توفي الشيخ محمد بن قوام ليلة الاثنين الثاني والعشرين من صفر بالزاوية المعروفة بهم غربي الصالحية والناصرية والعادلية ، وصلي عليه بها ، ودفن فيها ، وحضر جنازته ودفنه خلق كثير وجم غفير ، وكان في جملة الجمع الشيخ تقي [ ص: 184 ] الدين ابن تيمية ؛ لأنه كان يحبه كثيرا ، ولم يكن للشيخ محمد مرتب على الدولة ، ولا لزاويته مرتب ولا وقف ، وقد عرض عليه ذلك غير مرة فلم يقبل ، وكان يزار ، وكان لديه علم وفضائل جمة ، وكان فهمه صحيحا ، وكانت له معرفة تامة ، وكان حسن العقيدة ، وطويته صحيحة ، وكان محبا للحديث وآثار السلف ، كثير التلاوة والجمعية على الله عز وجل ، وقد صنف جزءا فيه أخبار جيدة ، رحمه الله ، وبل ثراه بوابل الرحمة ، آمين .
الشيخ الصالح ، الأديب البارع ، الشاعر المجيد ، ، أخو الشيخ محمد بن تمام تقي الدين أبو محمد عبد الله بن الشيخ أحمد بن تمام بن حسان التلي ثم الصالحي الحنبلي ، ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة ، وسمع الحديث ، وصحب الفضلاء ، وكان حسن الشكل والخلق ، طيب النفس ، مليح المجاورة والمجالسة ، كثير المفاكهة ، أقام مدة بالحجاز ، واجتمع بابن سبعين وبالتقي الحوراني ، وأخذ النحو عن ابن مالك ، وابنه بدر الدين ، وصحبه مدة ، وقد صحبه الشهاب محمود مدة خمسين سنة ، وكان يثني عليه بالزهد والفراغ من الدنيا ، توفي ليلة السبت الثالث من ربيع الآخر ، [ ص: 185 ] ودفن بالسفح ، وقد أورد الشيخ علم الدين البرزالي في ترجمته قطعة من شعره ، فمن ذلك قوله :
أسكان المعاهد من فؤادي لكم في خافق منه سكون أكرر فيكم أبدا حديثي
فيحلو والحديث له شجون وأنظمه عقودا من دموعي
فتنثره المحاجر والجفون وأبتكر المعاني في هواكم
وفيكم كل قافية تهون وأسأل عنكم الباكين سرا
وسر هواكم سر مصون وأعتبق النسيم ؛ لأن فيه
شمائل من معاطفكم تبين فكم لي في محبتكم غرام
وكم لي في الغرام بكم فنون