ابن عنين الشاعر
وقد تقدمت ترجمته في سنة ثلاثين .
، أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن محمد بن فرح [ ص: 224 ] بن خلف بن قومس بن مزلال بن ملال بن بدر بن أحمد بن دحية بن خليفة الكلبي المغربي السبتي ، ابن دحية كان قاضيها ثم صار إلى مصر ، الحافظ شيخ الديار المصرية في الحديث ، وهو أول من باشر مشيخة دار الحديث الكاملية بها .
قال السبط : وقد كان كابن عنين في ثلب المسلمين والوقيعة فيهم ، ويتزيد في كلامه ، فترك الناس الرواية عنه وكذبوه ، وقد كان الكامل مقبلا عليه ، فلما انكشف له حاله أخذ منه دار الحديث وأهانه ، وتوفي في ربيع الأول بالقاهرة ، ودفن بقرافة مصر .
وقد قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة : وللشيخ السخاوي فيه أبيات حسنة .
وقال القاضي ابن خلكان بعد سياق نسبه كما تقدم ، وذكر أنه كتبه من خطه ، قال : وذكر أن أمه أمة الرحمن بنت أبي عبد الله بن أبي البسام موسى بن عبد الله بن الحسين بن جعفر بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، فلهذا كان يكتب بخطه : ذو النسبين; بين دحية والحسين .
قال ابن خلكان : وكان من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء ، متقنا لعلم الحديث وما يتعلق به ، عارفا بالنحو واللغة وأيام العرب وأشعارها ، اشتغل ببلاد المغرب ، ثم رحل إلى الشام ، ثم إلى العراق ، واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة ، [ ص: 225 ] فوجد ملكها المعظم مظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد النبوي ، فعمل له كتاب " التنوير في مولد السراج المنير " ، وقرأه عليه بنفسه ، فأجازه بألف دينار . وقال : وقد سمعناه على الملك المعظم في ستة مجالس في سنة خمس وعشرين وستمائة .
قلت : وقد وقفت على هذا الكتاب ، وكتبت منه أشياء حسنة مفيدة .
قال ابن خلكان : وكان مولده في سنة أربع وأربعين وخمسمائة . وقيل : ست أو سبع وأربعين وخمسمائة ، وتوفي في هذه السنة ، وكان أخوه أبو عمرو عثمان قد باشر بعده دار الحديث الكاملية بمصر ، وتوفي بعده بسنة .
قلت : وقد تكلم الناس فيه بأنواع من الكلام ، ونسبه بعضهم إلى وضع حديث في قصر صلاة المغرب ، وكنت أود أن أقف على إسناده لنعلم كيف رجاله .
وقد أجمع العلماء - كما ذكره ابن المنذر وغيره - على أن المغرب لا يقصر .
وقد وقفت على جزء جمعه المحدث المتقن المفيد أبو قاسم محمد بن الحافظ أبي الحسين يحيى بن علي بن عبد الله القرشي العطاردي في ترجمة شيخه أبي الخطاب بن دحية هذا ، جمع فيه أقوال الناس في ثلبه والكلام في مرباه ومنشئه واشتغاله وطلبه ، وذكر بعضهم أنه ولي القضاء بسبتة . فالله أعلم .
[ ص: 226 ] وذكر طعن الناس في ادعائه نسبه إلى ، وأنه انقطع نسله من بعد ثلاثمائة ، وأنشد دحية الكلبي فيه - قائل البيتين الشهيرين وهما - قوله : لابن عنين
دحية لم يعقب فكم تفتري إليه بالبهتان والإفك ما صح عند الناس شيء سوى
أنك من كلب بلا شك
ثم قال : وحدثني الفقيه تقي الدين عبيد بن محمد بن عباس الإسعردي ، عن شيخنا الفقيه الإمام العالم أوحد الأنام مفتي المسلمين بهاء الدين أبي الحسن علي بن هبة الله بن سلامة بن المسلم اللخمي ، يعني ابن الجميزي; أنه قال : كان السلطان الملك الكامل قد خرج إلى الشام ، فخرج أبو الخطاب عمر بن دحية معه ، وولد الشيخ فحضرت صلاة [ ص: 227 ] المغرب ، فقدم السلطان معين الدين بن شيخ الشيوخ ، ابن دحية فصلى بهم المغرب ، فلما أن فرغ من الصلاة ، قال ابن شيخ الشيوخ : ما أعلم أحدا من الأئمة يجوز قصر صلاة المغرب في السفر .
فقال ابن دحية : كيف لا وقد أخبرنا فلان عن فلان . وسرد إسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قصر المغرب في السفر . فلم يجب ابن شيخ الشيوخ ومكث على حاله .
قلت : هذا وضع فاحش مخالف لما أجمع عليه العلماء ، كما ذكره ابن المنذر وغيره ، ومثل هذا الإسناد لا يحفظ; لأن سامعه لم يضبطه ، وواضعه لا يقدر على إعادته ثانيا ، والله أعلم .
الحاجري الشاعر
صاحب الديوان المشهور ، وهو عيسى بن سنجر بن بهرام بن جبريل بن خمارتكين بن طاشتكين الإربلي ، شاعر مطبق ، ترجمه ابن خلكان ، وذكر أشياء من شعره كثيرة ، وذكر أنه كان صاحبهم ، وأنه كتب إلى أخيه ضياء الدين عيسى يستوحش منه :
الله يعلم ما أبقى سوى رمق مني فراقك يا من قربه الأمل
فابعث كتابك واستودعه تعزية فربما مت شوقا قبل ما يصل
ومهفهف من شعره وجبينه أمسى الورى في ظلمة وضياء
لا تنكروا الخال الذي في خده كل الشقيق بنقطة سوداء