[ ص: 702 ] ثم دخلت
nindex.php?page=treesubj&link=33800سنة سبع وتسعين وستمائة
استهلت والخليفة
الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد العباسي ، وسلطان البلاد الملك
المنصور حسام الدين لاجين السلحداري المنصوري ، ونائبه
بمصر منكوتمر ، وبدمشق سيف الدين قبجق ، وقاضي الشافعية
إمام الدين القزويني ، وقاضي الحنفية
حسام الدين الرازي ، ثم ولي ابنه
جلال الدين مكانه
بدمشق في عاشر صفر ، وركب بالخلعة والطرحة ، وهنأه الناس ، وكتب في الإسجالات قاضي القضاة . وقاضي المالكية
جمال الدين الزواوي ، وقاضي الحنابلة
تقي الدين سليمان بن حمزة بن الشيخ أبي عمر ، وخطيب البلد
بدر الدين بن جماعة ، وطلب قاضي القضاة
حسام الدين الرازي إلى الديار المصرية ، فأقام عند السلطان
لاجين وولاه قضاء القضاة الحنفية
بمصر عوضا عن
شمس الدين السروجي ، واستقر ولده
جلال الدين بالقضاء في
الشام بدمشق قاضي قضاة الحنفية ، ودرس بمدرستي أبيه الخاتونية والمقدمية ، وترك مدرسة القصاعين والشبلية .
وجاء الخبر على يدي البريد بعافية السلطان من الوقعة التي كان وقعها ، فدقت البشائر وزينت البلد ، فإنه سقط عن فرسه وهو يلعب بالكرة ، فكان كما
[ ص: 703 ] قال الشاعر :
حويت بطشا وإحسانا ومعرفة وليس يحمل هذا كله الفرس
وجاء التقليد والخلعة لنائب السلطنة ، فقرئ التقليد ، وباس العتبة ، وكان يوما مشهودا .
وفي ربيع الأول درس بالجوزية
عز الدين بن قاضي القضاة تقي الدين سليمان ، وحضر عنده
إمام الدين الشافعي وأخوه
جلال الدين وجماعة من الفضلاء ، وبعد التدريس جلس وحكم عن أبيه بإذنه له في ذلك .
وفي ربيع الأول غضب قاضي القضاة
تقي الدين بن دقيق العيد ، وترك الحكم
بمصر أياما ، ثم استرضي وعاد ، وشرط عليه أن لا يستنيب ولده
المحب .
وفي يوم الجمعة عاشر ربيع الآخر أقيمت الجمعة بالمدرسة المعظمية ، وخطب فيها مدرسها
القاضي شمس الدين بن العز الحنفي . واشتهر في هذا الحين القبض على
بدر الدين بيسري بالديار المصرية ، واحتيط على أمواله بديار
مصر . وأرسل السلطان بجريدة صحبة
علم الدين الدواداري إلى
تل حمدون ففتحت بحمد الله ومنه ، وجاء الخبر بذلك إلى
دمشق في الثاني عشر من
[ ص: 704 ] رمضان ، وضربت به الخليلية ، وأذن بها الظهر ، وكان أخذها يوم الأربعاء سابع رمضان ، ثم فتحت
مرعش بعدها ، فدقت البشائر ، ثم انتقل الجيش إلى
قلعة حموص ، فأصيب جماعة من الجيش ، منهم الأمير
علم الدين سنجر طقصبا ، أصابه زيار في فخذه ، وأصاب الأمير
علم الدين الدواداري حجر في رجله .
ولما كان يوم الجمعة سابع عشر شوال عمل الشيخ
تقي الدين ابن تيمية ميعادا في الجهاد ، وحرض فيه ، بالغ في أجور المجاهدين ، وكان وقتا مشهودا وميعادا جليلا .
وفي هذا الشهر عاد الملك
المسعود نجم الدين خضر بن الظاهر من
بلاد الأشكري إلى ديار
مصر بعد أن مكث هناك من زمن
الأشرف بن المنصور ، وتلقاه السلطان بالموكب ، وأكرمه وعظمه ، وحج الأمير
خضر بن الظاهر في هذه السنة مع المصريين ، وكان فيهم الخليفة
الحاكم بأمر الله العباسي .
وفي شهر شوال جلس المدرسون بالمدرسة التي أنشأها نائب السلطنة
بمصر ، وهي المنكوتمرية داخل
باب القنطرة . [ ص: 705 ] وفيها دقت البشائر لأجل أخذ قلعتي
حميص ونجيمة من بلاد
سيس .
وفيها وصلت الجريدة من بلاد
مصر قاصدين بلاد
سيس مددا لأصحابهم ، وهي نحو من ثلاثة آلاف مقاتل ، ولله الحمد .
وفي منتصف ذي الحجة أمسك الأمير
عز الدين أيبك الحموي الذي كان نائب
الشام هو وجماعة من أهله وأصحابه من الأمراء .
