمْ ; أَمَا يَحِنُّ قَلْبُهُ إِلَى قَلْبِهِ ؟ أَمَا يَلْتَقِطُ هَذَا الطَّائِرُ بِتَقْبِيلِهِمْ مَنْ خَرَجَ مِنْ حُبِّهِ ؟ وَلِلْمَوْلَى - أَبْقَاهُ اللَّهُ - أَنْ يَقُولَ :
وَمَا مِثْلُ هَذَا الشَّوْقِ تَحْمِلُ مُضْغَةٌ وَلَكِنَّ قَلْبِي فِي الْهَوَى يَتَقَلَّبُ
وَفِيهَا أَسْقَطَ
السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّينِ الْمُكُوسَ وَالضَّرَائِبَ عَنِ الْحُجَّاجِ
بِمَكَّةَ ، وَقَدْ كَانَ يُؤْخَذُ مِنْ حُجَّاجِ الْغَرْبِ شَيْءٌ كَثِيرٌ ، وَمَنْ عَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ حُبِسَ فَرُبَّمَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ
بِعَرَفَةَ ، وَعَوَّضَ أَمِيرَهَا بِمَالٍ يُقْطَعُهُ بِدِيَارِ
مِصْرَ ، وَأَنْ يُحْمَلَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَمَانِيَةُ آلَافِ إِرْدَبٍّ غَلَّةً إِلَى
مَكَّةَ ; لِيَكُونَ عَوْنًا لَهُ وَلِأَتْبَاعِهِ ، وَرِفْقًا بِمَا تَيَسَّرَ عَلَى الْمُجَاوِرِينَ مِنَ ابْتِيَاعِهِ ، وَقَرَّرَ لِلْمُجَاوِرِينَ أَيْضًا غَلَّاتٍ تُحْمَلُ إِلَيْهِمْ ، فَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ .
[ ص: 529 ] وَفِيهَا عَصَى الْأَمِيرُ
شَمْسُ الدِّينِ بْنُ مُقَدَّمٍ بِبَعْلَبَكَّ ، وَلَمْ يَجِئْ إِلَى خِدْمَةِ السُّلْطَانِ وَهُوَ نَازِلٌ عَلَى ظَاهِرِ
حِمْصَ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَخَا
السُّلْطَانِ تُورَانْشَاهْ طَلَبَ
بَعْلَبَكَّ مِنَ السُّلْطَانِ فَأَطْلَقَهَا لَهُ ، فَامْتَنَعَ
ابْنُ الْمُقَدَّمِ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْهَا حَتَّى جَاءَ السُّلْطَانُ بِنَفْسِهِ ، فَحَصَرَهُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ ، حَتَّى جَاءَتِ الْأَمْطَارُ وَالْبَرَدُ ، فَعَادَ إِلَى
دِمَشْقَ فِي رَجَبٍ ، وَوَكَّلَ بِالْبَلَدِ مَنْ يَحْصُرُهُ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ ، ثُمَّ عَوَّضَ
ابْنَ الْمُقَدَّمِ عَنْهَا بِتَعْوِيضٍ كَثِيرٍ خَيْرٍ مِمَّا كَانَ بِيَدِهِ ، فَخَرَجَ مِنْهَا وَتَسَلَّمَهَا
تُورَانْشَاهْ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابْنُ الْأَثِيرِ : وَكَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَلَاءٌ شَدِيدٌ بِسَبَبِ قِلَّةِ الْمَطَرِ ، عَمَّ
الْعِرَاقَ وَالشَّامَ وَدِيَارَ
مِصْرَ ، وَاسْتَمَرَّ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ ، فَجَاءَ الْمَطَرُ وَرَخُصَتِ الْأَسْعَارُ ، وَلَكِنْ تَعَقَّبَ ذَلِكَ وَبَاءٌ شَدِيدٌ ، وَعَمَّ الْبِلَادَ مَرَضٌ وَاحِدٌ ، وَهُوَ السِّرْسَامُ ، فَمَا ارْتَفَعَ إِلَّا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ ، فَمَاتَ بِسَبَبِ ذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ ، وَأُمَمٌ لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ الَّذِي خَلَقَهُمْ .
وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا وَصَلَتْ خُلَعُ الْخَلِيفَةِ إِلَى
الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ وَهُوَ
بِدِمَشْقَ ، وَكَانَتْ سَنِيَّةً عَظِيمَةً جِدًّا ، وَزِيدَ فِي أَلْقَابِهِ ، مُعِزُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَخَلَعَ عَلَى أَخِيهِ
تُورَانْشَاهْ وَلُقِّبَ بِمُصْطَفَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ .
nindex.php?page=treesubj&link=33858وَفِيهَا جَهَّزَ النَّاصِرُ صَلَاحُ الدِّينِ ابْنَ أَخِيهِ فَرُّوخْشَاهْ بْنَ شَاهِنْشَاهْ بْنِ أَيُّوبَ بَيْنَ يَدَيْهِ لِقِتَالِ الْفِرِنْجِ الَّذِينَ قَدْ عَزَمُوا عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَعَاثُوا فِي نَوَاحِي
دِمَشْقَ وَقُرَاهَا ، فَنَهَبُوا مِمَّا حَوْلَهَا وَأَرْجَاءَهَا ، وَأَمْرَهُ أَنْ يُدَارِيَهُمْ حَتَّى يَتَوَسَّطُوا الْبِلَادَ ، وَلَا يُقَاتِلَهُمْ حَتَّى يَقَدَمَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا الْتَقَوْا عَاجَلُوهُ بِالْقِتَالِ ، فَكَسَرَهُمْ وَقَتَلَ مِنْ مُلُوكِهِمْ
[ ص: 530 ] صَاحِبَ
النَّاصِرَةِ الْهَنْفَرِيَّ ، وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ مُلُوكِهِمْ وَشُجْعَانِهِمْ ، لَا يُنَهْنِهُهُ اللِّقَاءَ ، فَكَبَتَهُ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ ، ثُمَّ رَكِبَ
السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّينِ فِي إِثْرِ ابْنِ أَخِيهِ فَمَا وَصَلَ إِلَى الْكُسْوَةِ حَتَّى تَلَقَّتْهُ الرُّءُوسُ عَلَى الرِّمَاحِ ، وَالْغَنَائِمُ وَالْأُسَارَى ، وَالْجَيْشُ فِي سُمْرِهِ وَبَيْضِهِ مِنَ الْبَنَادِقِ وَالصِّفَاحِ .
nindex.php?page=treesubj&link=33858_33856وَفِيهَا بَنَتِ الْفِرِنْجُ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - قَلْعَةً عِنْدَ بَيْتِ الْأَحْزَانِ لِلدَّاوِيَةِ ، فَجَعَلُوهَا مَرْصَدًا لِحَرْبِ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَطْعِ طَرِيقِهِمْ عَلَيْهِمْ ، وَنَقَضَتْ مُلُوكُهُمُ الْعُهُودَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
صَلَاحِ الدِّينِ ، وَأَغَارُوا عَلَى نَوَاحِي الْبُلْدَانِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ; لِيَشْغَلُوا الْمُسْلِمِينَ عَنْهُمْ ، وَتَفَرَّقَتْ جُيُوشُهُمْ فَلَا تَجْتَمِعُ فِي بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَرَتَّبَ السُّلْطَانُ ابْنَ أَخِيهِ
تَقِيَّ الدِّينِ عُمَرَ بِثَغْرِ
حَمَاةَ وَمَعَهُ
شَمْسُ الدِّينِ بْنُ مُقَدَّمٍ وَسَيْفُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَشْطُوبُ ، وَبِثَغْرِ
