عجيبة من عجائب الدهر  
فبات الناس متقابلين في هذه الليلة وليس بين الجيشين إلا مقدار ميلين أو ثلاثة ، وكانت ليلة مطيرة ، فما أصبح الصبح إلا وقد ذهب من جماعة ألطنبغا  إلى الفخري  خلق كثير من أجناد الحلقة ومن الأمراء والأعيان ، وطلعت   [ ص: 438 ] الشمس وارتفعت قليلا ، فنفذ ألطنبغا  القضاة وبعض الأمراء إلى الفخري  يتهدده ويتوعده ويقوي نفسه عليه ، فما ساروا عنه قليلا حتى ساقت العساكر من الميمنة والميسرة ومن القلب ومن كل جانب مقفرين إلى الفخري ،  وذلك لما هم فيه من ضيق العيش ، وقلة ما بأيديهم من الأطعمة ، وعلف الدواب ، وكثرة ما معهم من الكلف ، فرأوا أن هذا حال يطول عليهم ، ومقتوا أمرهم غاية المقت ، وتطايبت قلوبهم وقلوب أولئك مع أهل البلد على كراهته ، لقوة نفسه فيما لا يجدي عليه ولا عليهم شيئا ، فبايعوا على المخامرة عليه ، فلم يبق معه سوى حاشيته في أقل من ساعة واحدة ، فلما رأى الحال على هذه الصفة كر راجعا هاربا من حيث جاء ، وصحبته الأمير سيف الدين أرقطاي  نائب طرابلس  وأميران آخران ، والتقت العساكر والأمراء ، وجاءت البشارة إلى دمشق  قبل الظهر ، ففرح الناس فرحا شديدا جدا; الرجال والنساء والولدان ، حتى من لا نوبة له ، ودقت البشائر بالقلعة المنصورة ، فأرسلوا في طلب من هرب ، وجلس الفخري  هنالك بقية اليوم يحلف الأمراء على أمره الذي جاء له ، فحلفوا له ، ودخل دمشق  عشية يوم الخميس في أبهة عظيمة ، وحرمة وافرة ، فنزل القصر الأبلق ،  ونزل الأمير طقزدمر  بالميدان الكبير ، ونزل قماري  بدار السعادة ، وأخرجوا الموساوي  الذي كان معتقلا بالقلعة ، وجعلوه مشدا على حوطات حواصل ألطنبغا ،  وكان قد تغضب الفخري  على جماعة من الأمراء; منهم الأمير   [ ص: 439 ] حسام الدين البشمقدار أمير حاجب;  بسبب أنه صاحب لعلاء الدين ألطنبغا ،  فلما وقع ما وقع هرب فيمن هرب ، ولكن لم يأت الفخري ،  بل دخل البلد فتوسط في الأمر ، لم يذهب مع ذاك ولا جاء مع هذا ، ثم إنه استدرك ما فاته فرجع من الباد إلى الفخري ،  وقيل : بل رسم عليه حين جاءوا وهو مهموم جدا ، ثم إنه أعطي منديل الأمان . وكان معهم كاتب السر القاضي شهاب الدين بن فضل الله ،  ثم أفرج عنهم ، ومنهم الأمير سيف الدين حفطية ،  كان شديد الحنق عليه ، فأطلقه من يومه وأعاده إلى الحجوبية ، وأظهر مكارم أخلاق عظيمة ، ورياسة كبيرة ، وكان للقاضي علاء الدين بن المنجا  قاضي قضاة الحنابلة في هذه الكائنة سعي مشكور ، ومراجعة كبيرة للأمير علاء الدين ألطنبغا ،  حتى خيف عليه منه ، وخاطر بنفسه معه ، فأنجح الله مقصده وسلمه منه ، وكبت عدوه ، ولله الحمد والمنة . 
