خبر عجيب ، ونبأ غريب 
قال نعيم بن حماد  في " كتاب الفتن " : حدثنا أبو عمر ،  عن  عبد الله بن لهيعة ،  عن عبد الوهاب بن حسين ،  عن محمد بن ثابت ،  عن أبيه ، عن الحارث ،  عن  عبد الله بن مسعود ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بين أذني حمار الدجال  أربعون ذراعا ،  وخطوة حماره مسيرة ثلاثة أيام ، يخوض البحر كما يخوض أحدكم الساقية ، ويقول : أنا رب العالمين ، وهذه الشمس تجري بإذني ، أفتريدون أن أحبسها؟ فتحبس الشمس ، حتى يجعل اليوم كالشهر والجمعة ،  ويقول : أتريدون أن أسيرها؟ فيقولون : نعم . فيجعل اليوم كالساعة ، وتأتيه المرأة فتقول : يا رب; أحي لي ابني ، وأحي لي زوجي . حتى إنها تعاين شياطين على صورهم ، . وبيوتهم مملوءة شياطين ، ويأتيه الأعراب فتقول : يا ربنا ، أحي لنا إبلنا وغنمنا . فيعطيهم شياطين أمثال إبلهم وغنمهم ، سواء بالسن والسمة ، فيقولون : لو لم يكن هذا ربنا لم يحي لنا موتانا . ومعه جبل من مرق وعراق   [ ص: 212 ] اللحم ، حار لا يبرد ، ونهر جار ، وجبل من جنان وخضرة ، وجبل من نار ودخان ، يقول : هذه جنتي وهذه ناري ، وهذا طعامي وهذا شرابي . واليسع ،  عليه السلام ، معه ينذر الناس منه; يقول : هذا المسيح الكذاب  فاحذروه ، لعنه الله . ويعطيه الله من السرعة والخفة ما لا يلحقه الدجال ،  فإذا قال : أنا رب العالمين . قال له الناس : كذبت . ويقول اليسع    : صدق الناس . فيمر بمكة ،  فإذا هو بخلق عظيم ، فيقول : من أنت؟ فيقول : أنا ميكائيل ،  بعثني الله أن أمنعه من حرمه . ويمر بالمدينة ،  فإذا هو بخلق عظيم ، فيقول : من أنت؟ فيقول : أنا جبريل ،  بعثني الله لأمنعه من حرم رسوله . فيمر الدجال  بمكة ،  فإذا رأى ميكائيل  ولى هاربا ، فيصيح ، فيخرج إليه من مكة  منافقوها ، ومن المدينة  كذلك . ويأتي النذير إلى الذين فتحوا القسطنطينية ،  ومن تألف من المسلمين ببيت المقدس  أن الدجال  قد خرج وخلفكم في ذراريكم " . قال : " فيتناول الدجال  ذلك ، فيقول : هذا الذي يزعم أني لا أقدر عليه ، فاقتلوه . فينشر فيقول : أنا أحييه ، قم . فيأذن الله بإحيائه ، ولا يأذن بإحياء نفس غيرها ، فيقول : أليس قد أمتك ثم أحييتك؟ فيقول : الآن قد ازددت فيك يقينا; بشرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنك تقتلني ، ثم أحيا بإذن الله لا بإذنك . فيوضع على جلده صفائح من نحاس ، فلا يحيك فيه سلاحهم ، فيقول : اطرحوه في ناري . فيحول الله ذلك الجبل على النذير  جنانا ، فيشك الناس فيه ، ويبادر إلى بيت المقدس ،  فإذا صعد على عقبة أفيق   [ ص: 213 ] وقع ظله على المسلمين ، فيوترون قسيهم لقتاله ، فأقواهم من يوتر وهو بارك ، أو جالس من الجوع والضعف ، ويسمعون النداء : جاءكم الغوث . فيقولون : هذا كلام رجل شبعان . وتشرق الأرض بنور ربها ، وينزل عيسى ابن مريم ،  ويقول : يا معشر المسلمين ، احمدوا ربكم وسبحوه . فيفعلون ، ويريدون الفرار ، فيضيق الله عليهم الأرض ، فإذا أتوا باب لد  في نصف ساعة ، فيوافون عيسى ابن مريم ،  عليه السلام ، فإذا نظر الدجال  إلى عيسى  قال : أقم الصلاة . فيقول الدجال    : يا نبي الله ، قد أقيمت الصلاة . فيقول عيسى    : يا عدو الله ، زعمت أنك رب العالمين ، فلمن تصلي؟ فيضربه بمقرعة في يده فيقتله ، فلا يبقى أحد من أنصاره خلف شيء إلا نادى : يا مؤمن ، هذا دجال فاقتله . إلى أن قال : فتمتعوا أربعين سنة ، لا يموت أحد ، ولا يمرض أحد ، ويقول الرجل لغنمه ودوابه : اذهبوا فارعوا . وتمر الماشية بين الزرعين لا تأكل منه سنبلة ، والحيات والعقارب لا تؤذي أحدا ، والسبع على أبواب الدور لا يؤذي أحدا ، ويأخذ الرجل المد من القمح ، فيبذره بلا حراث ، فيجيء منه سبعمائة مد ، فيمكثون في ذلك كذلك حتى يكسر سد يأجوج ومأجوج ،  فيخرجون ويفسدون ما على الأرض ، فيستغيث الناس ، فلا يستجاب لهم ، وأهل طور سيناء  هم الذين فتح الله عليهم القسطنطينية  فيدعون ، فيبعث الله عليهم دابة من الأرض ذات قوائم ، فتدخل في آذانهم ، فيصبحون موتى أجمعون ، وتنتن الأرض منهم ، فيؤذون الناس بنتنهم أشد من حياتهم ، فيستغيثون بالله تعالى ، فيبعث الله ريحا يمانية غبراء ، فتصير على الناس غما ودخانا ، وتقع عليهم   [ ص: 214 ] الزكمة ، ويكشف ما بهم بعد ثلاث ، وقد قذفت جيفهم في البحر ، ولا يلبثون إلا قليلا حتى تطلع الشمس من مغربها ، وجفت الأقلام ، وطويت الصحف ، ولا يقبل من أحد توبة ، ويخر إبليس ساجدا ينادي : إلهي ، مرني أن أسجد لمن شئت . ويجتمع إليه الشياطين ، تقول : يا سيدنا ، إلى من تفزع؟ فيقول : سألت ربي أن ينظرني إلى يوم البعث ، وقد طلعت الشمس من مغربها ، وهذا الوقت المعلوم . وتصير الشياطين ظاهرة في الأرض ، حتى يقول الرجل : هذا قريني الذي كان يغويني ، فالحمد لله الذي أخزاه . ولا يزال إبليس ساجدا باكيا ، حتى تخرج الدابة فتقتله وهو ساجد ، ويتمتع المؤمنون بعد ذلك أربعين سنة ، لا يتمنون شيئا إلا أعطوه ، وبرز المؤمنون ، لا يموت مؤمن حتى تتم أربعون سنة بعد الدابة ، ثم يعود فيهم الموت ويسرع ، فلا يبقى مؤمن ، ويقول الكافر : قد كنا مرعوبين من المؤمنين ، فلم يبق منهم أحد ، وليس يقبل منا توبة . فيتهارجون في الطرق كالبهائم ، حتى ينكح الرجل أمه في وسط الطريق ، يقوم واحد عنها ، وينزل عليها آخر ، وأفضلهم من يقول : لو تنحيتم عن الطريق كان أحسن . فيكونون على ذلك ، حتى لا يولد أحد من نكاح ، ثم يعقم الله النساء ثلاثين سنة ، إلا الزواني والزانيات فإنهن يحبلن ، ويلدن من الزنى ، ويكونون كلهم أولاد زنى ، شرار الناس ، فعليهم تقوم الساعة   " . كذا رواه  الطبراني ،  عن عبد الرحمن بن حاتم المرادي ،  عن نعيم بن حماد ،  فذكره . 