وفيها قلت المياه
بدمشق جدا حتى بقي ثورا في بعض الأماكن لا يصل إلى ركبة الإنسان ، وأما بردى فإنه لم يبق فيه مسكة ماء ، ولا يصل إلى جسر
جسرين ، وغلا سعر الثلج بالبلد ، وأما نيل
مصر فإنه كان في غاية الزيادة والكثرة .
[ ص: 702 ] ثُمَّ دَخَلَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=33800سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ
اسْتَهَلَّتْ وَالْخَلِيفَةُ
الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ الْعَبَّاسِيُّ ، وَسُلْطَانُ الْبِلَادِ الْمَلِكُ
الْمَنْصُورُ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ السِّلَحْدَارِيُّ الْمَنْصُورِيُّ ، وَنَائِبُهُ
بِمِصْرَ مَنْكُوتَمُرُ ، وَبِدِمَشْقَ سَيْفُ الدِّينِ قَبْجَقُ ، وَقَاضِي الشَّافِعِيَّةِ
إِمَامُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ ، وَقَاضِي الْحَنَفِيَّةِ
حُسَامُ الدِّينِ الرَّازِيُّ ، ثُمَّ وَلِيَ ابْنُهُ
جَلَالُ الدِّينِ مَكَانَهُ
بِدِمَشْقَ فِي عَاشِرِ صَفَرٍ ، وَرَكِبَ بِالْخِلْعَةِ وَالطَّرْحَةِ ، وَهَنَّأَهُ النَّاسُ ، وَكُتِبَ فِي الْإِسْجَالَاتِ قَاضِي الْقُضَاةِ . وَقَاضِي الْمَالِكِيَّةِ
جَمَالُ الدِّينِ الزَّوَاوِيُّ ، وَقَاضِي الْحَنَابِلَةِ
تَقِيُّ الدِّينِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ ، وَخَطِيبُ الْبَلَدِ
بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ ، وَطُلِبَ قَاضِي الْقُضَاةِ
حُسَامُ الدِّينِ الرَّازِيُّ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ ، فَأَقَامَ عِنْدَ السُّلْطَانِ
لَاجِينَ وَوَلَّاهُ قَضَاءَ الْقُضَاةِ الْحَنَفِيَّةِ
بِمِصْرَ عِوَضًا عَنْ
شَمْسِ الدِّينِ السُّرُوجِيِّ ، وَاسْتَقَرَّ وَلَدُهُ
جَلَالُ الدِّينِ بِالْقَضَاءِ فِي
الشَّامِ بِدِمَشْقَ قَاضِي قُضَاةِ الْحَنَفِيَّةِ ، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَتَيْ أَبِيهِ الْخَاتُونِيَّةِ وَالْمُقَدَّمِيَّةِ ، وَتَرَكَ مَدْرَسَةَ الْقَصَّاعِينَ وَالشِّبْلِيَّةِ .
وَجَاءَ الْخَبَرُ عَلَى يَدَيِ الْبَرِيدِ بِعَافِيَةِ السُّلْطَانِ مِنَ الْوَقْعَةِ الَّتِي كَانَ وَقَعَهَا ، فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ وَزُيَّنَتِ الْبَلَدُ ، فَإِنَّهُ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ وَهُوَ يَلْعَبُ بِالْكُرَةِ ، فَكَانَ كَمَا
[ ص: 703 ] قَالَ الشَّاعِرُ :
حَوَيْتَ بَطْشًا وَإِحْسَانًا وَمَعْرِفَةً وَلَيْسَ يَحْمِلُ هَذَا كُلَّهُ الْفَرَسُ
وَجَاءَ التَّقْلِيدُ وَالْخِلْعَةُ لِنَائِبِ السَّلْطَنَةِ ، فَقُرِئَ التَّقْلِيدُ ، وَبَاسَ الْعَتَبَةَ ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا .
وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ دَرَّسَ بِالْجَوْزِيَّةِ
عِزُّ الدِّينِ بْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيِّ الدِّينِ سُلَيْمَانَ ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ
إِمَامُ الدِّينِ الشَّافِعِيُّ وَأَخُوهُ
جَلَالُ الدِّينِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ ، وَبَعْدَ التَّدْرِيسِ جَلَسَ وَحَكَمَ عَنْ أَبِيهِ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ .
وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ غَضِبَ قَاضِي الْقُضَاةِ
تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ، وَتَرَكَ الْحُكْمَ
بِمِصْرَ أَيَّامًا ، ثُمَّ اسْتُرْضِيَ وَعَادَ ، وَشُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَسْتَنِيبَ وَلَدَهُ
الْمُحِبَّ .
وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَاشِرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ أُقِيمَتِ الْجُمُعَةُ بِالْمَدْرَسَةِ الْمُعَظَّمِيَّةِ ، وَخَطَبَ فِيهَا مُدَرِّسُهَا
الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْعِزِّ الْحَنَفِيُّ . وَاشْتُهِرَ فِي هَذَا الْحِينِ الْقَبْضُ عَلَى
بَدْرِ الدِّينِ بَيْسَرِيِّ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ ، وَاحْتِيطَ عَلَى أَمْوَالِهِ بِدِيَارِ
مِصْرَ . وَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ بِجَرِيدَةٍ صُحْبَةَ
عَلَمِ الدِّينِ الدَّوَادَارِيِّ إِلَى
تَلِّ حَمْدُونَ فَفُتِحَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَنِّهِ ، وَجَاءَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ إِلَى
دِمَشْقَ فِي الثَّانِي عَشَرَ مِنْ
[ ص: 704 ] رَمَضَانَ ، وَضُرِبَتْ بِهِ الْخَلِيلِيَّةُ ، وَأُذِّنَ بِهَا الظَّهْرُ ، وَكَانَ أَخْذُهَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ سَابِعَ رَمَضَانَ ، ثُمَّ فُتِحَتْ
مَرْعَشُ بَعْدَهَا ، فَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ ، ثُمَّ انْتَقَلَ الْجَيْشُ إِلَى
قَلْعَةِ حَمُوصَ ، فَأُصِيبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْجَيْشِ ، مِنْهُمُ الْأَمِيرُ
عَلَمُ الدِّينِ سَنْجَرُ طُقْصُبَا ، أَصَابَهُ زِيَارٌ فِي فَخِذِهِ ، وَأَصَابَ الْأَمِيرَ
عَلَمَ الدِّينِ الدَّوَادَارِيَّ حَجَرٌ فِي رِجْلِهِ .
وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ سَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ عَمِلَ الشَّيْخُ
تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَةَ مِيعَادًا فِي الْجِهَادِ ، وَحَرَّضَ فِيهِ ، بَالَغَ فِي أُجُورِ الْمُجَاهِدِينَ ، وَكَانَ وَقْتًا مَشْهُودًا وَمِيعَادًا جَلِيلًا .
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ عَادَ الْمَلِكُ
الْمَسْعُودُ نَجْمُ الدِّينِ خَضِرُ بْنُ الظَّاهِرِ مِنْ
بِلَادِ الْأَشْكَرِيِّ إِلَى دِيَارِ
مِصْرَ بَعْدَ أَنْ مَكَثَ هُنَاكَ مِنْ زَمَنِ
الْأَشْرَفِ بْنِ الْمَنْصُورِ ، وَتَلَقَّاهُ السُّلْطَانُ بِالْمَوْكِبِ ، وَأَكْرَمَهُ وَعَظَّمَهُ ، وَحَجَّ الْأَمِيرُ
خَضِرُ بْنُ الظَّاهِرِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَعَ الْمِصْرِيِّينَ ، وَكَانَ فِيهِمُ الْخَلِيفَةُ
الْحَاكِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ الْعَبَّاسِيُّ .
وَفِي شَهْرِ شَوَّالٍ جَلَسَ الْمُدَرِّسُونَ بِالْمَدْرَسَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا نَائِبُ السَّلْطَنَةِ
بِمِصْرَ ، وَهِيَ الْمَنْكُوتَمُرِيَّةُ دَاخِلَ
بَابِ الْقَنْطَرَةِ . [ ص: 705 ] وَفِيهَا دَقَّتِ الْبَشَائِرُ لِأَجْلِ أَخْذِ قَلْعَتِي
حُمَيْصَ وَنُجَيْمَةَ مِنْ بِلَادِ
سِيسَ .
وَفِيهَا وَصَلَتِ الْجَرِيدَةُ مِنْ بِلَادِ
مِصْرَ قَاصِدِينَ بِلَادَ
سِيسَ مَدَدًا لِأَصْحَابِهِمْ ، وَهِيَ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدٍ .
وَفِي مُنْتَصَفِ ذِي الْحِجَّةِ أُمْسِكَ الْأَمِيرُ
عِزُّ الدِّينِ أَيْبَكُ الْحَمَوِيُّ الَّذِي كَانَ نَائِبَ
الشَّامِ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ مِنَ الْأُمَرَاءِ .
وَفِيهَا قَلَّتِ الْمِيَاهُ
بِدِمَشْقَ جِدًّا حَتَّى بَقِيَ ثَوْرًا فِي بَعْضِ الْأَمَاكِنِ لَا يَصِلُ إِلَى رُكْبَةِ الْإِنْسَانِ ، وَأَمَّا بَرَدَى فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ مُسْكَةُ مَاءٍ ، وَلَا يَصِلُ إِلَى جِسْرِ
جِسْرَيْنِ ، وَغَلَا سِعْرُ الثَّلْجِ بِالْبَلَدِ ، وَأَمَّا نِيلُ
مِصْرَ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَايَةِ الزِّيَادَةِ وَالْكَثْرَةِ .