[ ص: 364 ] ثم دخلت سنة سبع وأربعين وخمسمائة
فيها توفي السلطان مسعود ، وقام بالأمر من بعده ابن أخيه ملكشاه بن محمود ، ثم جاء السلطان محمد فأخذ الملك ، واستقر له ، وقتل الأمير خاص بك ، وأخذ أمواله ، وألقاه للكلاب فاختبطت بغداد واضطربت الأمور ، وتغيرت القواعد ، وبلغ الخليفة أن واسطا قد تخبطت أيضا ، فركب إليها في الجيش في أبهة عظيمة ، وأصلح شأنها ، وكر على الكوفة والحلة ، ثم عاد إلى بغداد مؤيدا منصورا ; فزينت له البلد ، ولله الحمد .
وفيها ملك عبد المؤمن صاحب بلاد المغرب بجاية ، وهي بلاد بني حماد ، فكان آخر ملوكهم يحيى بن عبد العزيز بن حماد ، ثم بعث جيشا إلى صنهاجة فحاصرها ، وأخذ أموالها .
وفيها كانت وقعة عظيمة بين وبين نور الدين محمود الفرنج ، فكسرهم وقتل منهم خلقا كثيرا ، ولله الحمد والمنة .
وفيها اقتتل سنجر وملك الغور علاء الدين الحسين بن الحسين أول [ ص: 365 ] ملوكهم ، فكسره سنجر وأسره ، فلما أحضره بين يديه قال له : ماذا كنت تصنع بي لو أسرتني ؟ فأخرج قيدا من فضة وقال : كنت أقيدك بهذا . فعفا عنه وأطلقه إلى بلاده ، فسار إلى غزنة فانتزعها من يد صاحبها بهرام شاه السبكتكيني ، واستخلف عليها أخاه سيف الدين فغدر به أهل البلد ، وسلموه إلى بهرام شاه فصلبه ، ومات بهرام شاه قريبا ، فسار إليها علاء الدين فهرب خسرو بن بهرام شاه عنها ، فدخلها علاء الدين فنهبها ثلاثة أيام ، وقتل من أهلها بشرا كثيرا ، وسخر أهلها ، فحملوا ترابا في مخال إلى محلة هناك بعيدة عن البلد ، فعمر من ذلك التراب قلعة معروفة إلى الآن ، وبذلك بني سبكتكين عن بلاد انقضت دولة غزنة وغيرها . وقد كان ابتداء أمرهم في سنة ست وستين وثلاثمائة ، وكانوا من خيار الملوك ، وأكثرهم جهادا في الكفرة ، وأكثرهم أموالا ونساء وعددا وعددا ، قد كسروا الأصنام ، وأبادوا الكفار ، وجمعوا من الأموال ما لم يجمع غيرهم من الملوك ، مع أن بلادهم من أطيب البلاد وأكثرها ريفا ومياها ففني جميعه ، وزال عنهم قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير [ آل عمران : 26 ] ثم ملك الغور والهند وخراسان ، واتسعت ممالكهم وعظم سلطانهم .
وحكى في " المنتظم " أن في هذه السنة باض ديك بيضة [ ص: 366 ] واحدة ، ثم باض باز بيضتين ، وباضت نعامة ليس لها ذكر ، وهذا شيء عجيب . ابن الجوزي