وفي يوم السبت السادس والعشرين منه قلد قضاء العساكر المنصورة الشيخ نور الدين بن الصائغ ،  عوضا عن القاضي الحنفي الذي كان مع النائب المنفصل; وذلك لأنهم نقموا عليه إفتاءه ألطنبغا  بقتال الفخري ،  وفرح بولايته أصحاب الشيخ تقي الدين ابن تيمية    - رحمه الله - وذلك لأنه من أخص من صحبه قديما ، وأخذ عنه فوائد كثيرة وعلوما . 
وفي يوم الأربعاء سلخ رجب آخر النهار قدم الأمير قماري  من عند الملك الناصر ابن الناصر  من الكرك  ، وأخبره بما جرى من أمرهم وأمر ألطنبغا ،  ففرح   [ ص: 440 ] بذلك ، وأخبر قماري  بقدوم السلطان ، ففرح الناس بذلك ، واستعدوا له بآلات المملكة ، وكثرت مطالبته أرباب الأموال والذمة بالجزية . 
وفي مستهل رجب من هذه السنة ركب الفخري  في دست النيابة بالموكب المنصور - وهو أول ركوبه فيه - وإلى جانبه قماري ،  وعلى قماري  خلعة هائلة ، وكثر دعاء الناس للفخري  يومئذ ، وكان يوما مشهودا . وفي هذا اليوم خرج جماعة من المقدمين الألوف إلى الكرك  بإخبار ابن السلطان  بما جرى ، منهم طقزدمر ،  وأقبغا عبد الواحد    - وهو الساقي - ومنكلي بغا ،  وغيرهم . وفي يوم السبت ثالثه استدعى الفخري  القاضي الشافعي ، وألح عليه في إحضار الكتب المعتقلة في سلة الحكم التي كانت أخذت من عند الشيخ تقي الدين ابن تيمية    - رحمه الله - من القلعة المنصورة في أيام جلال الدين القزويني ،  فأحضرها القاضي بعد جهد ومدافعة ، وخاف على نفسه منه ، فقبضها منه الفخري  بالقصر ، وأذن له في الانصراف من عنده وهو متغضب عليه ، وربما هم بعزله لممانعته إياها ، وربما قال قائل : هذه فيها كلام يتعلق بمسألة الزيارة ، فقال الفخري    : كان الشيخ أعلم بالله وبرسوله منكم . واستبشر الفخري  بإحضارها إليه ، فاستدعى بأخي الشيخ زين الدين عبد الرحمن ،  وبالشيخ شمس الدين عبد الرحمن بن قيم الجوزية    - وكان له سعي مشكور فيها - فهنأهما بإحضاره الكتب ، وبيت الكتب تلك الليلة في خزانته للتبرك ، وصلى به الشيخ زين الدين  أخو الشيخ صلاة المغرب بالقصر ، وأكرمه الفخري  إكراما زائدا; لمحبته الشيخ ، رحمه الله . 
 [ ص: 441 ] وفي يوم الأحد رابعه دقت البشائر بالقلعة وفي باب الميدان; لقدوم بشير بالقبض على قوصون  بالديار المصرية ، واجتمع الناس لذلك ، واستبشر كثير منهم بذلك ، وأقبل جماعة من الأمراء إلى الكرك  لطاعة الناصر ابن الناصر ،  واجتمعوا مع الأمراء الشاميين عند الكرك  ، وطلبوا منه أن ينزل إليهم فأبى ، وتوهم أن هذه الأمور كلها مكيدة ليقبضوه ويسلموه إلى قوصون ،  وطلب منهم أن ينظر في أمره ، وردهم إلى دمشق    . وفي هذه الأيام وما قبلها وما بعدها أخذ الفخري  من جماعة من التجار بالأسواق وغيرها زكاة أموالهم سنة ، فتحصل من ذلك زيادة على مائة ألف وسبعة آلاف ، وصودر أهل الذمة بقريب من ذلك زيادة على الجزية التي أخذت منهم عن ثلاث سنين سلفا وتعجيلا ، ثم نودي في البلد يوم الاثنين الحادي والعشرين من الشهر مناداة صادرة من الفخري  برفع الظلامات والطلبات ، وإسقاط ما تبقى من الزكاة والمصادرة ، غير أنهم احتاطوا على جماعة من المشاة المكثرين ليشتروا منهم بعض أملاك الخاص ، والبرهان بن بشارة  الحنفي تحت المصادرة والعقوبة على طلب المال الذي وجده في طميرة وجدها فيما ذكر عنه ، والله أعلم . 
