وممن توفي فيها من الأعيان    : الشيخ الصالح المعمر رئيس المؤذنين بجامع دمشق ،  برهان الدين إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد الواني ،  ولد سنة ثلاث وأربعين وستمائة ، وسمع الحديث وروى ، وكان حسن الصوت والشكل ، محببا إلى العوام ، توفي يوم الخميس سادس صفر ، ودفن بباب الصغير ، وقام من بعده في الرياسة ولده أمين الدين محمد الواني ،  المحدث المفيد ، وتوفي بعده ببضع وأربعين يوما ، رحمهما الله . 
الكاتب المطبق المجود المحرر ، بهاء الدين محمود بن خطيب  بعلبك  محيي الدين محمد بن عبد الرحيم بن عبد الوهاب السلمي ،  ولد سنة ثمان وثمانين وستمائة ، واعتنى بهذه الصناعة فبرع فيها ، وتقدم على أهل زمانه قاطبة في النسخ وبقية الأقلام ، وكان حسن الشكل ، طيب الأخلاق ، طيب الصوت ،   [ ص: 378 ] حسن التودد ، توفي في سلخ ربيع الأول ، ودفن بتربة الشيخ أبي عمر ،  رحمه الله . 
علاء الدين السنجاري    - واقف دار القرآن عند باب الناطفانيين شمالي الأموي بدمشق    - علي بن إسماعيل بن محمود ،  كان أحد التجار الصدق الأخيار ذوي اليسار ، المسارعين إلى الخيرات ، توفي بالقاهرة  ليلة الخميس ثالث عشر جمادى الآخرة ، ودفن عند قبر القاضي شمس الدين بن الحريري    . 
العدل نجم الدين التاجر عبد الرحيم بن أبي القاسم عبد الرحمن الرحبي ،  باني التربة المشهورة بالمزة ،  وقد جعل فيها مسجدا ، وأوقف عليها أوقافا دارة ، وصدقات هناك ، وكان من خيار أبناء جنسه ، عدل مرضي عند جميع الحكام ، وترك أولادا وأموالا جمة ، ودارا هائلة ، وبساتين بالمزة ،  وكانت وفاته يوم الأربعاء سابع عشرين جمادى الآخرة ، ودفن بتربته المذكورة بالمزة ،  رحمه الله . 
الشيخ الإمام الحافظ قطب الدين أبو محمد عبد الكريم بن عبد النور بن منير بن عبد الكريم بن علي بن عبد الحق بن عبد الصمد بن عبد النور ، الحلبي  الأصل ، ثم المصري ، أحد مشاهير المحدثين بها ، والقائمين بحفظ الحديث ، وروايته ، وتدوينه ، وشرحه ، والكلام عليه ، ولد سنة أربع وستين وستمائة بحلب ،   [ ص: 379 ] وقرأ القرآن بالروايات ، وسمع الحديث ، وقرأ " الشاطبية " و " الألفية " ، وبرع في فن الحديث ، وكان حنفي المذهب ، وكتب كثيرا ، وصنف شرحا لأكثر "  البخاري    " ، وجمع تاريخا لمصر ،  ولم يكملهما ، وتكلم على السيرة التي جمعها الحافظ عبد الغني ،  وخرج لنفسه أربعين حديثا متباينة الإسناد ، وكان حسن الأخلاق ، مطرحا للكلفة ، طاهر اللسان ، كثير المطالعة والاشتغال ، إلى أن توفي يوم الأحد سلخ رجب ، ودفن من الغد مستهل شعبان عند خاله نصر المنبجي ،  وخلف تسعة أولاد ، رحمه الله . 
القاضي الإمام زين الدين أبو محمد عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف السبكي ،  قاضي المحلة ، ووالد العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي  الشافعي ، سمع من ابن الأنماطي ،  وابن خطيب المزة ،   وحدث ، وكانت وفاته في تاسع شعبان ، وتبعته زوجته ناصرية بنت القاضي جمال الدين إبراهيم بن الحسين السبكي ،  ودفنت بالقرافة ، وقد سمعت من ابن الصابوني  شيئا من " سنن  النسائي    " ، وكذلك ابنتها محمدية ،  وقد توفيت قبلها . 
تاج الدين علي بن إبراهيم بن عبد الكريم المصري ،  ويعرف بكاتب   [ ص: 380 ] قطلوبك ، وهو والد العلامة فخر الدين شيخ الفقهاء الشافعية ومدرسهم في عدة مدارس ، ووالده هذا لم يزل في الخدمة والكتابة إلى أن توفي عنده بالعادلية الصغيرة ليلة الثلاثاء ثالث عشرين شعبان ، وصلي عليه من الغد بالجامع ، ودفن بباب الصغير ، رحمه الله . 
الشيخ الصالح عبد الكافي ،  ويعرف بعبيد بن أبي الرجال بن حسين بن سلطان بن خليفة المنيني ،  ويعرف بابن أبي الأزرق ،  مولده في سنة أربع وأربعين وستمائة بقرية من بلاد بعلبك  ، ثم أقام بقرية منين ،  وكان مشهورا بالصلاح ، وقرئ عليه شيء من الحديث ، وجاوز التسعين . 
الشيخ محمد بن عبد الحق بن شعبان بن علي الأنصاري ،  المعروف بالشياخ ، له زاوية بسفح قاسيون  بالوادي الشمالي ، مشهورة به ، وكان قد بلغ التسعين ، وسمع الحديث وأسمعه ، كانت له معرفة بالأمور ، وعنده بعض مكاشفة ، وهو رجل حسن ، توفي أواخر شوال من هذه السنة . 
الأمير سلطان العرب حسام الدين مهنا بن عيسى بن مهنا ،  أمير العرب بالشام ،  وهم يزعمون أنهم من سلالة جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي ،  من ذرية الولد الذي جاء من العباسة أخت الرشيد ،  فالله أعلم . 
 [ ص: 381 ] وقد كان كبير القدر ، محترما عند الملوك كلهم بالشام  ومصر  والعراق ،  وكان دينا خيرا ، متحريا للحق ، وخلف أولادا وورثة وأموالا كثيرة ، وقد بلغ سنا عالية ، وكان يحب الشيخ تقي الدين ابن تيمية  حبا زائدا ، هو وذريته وعربه ، وله عندهم منزلة وحرمة وإكرام ، يسمعون قوله ويمتثلونه ، وهو الذي نهاهم أن يغير بعضهم على بعض ، وعرفهم أن ذلك حرام ، وله في ذلك مصنف جليل ، وكان وفاة مهنا  هذا ببلاد سلمية  في ثامن عشر ذي القعدة ، ودفن هناك ، رحمه الله تعالى . 
الشيخ الصالح الزاهد فضل بن عيسى بن قنديل العجلوني  الحنبلي ، المقيم بالمسمارية ،  أصله من بلاد خيران ،  كان متقللا من الدنيا ، يلبس ثيابا طوالا ، وعمامة هائلة وهي بأرخص الأثمان ، وكان يعرف تعبير الرؤيا ، ويقصد لذلك ، وكان لا يقبل من أحد شيئا ، وقد عرضت عليه وظائف بجوامك كثيرة وأموال كثيرة فلم يقبلها ، ويرضى بالرغيد الهني من العيش الحسن ، إلى أن توفي في ذي الحجة ، وله نحو تسعين سنة ، ودفن بالقرب من قبر الشيخ تقي الدين ابن تيمية ،  رحمهما الله ، وكانت جنازته حافلة جدا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					