[ ص: 589 ] ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين وستمائة
فيها الملك المنصور إلى دمشق في يوم الجمعة سابع رجب في أبهة عظيمة ، وكان يوما مشهودا . قدم
وفيها بدمشق الشيخ عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي ، عوضا عن محيي الدين بن الحرستاني الذي توفي فيها كما سيأتي ، وخطب يوم الجمعة الحادي والعشرين من رجب من هذه السنة . وفي هذا اليوم قبل الصلاة احتيط على ولي الخطابة القاضي عز الدين بن الصائغ بالقلعة ، وأثبت ابن الحصري نائب الحنفي محضرا يتضمن أن عنده وديعة بمقدار ثمانية آلاف دينار من جهة ابن الإسكاف ، وكان الذي أثار ذلك شخص قدم من حلب يقال له : تاج الدين بن السنجاري . وولي القضاء بعده بهاء الدين يوسف بن محيي الدين بن الزكي ، وحكم يوم الأحد ثالث وعشرين رجب ، ومنع الناس من زيارة ابن الصائغ ، وسعى في إثبات محضر آخر أن عنده وديعة بقيمة خمسة وعشرين ألف دينار للصالح إسماعيل بن أسد الدين ، وقام في ذلك ابن الشاكري والجمال بن الحموي وآخرون ، وتكلموا في قضية ثالثة ، ثم عقد له مجلس ناله فيه شدة شديدة ، وتعصبوا عليه ، ثم أعيد إلى اعتقاله ، وقام في صفه نائب السلطنة حسام [ ص: 590 ] الدين لاجين وجماعة من الأمراء ، فكلموا فيه السلطان ، فأطلقه وخرج إلى منزله ، وجاء الناس إلى تهنئته يوم الاثنين الثالث والعشرين من شعبان ، وانتقل من العادلية إلى داره بدرب النقاشة ، وكان عامة جلوسه في المسجد تجاه داره .
وفي رجب باشر حسبة دمشق جمال الدين بن صصرى .
وفي شعبان درس الخطيب جمال الدين بن عبد الكافي بالغزالية عوضا عن الخطيب ابن الحرستاني ، وأخذ منه الدولعية لكمال الدين بن النجار ، الذي كان وكيل بيت المال ، ثم أخذ شمس الدين الإربلي تدريس الغزالية من ابن عبد الكافي المذكور .
وفي آخر شعبان باشر نيابة الحكم عن ابن الزكي شرف الدين أحمد بن نعمة المقدسي أحد أئمة الفضلاء وسادات العلماء المصنفين ، ولما توفي أخوه شمس الدين محمد في شوال ولي مكانه تدريس الشامية البرانية ، وأخذت منه العادلية الصغيرة ، فدرس فيها القاضي نجم الدين أحمد بن صصرى التغلبي في ذي القعدة ، وأخذت من شرف الدين أيضا الرواحية ، فدرس فيها نجم الدين البياني نائب الحكم ، رحمهم الله أجمعين .