وفي يوم الجمعة الرابع والعشرين منه بعد الصلاة دخل الأمراء الستة الذين توجهوا نحو الكرك  لطلب السلطان أن إلى دمشق  ، فأبى عليهم في هذا الشهر ، ووعدهم وقتا آخر فرجعوا ، وخرج الفخري  لتلقيهم ، فاجتمعوا قبلي جامع القبيبات الكريمي ، ودخلوا كلهم إلى دمشق  في جمع كثير من الأتراك الأمراء والجند ، وعليهم خمدة لعدم قدوم السلطان ، أيده الله . وفي يوم   [ ص: 442 ] الأحد قدم البريد خلف قماري  وغيره من الأمراء يطلبهم إلى الكرك  ، واشتهر أن السلطان رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام وهو يأمره بالنزول من الكرك  وقبول المملكة ، فانشرح الناس لذلك . 
وتوفي الشيخ عمر بن أبي بكر الميهيني البسطي   يوم الأربعاء التاسع والعشرين ، وكان رجلا صالحا ، كثير التلاوة ، والصلاة ، والصدقة ، وحضور مجالس الذكر والحديث ، له همة وصولة على الفقراء المتشبهين بالصالحين وليسوا منهم ، سمع الحديث من الشيخ فخر الدين بن البخاري  وغيره ، وقرأت عليه عن ابن البخاري    " مختصر المشيخة " ، ولازم مجالس الشيخ تقي الدين ابن تيمية    - رحمه الله - وانتفع به ، ودفن بمقابر باب الصغير . 
وفي شهر رمضان المعظم - أوله يوم الجمعة - كان قد نودي في الجيش : آن الرحيل لملتقى السلطان في سابع الشهر . ثم تأخر ذلك إلى بعد العشر ، ثم جاء كتاب من السلطان بتأخر ذلك إلى بعد العيد . وقدم في عاشر الشهر علاء الدين بن تقي الدين الحنفي ،  ومعه ولاية من السلطان الناصر ابن الناصر  بنظر البيمارستان النوري ومشيخة الربوة ، ورتب على الجهات السلطانية ، وكان قد قدم قبله القاضي شهاب الدين بن البارزي  بقضاء حمص  من السلطان - أيده الله تعالى - ففرح الناس بذلك حيث تكلم السلطان في المملكة ، وباشر ، وأمر ، وولى ، ووقع ، ولله الحمد . وفي يوم الأربعاء ثالث عشره دخل الأمير سيف الدين طشتمر الملقب بالحمص الأخضر  من البلاد الحلبية إلى دمشق  المحروسة ، وتلقاه   [ ص: 443 ] الفخري  والأمراء والجيش بكماله ، ودخل في أبهة حسنة ، ودعا له الناس ، وفرحوا بقدومه بعد شتاته في البلاد وهربه من بين يدي ألطنبغا  حين قصده إلى حلب  ، كما تقدم ذكره . 
وفي يوم الخميس رابع عشره خرجت الجيوش من دمشق  قاصدين إلى غزة  لنظرة السلطان حين يخرج من الكرك  السعيد ، فخرج يومئذ مقدمان; طقزدمر ،  وأقبغا عبد الواحد ،  فبرزا إلى الكسوة ، فلما كان يوم السبت خرج الفخري  ومعه طشتمر  وجمهور الأمراء ، ولم يقم بعده بدمشق  إلا من احتيج لمقامهم لمهمات المملكة ، وخرج معه بالقضاة الأربعة ، وقاضي العساكر ، والموقعين ، والصاحب ، وكاتب الجيش ، وخلق كثير . 
