[ ص: 46 ] ذكر شرور تحدث في هذه الأمة في آخر الزمان وإن كان قد وجد بعضها في زماننا أيضا
قال ابن ماجه في كتاب الفتن من " سننه " : حدثنا محمود بن خالد الدمشقي ، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب ، عن ابن أبي مالك ، عن أبيه ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عبد الله بن عمر ، قال : أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " المهاجرين ، خمس خصال إذا ابتليتم بهن ، وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها ، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم ، إلا منعوا القطر من السماء ، ولولا البهائم لم يمطروا ، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله ، إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم ، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ، ويتخيروا مما أنزل الله ، إلا جعل الله بأسهم بينهم " . تفرد به يا معشر ابن ماجه ، وفيه غرابة .
وقال الترمذي : حدثنا صالح بن عبد الله ، حدثنا الفرج بن فضالة أبو فضالة الشامي ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن عمر بن علي ، عن [ ص: 47 ] علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " . قيل : وما هي يا رسول الله؟ قال : " إذا كان المغنم دولا ، والأمانة مغنما ، والزكاة مغرما ، وأطاع الرجل زوجته ، وعق أمه ، وبر صديقه ، وجفا أباه ، وارتفعت الأصوات في المساجد ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، وأكرم الرجل مخافة شره ، وشربت الخمر ، ولبس الحرير ، واتخذت القينات ، والمعازف ، ولعن آخر هذه الأمة أولها ، فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء ، أو خسفا ومسخا إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل فيها البلاء " . ثم قال الترمذي : هذا حديث غريب ، لا نعرفه من حديث علي إلا من هذا الوجه ، ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث عن يحيى بن سعيد الأنصاري غير الفرج بن فضالة ، ، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه ، وقد روى عنه وغير واحد من الأئمة . وكيع
وقال : حدثنا الحافظ أبو بكر البزار محمد بن الحسين القيسي ، حدثنا يونس بن أرقم ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن ، عن عن أبيه ، عن جده ، عن زيد بن علي بن الحسين ، علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال : " . ثم قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ، فلما صلى صلاته ناداه رجل : متى الساعة؟ فزبره رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره ، وقال : " اسكت " . حتى إذا أسفر [ ص: 48 ] رفع طرفه إلى السماء ، فقال : " تبارك رافعها ومدبرها " . ثم رمى ببصره إلى الأرض ، فقال : " تبارك داحيها وخالقها " . ثم قال : " أين السائل عن الساعة؟ " فجثا الرجل على ركبتيه ، فقال : أنا بأبي وأمي سألتك . فقال : " ذلك عند حيف الأئمة ، وتصديق بالنجوم ، وتكذيب بالقدر ، وحتى تتخذ الأمانة مغنما ، والصدقة مغرما ، والفاحشة زيادة . فعند ذلك هلك قومك البزار : لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، ويونس بن أرقم كان صادقا ، روى عنه الناس ، وفيه شيعية شديدة .
ثم قال الترمذي : حدثنا علي بن حجر ، حدثنا محمد بن يزيد ، عن المستلم بن سعيد ، عن رميح الجذامي ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبي هريرة " . وقال : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه . إذا اتخذ الفيء دولا ، والأمانة مغنما ، والزكاة مغرما ، وتعلم لغير الدين ، وأطاع الرجل امرأته ، وعق أمه ، وأدنى صديقه ، وأقصى أباه ، وظهرت الأصوات في المساجد ، وساد القبيلة فاسقهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، وأكرم الرجل مخافة شره ، وظهرت القينات والمعازف ، وشربت الخمور ، ولعن آخر هذه الأمة أولها ، فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء ، وخسفا ، ومسخا ، وقذفا ، وآيات تتابع ، كنظام بال قطع سلكه فتتابع
[ ص: 49 ] حدثنا حدثنا عباد بن يعقوب الكوفي ، عبد الله بن عبد القدوس ، عن الأعمش ، عن هلال بن يساف ، عن عمران بن حصين ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " . فقال رجل من المسلمين : ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال : " إذا ظهرت القينات والمعازف ، وشربت الخمور في هذه الأمة خسف ، ومسخ ، وقذف " . ثم قال : هذا حديث غريب ، وروي هذا الحديث عن الأعمش ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا .
وقال الترمذي : حدثنا موسى بن عبد الرحمن الكندي ، حدثنا أخبرني زيد بن حباب ، موسى بن عبيدة ، أخبرني عن عبد الله بن دينار ، ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فارس والروم ، سلط شرارها على خيارها " . وهذا حديث غريب ، وقد رواه " إذا مشت أمتي المطيطاء ، وخدمها أبناء الملوك ، أبناء أبو معاوية ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عن عبد الله بن دينار ، عبد الله بن عمر ، فذكره ، ولا نعرف له أصلا ، وقد رواه مالك ، عن يحيى بن سعيد ، مرسلا .
ثم روى من حديث صالح المري ، عن سعيد الجريري ، عن عن أبي عثمان النهدي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبي هريرة ، " . ثم قال : غريب ، لا نعرفه إلا من حديث إذا كان أمراؤكم خياركم ، وأغنياؤكم سمحاءكم ، وأموركم شورى بينكم ، فظهر الأرض خير [ ص: 50 ] لكم من بطنها ، وإذا كان أمراؤكم شراركم ، وأغنياؤكم بخلاءكم ، وأموركم إلى نسائكم ، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها صالح المري ، وله غرائب لا يتابع عليها ، وهو رجل صالح .
وروى من طريق الحافظ أبو بكر الإسماعيلي مبارك بن حسان ، عن عمر بن عاصم بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف أنتم إذا طغى نساؤكم ، وفتق شأنكم؟ " قالوا : يا رسول الله ، وإن ذلك لكائن؟! قال : " وأشد من ذلك ، لا تأمرون بالمعروف ، ولا تنهون عن المنكر " . قالوا : وإن ذلك لكائن؟! قال : " وأشد من ذلك ، ترون المعروف منكرا والمنكر معروفا " . قالوا : وإن ذلك لكائن؟! قال : " وأشد منه; تأمرون بالمنكر وتنهون عن المعروف " . قالوا : وإن ذلك لكائن؟ قال : " وأشد من ذلك " . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بئس أولئك القوم ، وبئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ، وبئس القوم قوم يستحلون المحرمات والشهوات بالشبهات ، وبئس القوم قوم يمشي المؤمن بين أظهرهم بالتقية والكتمان " .
وقال : حدثنا الإمام أحمد خلف بن الوليد ، حدثنا عباد بن عباد ، عن عن مجالد بن سعيد ، أبي الوداك ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبي سعيد الخدري مضر عباد الله حتى لا يعبد لله اسم ، وليضربنهم المؤمنون حتى لا يمنعوا ذنب تلعة " . تفرد به لتضربن أحمد من هذا الوجه .
[ ص: 51 ] وقال أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا عن حماد ، يعني ابن سلمة ، أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " . لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد
ورواه أبو داود ، والنسائي ، من حديث وابن ماجه ، حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن زاد أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ، أبو داود : وعن قتادة ، كلاهما عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، به ، وسيأتي في ذكر أشراط الساعة حديث ابن مسعود ، وفيه : " وتزخرف المحاريب ، وتخرب القلوب " .
وقال : حدثنا الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون ، عن شريك بن عبد الله ، عثمان بن عمير ، عن عن زاذان أبي عمر ، عليم ، قال : كنا جلوسا على سطح ، معنا رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال يزيد : لا أعلمه إلا عبسا الغفاري - والناس يخرجون في الطاعون ، فقال عبس : يا طاعون ، خذني . ثلاثا يقولها ، فقال له عليم : لم تقول هذا؟ ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " . فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يتمنى أحدكم الموت؟ فإنه عند انقطاع عمله ، ولا يرد فيستعتب " . تفرد به بادروا بالموت ستا : إمرة السفهاء ، وكثرة الشرط ، وبيع الحكم ، واستخفافا بالدم ، وقطيعة الرحم ، ونشوا يتخذون القرآن مزامير [ ص: 52 ] يقدمونه يغنيهم وإن كان أقل منهم فقها أحمد .
