المستنصر بالله بن الظاهر بأمر الله العباسي
الذي بايعه الخليفة الظاهر بمصر في رجب من السنة الماضية ، كما ذكرنا ، وكان قتله في ثالث المحرم من هذه السنة ، وكان شهما شجاعا ، بطلا فاتكا ، وقد كان السلطان الظاهر أنفق عليه حتى أقام له جيشا بألف ألف دينار وأزيد ، وسار في خدمته ومعه خلق من أكابر الأمراء وأولاد صاحب الموصل ، وكان الملك الصالح إسماعيل من الوفد الذين قدموا على الظاهر ، فأرسله صحبة الخليفة ، فلما كانت [ ص: 441 ] الوقعة فقد المستنصر ، ورجع الصالح إلى بلاده ، فجاءته التتار ، فحاصروه كما ذكرنا ، وقتلوه وخربوا بلاده ، وقتلوا أهلها ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
العز الضرير النحوي اللغوي
واسمه الحسن بن محمد بن أحمد بن نجا ، من أهل نصيبين ، ونشأ بإربل ، فاشتغل بعلوم كثيرة من علوم الأوائل ، وكان يشتغل عليه أهل الذمة وغيرهم ، ونسب إلى الانحلال وقلة الدين ، وترك الصلوات ، وكان ذكيا ، وليس بذكي; عالم اللسان ، جاهل القلب ، ذكي القول ، خبيث الفعل ، وله شعر جيد رائق أورد منه الشيخ قطب الدين قطعة في ترجمته ، وهو الضرير شبيه قبحهما الله . بأبي العلاء المعري ،
ابن عبد السلام
عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن بن محمد بن المهذب ، الشيخ عز الدين أبو محمد السلمي الدمشقي الشافعي ، شيخ المذهب ومفيد أهله ، وصاحب مصنفات حسان; منها التفسير ، واختصار النهاية ، والقواعد الكبرى ، والصغرى ، وكتاب الصلاة ، والفتاوى الموصلية ، وغير ذلك .
ولد سنة سبع أو ثمان وسبعين وخمسمائة ، وسمع كثيرا ، واشتغل على وغيره ، وبرع في المذهب ، وعلوم كثيرة ، وأفاد الطلبة ، ودرس بعدة مدارس فخر الدين بن عساكر بدمشق ، وولي خطابتها ، ثم انتقل عنها إلى الديار المصرية ، فدرس بها ، وخطب وحكم ، وانتهت إليه رئاسة المذهب ، [ ص: 442 ] وقصد بالفتاوى من الآفاق ، وكان لطيفا ظريفا يستشهد بالأشعار ، وقد كان خروجه من الشام بسبب ما كان أنكره على الصالح إسماعيل من تسليمه صفد والشقيف إلى الفرنج ، ووافقه الشيخ المالكي ، فأخرجهما من بلده ، فسار أبو عمرو بن الحاجب أبو عمرو إلى الناصر داود صاحب الكرك فأكرمه ، وسار ابن عبد السلام إلى الملك الصالح أيوب بن الكامل صاحب مصر ، فأكرمه واحترمه وولاه قضاء مصر وخطابة الجامع العتيق ، ثم انتزعهما منه ، وأقره على تدريس الصالحية ، فلما حضره الموت أوصى بها للقاضي تاج الدين ابن بنت الأعز ، وتوفي في عاشر جمادى الأولى ، وقد نيف على الثمانين ، ودفن من الغد بسفح المقطم ، وحضر جنازته السلطان الظاهر وخلق كثير ، رحمه الله تعالى .
كمال الدين بن العديم الحنفي
عمر بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة عامر بن ربيعة بن خويلد بن عوف بن عامر بن عقيل الحلبي الحنفي ، كمال الدين أبو القاسم بن العديم ، الأمير الوزير الرئيس الكبير ، ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة ، سمع الحديث ، وحدث وتفقه وأفتى ودرس وصنف ، وكان إماما في فنون كثيرة ، وقد ترسل إلى الخلفاء والملوك مرارا عديدة ، وكان يكتب حسنا طريقة مشهورة ، وصنف لحلب تاريخا مفيدا يقرب [ ص: 443 ] من أربعين مجلدا ، وكان جيد المعرفة بالحديث ، حسن الظن بالفقراء والصالحين ، كثير الإحسان إليهم ، وقد أقام بدمشق في الدولة الناصرية المتأخرة ، وكانت وفاته بمصر ، ودفن بسفح المقطم بعد الشيخ عز الدين بعشرة أيام ، وقد أورد له قطب الدين أشعارا حسنة .
يوسف بن يوسف بن يوسف بن سلامة
بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن سليمان بن محمد القاقاني الزينبي بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، محيي الدين أبو المعز ، ويقال : أبو المحاسن الهاشمي العباسي الموصلي ، المعروف بابن زبلاق الشاعر ، قتلته التتار لما أخذوا الموصل في هذه السنة عن سبع وخمسين سنة ، ومن شعره قوله :
بعثت لنا من سحر مقلتك الوسنى سهادا يذود الجفن أن يألف الجفنا وأبصر جسمي حسن خصرك ناحلا
فحاكاه لكن زاد في دقة المعنى وأبرزت وجها أخجل الصبح طالعا
وملت بقد علم الهيف الغصنا حكيت أخاك البدر ليلة تمه
سنا وسناء إذ تشابهتما سنا
[ ص: 444 ]
أنا في منزلي وقد وهب ال له نديما وقينة وعقارا
فابسطوا العذر في التأخر عنكم شغل الحلي أهله أن يعارا
البدر المراغي الخلافي
المعروف بالطويل ، وكان قليل الدين تاركا للصلاة ، مغتبطا بما كان فيه من معرفة الجدل والخلاف على اصطلاح المتأخرين ، رحمنا الله تعالى وجميع المسلمين .
وفيها توفي :
محمد بن داود بن ياقوت الصارمي
المحدث ، كتب كثيرا; الطبقات وغيرها ، وكان دينا خيرا ، يعير كتبه ، ويداوم على الاشتغال بسماع الحديث ، رحمه الله تعالى .