[ ص: 448 ] ذكر الظاهر الكرك وإعدام صاحبها أخذ
وفيها ركب الملك الظاهر من الديار المصرية في العساكر المنصورة قاصدا ناحية بلاد الكرك ، واستدعى صاحبها الملك المغيث عمر بن العادل أبي بكر بن الكامل محمد بن العادل ، فلما قدم عليه بعد جهد أرسله إلى الديار المصرية معتقلا ، فكان آخر العهد به ، وذلك أنه كاتب هولاكو وحثه على القدوم إلى الشام مرة أخرى ، وجاءته كتب التتار بالثبات ونيابة البلاد ، وأنه سيقدم عليه عشرون ألفا لفتح الديار المصرية ، وأخرج السلطان فتاوى الفقهاء بقتله ، وعرض ذلك على ابن خلكان - وكان قد استدعاه من دمشق - وعلى جماعة من الأمراء ، ثم سار فتسلم الكرك يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الأولى ، ودخلها يومئذ في أبهة عظيمة ، ثم عاد إلى الديار المصرية مؤيدا منصورا .
وفيها قدمت رسل بركة خان إلى الظاهر يقول له : قد علمت محبتي لدين الإسلام ، وعلمت ما فعل هولاكو بالمسلمين ، فاركب أنت من ناحية ، وآتيه أنا من ناحية حتى نصطلمه أو نخرجه من البلاد ، وأيا ما كان أعطيتك جميع ما كان بيده من البلاد . فاستصوب الظاهر هذا الرأي ، وشكره وخلع على رسله وأكرمهم .
وفيها الموصل زلزلة عظيمة ، وتهدمت أكثر دورها . زلزلت
[ ص: 449 ] وفي رمضان جهز الظاهر صناعا وأخشابا وآلات كثيرة لعمارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد حريقه ، فطيف بتلك الأخشاب والآلات بالديار المصرية فرحة بها وتعظيما لها ، ثم ساروا بها إلى المدينة النبوية .
وفي شوال سار الظاهر إلى الإسكندرية ، فنظر في أحوالها وأمورها ، وعزل قاضيها وخطيبها ناصر الدين أحمد بن المنير ، وولى غيره .
وفيها التقى بركة قان وهولاوو ومع كل واحد جيوش كثيرة ، فاقتتلوا فهزم هولاكو هزيمة فظيعة ، وقتل أكثر أصحابه ، وغرق أكثر من بقي ، وهرب هو في شرذمة قليلة من أصحابه ، ولله الحمد .
ولما نظر بركة خان إلى كثرة القتلى قال : يعز علي أن يقتل المغول بعضهم بعضا ، ولكن كيف الحيلة فيمن غير سنة جنكزخان؟ ! ثم أغار بركة خان على بلاد القسطنطينية ، فصانعه صاحبها ، وأرسل الظاهر هدايا عظيمة إلى بركة وتحفا كثيرة هائلة .