[ ص: 251 ] ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وستمائة
فيها الصالح إسماعيل صاحب دمشق حصن شقيف أرنون لصاحب صيدا الفرنجي ، فاشتد الإنكار عليه بسبب ذلك من سلم عز الدين بن عبد السلام خطيب البلد ، الشيخ أبي عمرو بن الحاجب شيخ المالكية ، فاعتقلهما مدة ، ثم أطلقهما وألزمهما منازلهما ، وولي الخطابة وتدريس الغزالية والشيخ خطيب بيت الآبار ، ثم خرج الشيخان من لعماد الدين داود بن عمر بن يوسف المقدسي دمشق ، فقصد أبو عمرو الناصر داود بالكرك ، ودخل الشيخ عز الدين الديار المصرية ، فتلقاه صاحبها أيوب بالاحترام والإكرام ، وولاه خطابة القاهرة وقضاء مصر ، واشتغل عليه أهلها ، فكان ممن أخذ عنه الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد - رحمهما الله تعالى - .
وفيها التتار تولي بن جنكزخان إلى ملوك الإسلام يدعوهم إلى طاعته ويأمرهم بتخريب أسوار بلدانهم ، وعنوان الكتاب من نائب رب السماء ، ماسح وجه الأرض ، ملك الشرق والغرب قدم رسول من ملك خاقان . وكان الكتاب مع رجل مسلم من أهل أصبهان ، لطيف الأخلاق ، فأول ما ورد على [ ص: 252 ] شهاب الدين غازي بن العادل صاحب ميافارقين ، وقد أخبر بعجائب في أرضهم غريبة; منها أن في البلاد المتاخمة للسد أناسا أعينهم في مناكبهم ، وأفواههم في صدورهم ، يأكلون السمك ، وإذا رأوا أحدا من الناس هربوا . وذكر أن عندهم بزرا ينبت منه الغنم ، يعيش الخروف منها شهرين وثلاثة ، ولا يتناسل ، ومن ذلك أن بمازندران عينا يطلع فيها كل ثلاثين سنة خشبة عظيمة مثل المنارة ، فتقيم طول النهار ، فإذا غابت الشمس غاصت في العين فلا ترى إلى مثل ذلك الوقت ، وأن بعض الملوك احتال ليمسكوها بسلاسل ربطت فيها فغارت ، وقطعت تلك السلاسل ، ثم كانت إذا طلعت ترى فيها تلك السلاسل ، وهي إلى الآن كذلك .
قال أبو شامة : وفيها قلت المياه من السماء والأرض ، وفسد كثير من الزرع والثمار . والله أعلم .