أعجوبة من العجائب
وحضر شاب عجمي من بلاد تبريز وخراسان يزعم أنه يحفظ " " ، و " البخاري مسلما " ، و " جامع المسانيد " ، و " الكشاف " وغير ذلك من [ ص: 659 ] محافيظ في فنون أخر ، فلما كان يوم الأربعاء سلخ شهر رجب قرأ - في للزمخشري ، الجامع الأموي بالحائط الشمالي منه عند باب الكلاسة - علي من أول " صحيح " إلى أثناء كتاب العلم منه من حفظه ، وأنا أقابل عليه من نسخة بيدي فأدى جيدا ، غير أنه يصحف بعض الكلمات لعجم فيه ، وربما لحن أيضا في بعض الأحيان ، واجتمع خلق كثير من العامة والخاصة ، وجماعة من المحدثين ، فأعجب ذلك جماعة كثيرين ، وقال آخرون منهم : إن سرد بقية الكتاب على هذا المنوال لعظيم جدا ، ثم اجتمعنا في اليوم الثاني - وهو مستهل شعبان - في المكان المذكور ، وحضر قاضي القضاة الشافعي ، وجماعة من الفضلاء ، واجتمع العامة محدقين ، فقرأ على العادة غير أنه لم يطول كأول يوم ، وسقط عليه بعض الأحاديث ، وصحف ، ولحن في بعض الألفاظ ، ثم جاء القاضيان - الحنفي والمالكي - فقرأ بحضرتهما أيضا بعض الشيء ، هذا والعامة محتفون به متعجبون من أمره ، ومنهم من يتقرب بتقبيل يديه ، وفرح بكتابتي له بالسماع على الإجازة ، وقال : أنا ما خرجت من بلادي إلا إلى القصد إليك ، وأن تجيزني ، وذكرك في بلادنا مشهور . ثم رجع إلى البخاري مصر ليلة الجمعة ، وقد كارمه القضاة والأعيان بشيء من الدراهم يقارب الألف .