عماد الدين عبد الله بن الحسن بن النحاس الشيخ
ترك الخدم ، وأقبل على الزهادة والتلاوة ، والعبادة والصيام المتتابع ، والانقطاع بمسجده بسفح قاسيون نحوا من ثلاثين سنة ، وكان من خيار الناس ، ولما توفي دفن عند مسجده بتربة مشهورة به ، وحمام ينسب إليه في مساريق الصالحية ، وقد أثنى عليه السبط ، وأرخوا وفاته كما ذكرنا .
[ ص: 343 ] يوسف بن الأمير حسام الدين قزغلي بن عبد الله عتيق الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة الحنبلي
الشيخ شمس الدين ، أبو المظفر الحنفي البغدادي ، ثم الدمشقي ، سبط ابن الجوزي ، أمه رابعة بنت الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي الواعظ ، وقد كان حسن الصورة ، طيب الصوت ، حسن الوعظ ، كثير الفضائل والمصنفات ، وله " مرآة الزمان " في عشرين مجلدا من أحسن التواريخ ، انتظم فيه " المنتظم " لجده ، وزاد عليه ، وذيل إلى زمانه ، وهو من أحسن التواريخ وأبهجها ، قدم دمشق في حدود الستمائة ، وحظي عند ملوك بني أيوب ، وقدموه وأحسنوا إليه ، وكان له مجلس وعظ كل يوم سبت بكرة النهار عند السارية التي يقوم عندها الوعاظ اليوم عند باب مشهد وقد كان الناس يبيتون ليلة السبت بالجامع ، ويتركون البساتين في الصيف حتى يسمعوا ميعاده ، ثم يسرعون إلى بساتينهم ، فيتذاكرون ما قاله من الفوائد والكلام الحسن ، على طريقة جده . علي بن الحسين زين العابدين ،
وقد كان الشيخ تاج الدين الكندي ، وغيره من المشايخ يحضرون عنده تحت قبة يزيد ، التي عند باب المشهد ، ويستحسنون ما يقول ، ودرس بالعزية البرانية التي بناها الأمير عز الدين أيبك المعظمي ، أستاذ دار المعظم ، وهو واقف العزية الجوانية التي بالكشك أيضا ، وكانت قديما تعرف بدور ابن منقذ ، ودرس السبط أيضا بالشبلية التي بالجبل عند جسر كحيل ، وفوض إليه البدرية [ ص: 344 ] التي قبالتها ، فكانت سكنه ، وبها توفي ليلة الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة ، وحضر جنازته سلطان البلد الناصر بن العزيز فمن دونه ، وقد أثنى عليه الشيخ شهاب الدين أبو شامة في علومه وفضائله ورياسته وحسن وعظه وطيب صوته ونضارة وجهه ، وتواضعه وزهده وتودده ، لكنه قال : وقد كنت مريضا ليلة وفاته ، فرأيت وفاته في المنام قبل اليقظة ، ورأيته في حالة منكرة ، ورآه غيري أيضا كذلك ، فنسأل الله العافية ، ولم أقدر على حضور جنازته وكانت جنازته حافلة حضرها خلق كثير ، السلطان فمن دونه ، ودفن هناك ، وقد كان فاضلا عالما ظريفا ، منقطعا منكرا على أرباب الدول ما هم عليه من المنكرات ، وقد كان مقتصدا في لباسه مواظبا على المطالعة والاشتغال والجمع والتصنيف ، منصفا لأهل العلم والفضل ، مباينا لأهل الجبرية والجهل وتأتي الملوك وأرباب الدول إليه زائرين وقاصدين ، وربي في طول زمانه في جاه عريض عند الملوك والعوام نحو خمسين سنة ، وكان مجلس وعظه مطربا ، وصوته فيما يورده حسنا طيبا ، رحمه الله تعالى ورضي عنه .
قلت : وهو ممن ينشد له عند موته قول الشاعر :
مازلت تدأب في التاريخ مجتهدا حتى رأيتك في التاريخ مكتوبا
وقد سئل يوم عاشوراء زمن الملك الناصر صاحب حلب أن يذكر للناس شيئا من مقتل الحسين ، فصعد المنبر وجلس طويلا لا يتكلم ، ثم وضع المنديل على [ ص: 345 ] وجهه ، وبكى ثم أنشأ يقول : وهو يبكي شديدا :ويل لمن شفعاؤه خصماؤه والصور في نشر الخلائق ينفخ
لا بد أن ترد القيامة فاطم وقميصها بدم الحسين ملطخ
واقف مارستان الصالحية : الأمير الكبير سيف الدين أبو الحسن يوسف بن أبي الفوارس بن موسك القيمري الكردي
أكبر أمراء القيمرية ، كانوا يقفون بين يديه كما تعامل الملوك ، ومن أكبر حسناته وقفه المارستان الذي بسفح قاسيون ، وكانت وفاته ودفنه بالسفح في القبة التي تجاه المارستان المذكور ، وكان ذا مال كثير وثروة ، رحمه الله .
مجير الدين يعقوب بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب
دفن عند والده بتربة العادلية .
الأمير مظفر الدين إبراهيم بن صاحب صرخد عز الدين أيبك أستاذ دار المعظم واقف العزيتين; البرانية والجوانية
على الحنفية ، ودفن عند والده بالتربة تحت القبة عند الوراقة ، رحمهما الله تعالى .
[ ص: 346 ] الشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن نوح المقدسي
الفقيه مدرس الرواحية بعد شيخه الشافعي ودفن بالصوفية ، وكانت له جنازة حافلة ، رحمه الله . تقي الدين بن الصلاح ،
قال أبو شامة : وكثر في هذه السنة موت الفجأة ، فمات خلق كثير بسبب ذلك .
وممن توفي فيها : زكي بن الفويرة ، أحد المعدلين بدمشق ، وبدر الدين بن التبنيني أحد رؤسائها ، وعز الدين عبد العزيز بن أبي طالب بن عبد الغفار التغلبي ابن الحنوي ، وهو سبط القاضي جمال الدين بن الحرستاني ، رحمهم الله تعالى وعفا عنهم أجمعين .