وتوفي الشيخ الصالح العابد الناسك أحمد الملقب بالعصيدة  ليلة الأحد الرابع والعشرين من رمضان ، وصلي عليه بجامع تنكز ،  ودفن بالصوفية  قريبا من قبر الشيخ جمال الدين المزي    - تغمدهما الله برحمته - وكان فيه صلاح كثير ، ومواظبة على الصلاة في جماعة ، وأمر بمعروف ، ونهي عن منكر ، مشهورا عند الناس بالخير ، وكان يكثر من خدمة المرضى بالمارستان وغيره ، وفيه إيثار وقناعة وتزهد كثير ، وله أحوال مشهورة ، رحمه الله وإيانا . 
واشتهر في أواخر الشهر المذكور أن السلطان الملك الناصر شهاب الدين أحمد  خرج من الكرك  المحروس صحبة جماعة من العرب والأتراك قاصدا إلى   [ ص: 444 ] الديار المصرية ، ثم تحرر خروجه منها في يوم الاثنين ثامن عشر الشهر المذكور ، فدخل الديار المصرية بعد أيام ، هذا والجيش صامدون إليه ، فلما تحقق دخوله مصر  حثوا في السير إلى الديار المصرية ، وبعث يستحثهم أيضا ، واشتهر أنه لم يجلس على سرير الملك حتى يقدم الأمراء الشاميون صحبة نائبه الأمير سيف الدين قطلوبغا الفخري;  ولهذا لم تدق البشائر بالقلاع الشامية ولا غيرها فيما بلغنا . وجاءت الكتب والأخبار من الديار المصرية بأن يوم الاثنين عاشر شوال كان إجلاس السلطان الملك الناصر شهاب الدين أحمد  على سرير المملكة ، صعد هو والخليفة الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد بن المستكفي  فوق المنبر ، وهما لابسان السواد ، والقضاة تحتهما على درج المنبر بحسب منازلهم ، فخطب الخليفة ، وخلع الأشرف كجك ،  وولى هذا الناصر ،  وكان يوما مشهودا ، واشتهى ولايته لطشتمر  نيابة مصر ،  والفخري  دمشق  ، وأيدغمش   حلب ، فالله أعلم ، ودقت البشائر بدمشق ليلة الجمعة الحادي والعشرين من الشهر المذكور ، واستمرت إلى يوم الاثنين مستهل ذي القعدة ، وزينت البلد يوم الأحد ثالث عشرين منه ، واحتفل الناس بالزينة . 
وفي يوم الخميس المذكور دخل الأمير سيف الدين ألملك    - أحد رءوس المشورة بمصر    - إلى دمشق  في طلب نيابة حماة ،  حرسها الله تعالى . فلما كان يوم الجمعة بعد الصلاة ورد البريد من الديار المصرية ، فأخبر أن طشتمر  الحمص   [ ص: 445 ] الأخضر  مسك ، فتعجب الناس من هذه الكائنة كثيرا ، فخرج من بدمشق  من أعيان الأمراء إلى الحاج ألملك ،  وقد خيم بوطأة برزة ، فأخبروه بذلك ، وأمروه عن مرسوم السلطان أن ينوب بدمشق  حتى يأتي المرسوم بما يعتمدونه ، فأجاب إلى ذلك ، وركب في الموكب يوم السبت السادس والعشرين منه ، وأما الفخري  فإنه لما تنسم هذا الخبر وتحققه وهو بالزعقة ،  فر في طائفة من مماليكه قريب من ستين أو أكثر ، فاخترق وساق سوقا حثيثا ، وجاءه الطلب من ورائه من الديار المصرية في نحو من ألف فارس صحبة الأميرين ألطنبغا المارداني  ويلبغا اليحياوي ،  ففاتهما وسبق ، واعترض له نائب غزة  في جنده فلم يقدر عليه ، فسلطوا عليه العشيرات ينهبونه فلم يقدروا عليه إلا في شيء يسير ، وقتل منهم خلقا ، وقصد نحو صاحبه - فيما يزعم - الأمير علاء الدين أيدغمش  نائب حلب  ، راجيا منه أن ينصره وأن يوافقه على ما قام بنفسه ، فلما وصل إليه أكرمه ، وأنزله ، وبات عنده ، فلما أصبح قبض عليه وقيده ، ورده على البريد إلى الديار المصرية ومعه التراسيم من الأمراء وغيرهم . 
