[ ص: 78 ] ثم دخلت سنة ثمان وسبعمائة
استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها ، والشيخ تقي الدين في الحبس ، والناس قد انعكفوا عليه زيارة وتعلما وإفتاء وغير ذلك .
وفي مستهل ربيع الأول أفرج عن الأمير نجم الدين خضر ابن السلطان الملك الظاهر ، فأخرج من البرج ، وأسكن دار الأفرم بالقاهرة ، ثم كانت وفاته في خامس رجب من هذه السنة . وفي أواخر جمادى الأولى تولى نظر ديوان ملك الأمراء الشريف زين الدين بن عدنان عوضا عن ابن الزملكاني ، ثم أضيف إليه نظر الجامع أيضا عوضا عن ابن الحظيري ، وتولى نجم الدين الدمشقي نظر الأيتام عوضا عن نجم الدين بن هلال . وفي رمضان عزل الصاحب أمين الدين بن الرقاقي عن نظر الدواوين بدمشق ، وسافر إلى مصر .
وفيها عزل كمال الدين بن الشريشي نفسه عن وكالة بيت المال ، وصمم على الاستمرار على العزل ، وعرض عليه العود فلم يقبل ، وحملت إليه الخلعة لما خلع على المباشرين فلم يلبسها ، واستمر معزولا إلى يوم عاشوراء من السنة [ ص: 79 ] الآتية ، فجدد له تقليد ، وخلع عليه في الدولة الجديدة .
وفيها الملك الناصر محمد بن قلاوون من الديار المصرية قاصدا الحج ، وذلك في السادس والعشرين من رمضان ، وخرج معه جماعة من الأمراء لتوديعه ، فردهم ، ولما اجتاز بالكرك عدل إليها ، فنصب له الجسر ، فلما توسطه كسر به ، فسلم من كان أمامه ، وقفز به الفرس فسلم ، وسقط من كان وراءه وكانوا خمسين ، فمات منهم أربعة ، وتهشم أكثرهم في الوادي الذي تحته ، وبقي نائب خرج الكرك الأمير جمال الدين آقوش خجلا ، يتوهم أن يكون هذا يظنه السلطان عن قصد ، وكان قد عمل للسلطان ضيافة غرم عليها أربعة عشر ألفا ، فلم تقع الموقع لاشتغال السلطان بهمه وما جرى له ولأصحابه ، ثم خلع على النائب ، وأذن له في الانصراف إلى مصر ، فسافر ، واشتغل السلطان بتدبير المملكة في الكرك وحدها ، فكان يحضر دار العدل ، ويباشر الأمور بنفسه ، وقدمت عليه زوجته من مصر ، فذكرت له ما كانوا فيه من ضيق الحال وقلة النفقات .