وفي رواية أبي معلى عن الحكم بن عمرو مثله أو نحوه ، كما ذكرنا في الزيادات على " مسند أحمد " ، والله سبحانه أحمد ، وقد قال : حدثنا الطبراني ابن إسحاق التستري ، حدثنا حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي ، جميل بن عبيد الطائع ، حدثنا أبو معلى ، قال : قال الحكم الغفاري : يا طاعون ، خذني إليك . فقال له رجل من القوم : لم تقول هذا ، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " " ؟ فقال : قد سمعت ما سمعتم ، ولكني أبادر ستا : بيع الحكم ، وكثرة الشرط ، وإمارة الصبيان ، وسفك الدماء ، وقطيعة الرحم ، ونشوا يكونون في آخر الزمان يتخذون القرآن مزامير . لا يتمنين أحدكم الموت
وروى من حديث الطبراني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " . له شاهد في " صحيح سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ " . قيل : ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال : " إذا ظهرت المعازف والقينات ، واستحلت الخمر " من حديث البخاري أبي مالك أو أبي عامر ، كما جزم به . البخاري
وقال : ثنا الإمام أحمد يحيى بن أبي بكير ، ثنا [ ص: 53 ] سمعت أبي يذكر عن عبيد الله بن إياد بن لقيط ، حذيفة ، قال تفرد به سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة ، فقال : " علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ، ولكن أخبركم بمشاريطها ، وما يكون بين يديها ، إن بين يديها فتنا وهرجا " . قالوا : يا رسول الله ، الفتنة عرفناها ، فالهرج ما هو؟ قال : " هو بلسان الحبشة القتل " . قال : " ويلقى بين الناس التناكر فلا يكاد أحد يعرف أحدا " . أحمد .
وقال أحمد أيضا : ثنا أبو المغيرة ، ثنا صفوان ، حدثني السفر بن نسير الأزدي وغيره ، عن حذيفة بن اليمان ، أنه قال : يا رسول الله ، إنا كنا في شر ، فذهب الله بذلك الشر ، وجاء بخير على يديك ، فهل بعد الخير من شر؟ قال : " نعم " . قلت : ما هو؟ قال : " فتن كقطع الليل المظلم يتبع بعضها بعضا ، تأتيكم مشتبهة كوجوه البقر لا تدرون أيا من أي " .
وقال أحمد : ثنا سليمان ، ثنا إسماعيل ، حدثني عمرو ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي ، عن حذيفة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " . لا تقوم الساعة حتى تقتلوا إمامكم ، وتجتلدوا بأسيافكم ، ويرب دنياكم شراركم
وبه : " " . وقال لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع ابن لكع : ثنا الطبراني الحسين بن إسحاق التستري ، ثنا عمرو بن هشام [ ص: 54 ] أبو أمية الحراني ، ثنا عثمان بن عبد الرحمن ، عن صدقة ، عن زيد بن واقد ، عن العلاء بن الحارث ، عن حزام بن حكيم بن حزام ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " . إنكم قد أصبحتم في زمان كثير فقهاؤه ، قليل خطباؤه ، كثير معطوه ، قليل سائلوه ، العمل فيه خير من العلم ، وسيأتي زمان قليل فقهاؤه ، كثير خطباؤه ، كثير سؤاله ، قليل معطوه ، العلم فيه خير من العمل
وقال أحمد : ثنا أخبرني حماد بن أسامة ، مسعر ، عن عبد الملك ، عن هلال بن يساف ، عن عبد الله بن ظالم ، عن سعيد بن زيد قال : " . تفرد به . ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنا كقطع الليل المظلم ، أراه قال : " فيذهب الناس أسرع ذهاب " . قال : فقيل : يا رسول الله ، كلهم هالك أو بعضهم؟ قال : " حسبهم - أو : بحسبهم - القتل
وقال أحمد أيضا : ثنا عبد الرحمن ، ثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي عثمان ، عن خالد بن عرفطة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " . يا خالد ، إنها ستكون بعدي أحداث وفتن ، فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول لا القاتل فافعل
وروى من حديث الطبراني ثابت بن عجلان ، حدثني أبو كثير المحاربي ، [ ص: 55 ] سمعت خرشة المحاربي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " . وذكر الحديث . ستكون فتن ، النائم فيها خير من اليقظان ، والجالس فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ، ألا فمن أتت عليه فليمش بسيفه إلى الصفا فليضرب به حتى ينكسر ، ثم ليضطجع حتى تنجلي عما انجلت