ولما كان يوم الاثنين سلخ ذي القعدة خرج السلطان الملك الناصر شهاب   [ ص: 446 ] الدين أحمد بن الناصر محمد بن المنصور  من الديار المصرية في طائفة من الجيش قاصدا إلى الكرك  المحروس ، ومعه أموال جزيلة ، وحواصل وأشياء كثيرة ، فدخلها في يوم الثلاثاء من ذي الحجة وصحبته طشتمر  في محفة ممرضا ، والفخري  مقيدا ، فاعتقلا بالكرك  المحروس ، وطلب السلطان آلات من أخشاب ونحوها ، وحدادين ، وصناعا ونحوهما; لإصلاح مهمات بالكرك ،  وطلب أشياء كثيرة من دمشق  المحروس ، فحملت إليه . 
ولما كان يوم الأحد السابع والعشرين من ذي الحجة ورد الخبر بأن الأمير ركن الدين بيبرس الأحمدي ،  النائب بصفد  المحروسة - ركب في مماليكه وخدمه ومن أطاعه ، وخرج منها فارا بنفسه من القبض عليه ، وذكر أن نائب غزة  قصده ليقبض عليه بمرسوم السلطان ورد عليه من الكرك  ، فهرب الأحمدي  بسبب ذلك ، ولما وصل الخبر إلى دمشق  وليس بها نائب ، انزعج الأمراء لذلك ، واجتمعوا بدار السعادة ، وضربوا في ذلك مشورة ، ثم جردوا إلى ناحية بعلبك  أميرا ليصدوه عن الذهاب إلى البرية . فلما أصبح الصباح من يوم الاثنين جاء الخبر بأنه في نواحي الكسوة ، ولا مانع من خلاصه ، فركبوا كلهم ، ونادى المنادي : من تأخر من الجند عن هذا النفير شنق ! فاستوثقوا في الخروج ، وقصدوا ناحية الكسوة ، وبعثوا الرسل إليه ، فذكر اعتذارا في خروجه ، وتخلص منهم ، وذهب يومه ذلك ، ورجعوا وقد كانوا ملبسين في يوم حار ، وليس معهم من الأزواد ما يكفيهم سوى يومهم ذلك . فلما كانت ليلة الثلاثاء ركب الأمراء في طلبه من ناحية ثنية العقاب ،  فرجعوا في اليوم الثاني وهو في صحبتهم ، ونزل في القصور   [ ص: 447 ] التي بناها تنكز    - رحمه الله - في طريق داريا ، فأقام بها ، وأجروا عليه مرتبا كاملا من الشعير والغنم وما يحتاج إليه مثله ، ومعه مماليكه وخدمه . فلما كان يوم الثلاثاء سادس المحرم ، ورد كتاب من جهة السلطان فقرئ على الأمراء بدار السعادة يتضمن إكرامه واحترامه والصفح عنه; لتقدم خدمه على السلطان الملك الناصر  وابنه الملك المنصور    . 
ولما كان يوم الأربعاء سابع المحرم ورد البريد من الكرك  إلى الأمير ركن الدين بيبرس  الحاجب نائب الغيبة والحاجب أللمش  بالقبض على الأحمدي ،  فركب الجيش ملبسين يوم الخميس ، وأوكبوا بسوق الخيل ، وراسلوه - وقد ركب في مماليكه بالعدد وأظهر الامتناع - فكان جوابه أن لا أسمع ولا أطيع إلا لمن هو ملك الديار المصرية ، فأما من هو مقيم بالكرك  ويصدر عنه ما يقال عنه من الأفاعيل التي قد سارت بها الركبان ، فلا . فلما بلغ الأمراء هذا توقفوا في أمره ، وسكنوا ، ورجعوا إلى منازلهم ، ورجع هو إلى قصره . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					