[ ص: 273 ] ثم
فيها استوزر الخليفة المستعصم بالله مؤيد الدين أبا طالب محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن العلقمي; المشئوم على نفسه وعلى دخلت سنة اثنتين وأربعين وستمائة أهل بغداد ، والذي لم يعصم المستعصم في وزارته; فإنه لم يكن وزير صدق ولا مرضي الطريقة ، فإنه هو الذي أعان على المسلمين في قضية هولاوو وجنوده - قبحه الله وإياهم - وقد كان ابن العلقمي قبل هذه الوزارة أستاذ دار الخلافة ، فلما مات نصر الدين محمد بن الناقد استوزر ابن العلقمي ، وجعل مكانه في الأستاذ دارية الشيخ محيي الدين يوسف بن أبي الفرج بن الجوزي ، وكان من خيار الناس ، رحمه الله تعالى ، وهو واقف الجوزية التي بالنشابين بدمشق ، تقبل الله منه .
وفيها جعل الشيخ شمس الدين علي بن محمد بن الحسين بن النيار مؤدب الخليفة شيخ الشيوخ ببغداد ، وخلع عليه ، ووكل الخليفة عبد الوهاب بن المطهر وكالة مطلقة ، وخلع عليه .
الخوارزمية الذين كان الصالح أيوب صاحب مصر استقدمهم ليستنجد بهم على الصالح إسماعيل أبي الحسن صاحب [ ص: 274 ] دمشق ، فنزلوا على وفيها كانت وقعة عظيمة بين غزة ، وأرسل إليهم الصالح أيوب الأموال والخلع والخيل والأقمشة والعساكر ، فاتفق الصالح إسماعيل صاحب والناصر داود الكرك ، والمنصور صاحب حمص مع الفرنج ، واقتتلوا مع الخوارزمية قتالا شديدا ، فهزمتهم الخوارزمية كسرة منكرة فظيعة ، هزمت الفرنج بصلبانها وراياتها العالية على رءوس أطلاب المسلمين ، وكانت كئوس الخمر دائرة بين الجيوش ، فنابت كئوس المنون عن تلك الخمور ، فقتل من الفرنج في يوم واحد زيادة عن ثلاثين ألفا ، وأسروا جماعة من ملوكهم وقسوسهم وأساقفتهم ، وخلقا من أمراء المسلمين ، وبعثوا بالأسارى إلى الصالح أيوب بمصر ، وكان يومئذ يوما مشهودا وأمرا محمودا . وقد قال بعض أمراء المسلمين : قد علمت أنا لما وقفنا تحت صلبان الفرنج أنا لا نفلح . وغنمت الخوارزمية من الفرنج ، وممن كان معهم شيئا كثيرا ، وأرسل الصالح أيوب إلى دمشق ليحاصرها ، فحصنها الصالح إسماعيل ، وخرب من حولها رباعا كثيرة ، وكسر جسر باب توما ، فكسر النهر فتراجع الماء حتى صار بحيرة من باب توما وباب السلامة ، فغرق جميع ما كان بينهما من العمران ، وافتقر كثير من الناس ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .