[ ص: 479 ] ثم دخلت سنة ست وأربعين وسبعمائة
استهلت هذه السنة ، وسلطان المسلمين بالديار المصرية ، والشامية والحرمين ، والبلاد الحلبية ، وأعمال ذلك - الصالح عماد الدين إسماعيل بن الناصر بن المنصور ، وقضاته بالديار المصرية والشامية هم المذكورون في السنة الماضية ، ونوابه في البلاد هم المذكورون أيضا . وفي يوم الجمعة سادس شهر محرم كملت عمارة الجامع الذي الملك بالمزة الفوقانية ، الذي جدده وأنشأه الأمير بهاء الدين بن المرجاني ، الذي بنى والده مسجد الخيف بمنى ، وهو جامع حسن متسع فيه روح وانشراح ، تقبل الله من بانيه ، وعقدت فيه الجمعة بجمع كثير وجم غفير من أهل المزة ، ومن حضر من أهل البلد ، وكنت أنا الخطيب - يعني : الشيخ عماد الدين المصنف تغمده الله برحمته - ولله الحمد والمنة ، ووقع كلام وبحث في اشتراط المحلل في المسابقة ، وكان سببه أن الشيخ شمس الدين ابن قيم الجوزية صنف فيه مصنفا من قبل ذلك ، ونصر فيه ما ذهب إليه الشيخ تقي الدين ابن تيمية في ذلك ، ثم صار يفتى به جماعة من الترك ، ولا يعزوه إلى الشيخ تقي [ ص: 480 ] الدين ابن تيمية ، فاعتقد من اعتقد أنه قوله ، وهو مخالف للأئمة الأربعة ، فحصل عليه إنكار في ذلك ، وطلبه القاضي الشافعي ، وحصل كلام في ذلك ، وانفصل الحال على أن أظهر الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية الموافقة للجمهور .