قال شيخنا الحافظ الذهبي    : وهذا الحديث شبه موضوع ، وأبو عمر  مجهول ، وعبد الوهاب  كذلك ، وشيخه يقال له : البناني    . وقد أنبأني شيخنا الذهبي  إجازة - إن لم يكن سماعا - أنبأنا أبو الحسين اليونيني ،  أنبأنا البهاء  [ ص: 215 ] عبد الرحمن ،  حضورا ، أنبأنا عتيق بن صيلا ،  أنبأنا عبد الواحد بن علوان ،  أنبأنا أبو عمرو بن دوست ،  حدثنا أحمد بن سلمان النجاد ،  حدثنا محمد بن غالب ،  حدثنا أبو سلمة التبوذكي ،  حدثنا حماد بن سلمة ،  حدثنا علي بن زيد ،  عن الحسن  قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدجال يتناول السحاب ، ويخوض البحر إلى ركبتيه ، ويسبق الشمس إلى مغربها ، وتسير معه الآكام طعاما ، وفي جبهته قرن مكسور الطرف ، يخرج منه الحيات ، وقد صور في جسده السلاح كله ، حتى الرمح والسيف والدرق   " . قلت للحسن    : يا أبا سعيد ،  ما الدرق؟ قال : الترس . ثم قال شيخنا : هذا من مراسيل الحسن ،  وهي ضعيفة . 
وقال ابن منده  في " كتاب الإيمان " : حدثنا محمد بن الحسين المديني ،  حدثنا أحمد بن مهدي ،  حدثنا سعيد بن سليمان سعدويه ،  حدثنا خلف بن خليفة ،  عن  أبي مالك الأشجعي ،  عن ربعي ،  عن حذيفة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أعلم بما مع الدجال  منه ، معه نهران ، أحدهما نار تأجج في عين من يراه ، والآخر ماء أبيض ، فمن أدركه منكم فليغمض عينيه ، وليشرب من الذي يراه نارا; فإنه ماء بارد ، وإياكم والآخر ، فإنه فتنة ، واعلموا أنه مكتوب بين عينيه : كافر ، يقرؤه من كتب ، ومن لم يكتب ، وأن إحدى عينيه ممسوحة ، عليها ظفرة ، وأنه يطلع من آخر عمره على بطن الأردن  على ثنية فيق ، وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن ،  وأنه يقتل من المسلمين ثلثا ، ويهزم ثلثا ، ويبقى ثلث ، فيحجز بينهم الليل ، فيقول بعض المؤمنين لبعض : ما تنتظرون أن   [ ص: 216 ] تلحقوا بإخوانكم في مرضاة ربكم؟ من كان عنده فضل طعام فليعد به على أخيه ، وصلوا حتى ينفجر الفجر ، وعجلوا الصلاة ، ثم أقبلوا على عدوكم ، فلما قاموا يصلون ، نزل عيسى ابن مريم ،  عليه السلام ، وإمامهم يصلي بهم ، فلما انصرف قال : هكذا فرجوا بيني وبين عدو الله . فيذوب كما يذوب الملح ، فيسلط الله عليهم المسلمين فيقتلونهم ، حتى إن الحجر والشجر لينادي : يا عبد الله ، يا مسلم ، هذا يهودي فاقتله . فيعينهم الله ، ويظهر المسلمون ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، فبينما هم كذلك إذ أخرج الله يأجوج ومأجوج ،  فيشرب أولهم البحيرة ، ويجيء آخرهم ، وقد انتشفوا ، فما يدعون فيها قطرة ، فيقولون : كان هاهنا أثر ماء مرة . ونبي الله وأصحابه وراءهم حتى يدخلوا مدينة من مدائن فلسطين ،  يقال لها : باب لد    . فيقولون : ظهرنا على من في الأرض ، فتعالوا نقاتل من في السماء . فيدعو الله نبيه ، عليه السلام ، عند ذلك ، فيبعث الله عليهم قرحة في حلوقهم ، فلا يبقى منهم بشر ، وتؤذي ريحهم المسلمين ، فيدعو عيسى  عليهم ، فيرسل الله عليهم ريحا تقذفهم في البحر أجمعين   " . قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي    : هذا إسناد صالح . قلت : وفيه سياق غريب ، وأشياء منكرة . والله أعلم . 
وقال  ابن عساكر  في ترجمة شيخ من أهل دمشق ،  عن العلاء بن عبد الرحمن ،  عن أبيه ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا الأثر في قريش  يليه برهم ببرهم ، وفاجرهم بفاجرهم ، حتى يدفعوه إلى عيسى ابن مريم    " . وفي لفظ : " برهم ببره ، وفاجرهم بفجوره " . قال  ابن عساكر    : وهو الأصح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					