[ ص: 648 ] ثم دخلت سنة ثلاث وستين وسبعمائة 
استهلت هذه السنة وسلطان الديار المصرية ، والشامية ، والحرمين الشريفين ،  وما والاهما من الممالك الإسلامية - السلطان الملك المنصور صلاح الدين محمد ابن الملك المظفر أمير حاج ابن الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاوون   ، وهو شاب دون العشرين ، ومدبر الممالك بين يديه الأمير يلبغا ،  ونائب الديار المصرية قشتمر ، وقضاتها هم المذكورون في التي قبلها ، والوزير سيف الدين قروينة ،  وهو مريض مدنف ، ونائب الشام  بدمشق  الأمير علاء الدين المارداني ،  وقضاته هم المذكورون في التي قبلها ، وكذلك الخطيب ، ووكيل بيت المال ، والمحتسب علاء الدين الأنصاري ،  عاد إليها في السنة المنفصلة ، وحاجب الحجاب قماري ،  والذي يليه السليماني ،  وآخر من مصر  أيضا ، وكاتب السر القاضي ناصر الدين محمد بن يعقوب الحلبي ،   وناظر الجامع القاضي تقي الدين بن مراجل    . وأخبرني قاضي القضاة تاج الدين الشافعي  أنه   [ ص: 649 ] جدد في أول هذه السنة قاض حنفي بمدينة صفد  المحروسة مع  الشافعي ،  فصار في كل من حماة  وطرابلس  وصفد  قاضيان; شافعي ، وحنفي . 
وفي ثاني المحرم قدم نائب السلطنة بعد غيبة نحو من خمسة عشر يوما ، وقد أوطأ بلاد قرير  بالرعب ، وأخذ من مقدميهم طائفة فأودعهم الحبس ، وكان قد اشتهر أنه قصد العشيرات المواسين ببلاد عجلون ،  فسألته عن ذلك حين سلمت عليه ، فأخبرني أنه لم يتعد ناحية قرير ،  وأن العشيرات قد اصطلحوا ، واتفقوا ، وأن التجريدة عندهم هناك ، وقد كبس الأعراب من حرم الترك  فهزمهم الترك ،  وقتلوا منهم خلقا كثيرا ، ثم ظهر للعرب كمين فلجأ الترك  إلى واد حرج فحصروهم هنالك ، ثم ولت الأعراب فرارا ، ولم يقتل من الترك  أحد ، وإنما جرح منهم أمير واحد فقط ، وقتل من الأعراب فوق الخمسين نفسا . 
وقدم الحجاج يوم الأحد الثاني والعشرين من المحرم ، ودخل المحمل السلطاني ليلة الاثنين بعد العشاء ، ولم يحتفل لدخوله كما جرت به العادة; وذلك لشدة ما نال الركب في الرجعة من زيزاء إلى هنا من البرد الشديد ، بحيث إنه قد قيل : إنه مات منهم بسبب ذلك نحو المائة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولكن أخبروا برخص كثير ، وأمن ، وبموت ثقبة أخي عجلان  صاحب مكة  ، وقد استبشر بموته   [ ص: 650 ] أهل تلك البلاد لبغيه على أخيه عجلان  العادل فيهم . 
				
						
						