حِمْصَ ابْنَ عَمِّهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16183نَاصِرَ الدِّينِ بْنَ أَسَدِ الدِّينِ شَيرَكُوهْ ، وَبَعَثَ إِلَى أَخِيهِ
سَيْفِ الدِّينِ أَبِي بَكْرٍ الْعَادِلِ نَائِبِهِ
بِمِصْرَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ فَارِسٍ يَسْتَعِينُ بِهِمْ عَلَى قِتَالِ الْفِرِنْجِ ، وَكَتَبَ إِلَى الْفِرِنْجِ يَأْمُرُهُمْ بِتَخْرِيبِ هَذَا الْحِصْنِ الَّذِي بَنَوْهُ لِلدَّاوِيَةِ ، فَامْتَنَعُوا إِلَّا أَنْ يَبْذُلَ لَهُمْ مَا غَرِمُوهُ عَلَيْهِ ، فَبَذَلَ لَهُمْ سِتِّينَ أَلْفَ دِينَارٍ فَلَمْ يَقْبَلُوا ، فَوَصَلَهُمْ إِلَى مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ فَأَبَوْا ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَخِيهِ
تَقِيُّ الدِّينِ عُمَرُ : ابْذُلْ هَذِهِ فِي جُنُودِ الْمُسْلِمِينَ ، وَسِرْ إِلَى هَذَا الْحِصْنِ فَخَرِّبْهُ . فَأَخَذَ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ وَخَرَّبَهُ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
nindex.php?page=treesubj&link=33858_33800وَفِيهَا أَمَرَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَضِيءُ بِكِتَابَةِ لَوْحٍ عَلَى قَبْرِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، فِيهِ [ ص: 531 ] آيَةُ الْكُرْسِيِّ ، وَبَعْدَهَا : هَذَا قَبْرُ تَاجِ السُّنَّةِ ، وَحِيدِ الْأُمَّةِ ، الْعَالِي الْهِمَّةِ ، الْعَالِمِ الْعَابِدِ الْفَقِيهِ الزَّاهِدِ . وَذَكَرَ تَارِيخَ وَفَاتِهِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .
وَفِيهَا احْتِيطَ
بِبَغْدَادَ عَلَى شَاعِرٍ يُنْشِدُ
لِلرَّوَافِضِ ، يُقَالُ لَهُ :
ابْنُ قَرَايَا . يَقِفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَيَذْكُرُ أَشْعَارًا يُضَمِّنُهَا ذَمَّ الصَّحَابَةِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَسَبَّهُمْ ، وَتَجْوِيرَهُمْ ، وَتَهْجِينَ مَنْ أَحَبَّهُمْ ، فَعُقِدَ لَهُ مَجْلِسٌ بِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ ، وَاسْتُنْطِقَ فَإِذَا هُوَ رَافِضِيٌّ جَلْدٌ دَاهِيَةٌ ، فَأَفْتَى الْفُقَهَاءُ بِقَطْعِ لِسَانِهِ وَيَدَيْهِ ، فَفُعِلَ بِهِ ذَلِكَ ، ثُمَّ اخْتَطَفَتْهُ الْعَامَّةُ فَمَا زَالُوا يَرْمُونَهُ بِالْآجُرِّ حَتَّى أَلْقَى نَفْسَهُ فِي
دِجْلَةَ ، فَاسْتَخْرَجُوهُ مِنْهَا وَقَتَلُوهُ حَتَّى مَاتَ ، فَأَخَذُوا شَرِيطًا وَرَبَطُوهُ فِي رِجْلَيْهِ وَطَوَّفُوا بِهِ فِي الْبَلَدِ يُجَرْجِرُونَهُ فِي أَكْنَافِهَا ، ثُمَّ أَلْقَوْهُ فِي بَعْضِ الْأَتُونَاتِ مَعَ الْآجُرِّ وَالْكِلْسِ ، وَعَجَزَ الشُّرَطُ عَنْ تَخْلِيصِهِ مِنْهُمْ .